رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَنْسَاهُ الرَّحِمُ يَسْتَحْلِيهِ الدُّودُ. لاَ يُذْكَرُ بَعْدُ، وَيَنْكَسِرُ الأَثِيمُ كَشَجَرَةٍ [20]. " تنساه الرحم": يظن الشرير أن الكل يخشاه وأن الكل يذكره، لكن سرعان ما تنساه أمه التي ولدته. حقًا لا تنسى الكنيسة كل البشرية، بل تئن من أجل كل نفسٍ تهلك. إنها تصرخ مع عريسها السماوي: "هل تنسى المرأة رضيعها، فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساكِ" (إش 49: 15). ولكن من يصر على شره وعقوقه، لا تلزمه الكنيسة بالخلاص، وإنما بعزلة لنفسه من المسيح واهب الخلاص يسمع الصوت الإلهي: "إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت 7: 23) وتقول له الكنيسة إنها قد نسته، لا تعود تذكره! " ويستحليه الدود" بمعنى أن الله لا يحكم عليه بالموت بتعليقه على الأسوار لتأكله طيور السماء أو بإلقائه لوحوش مفترسة، إنما يترك الشرير يموت ويدفن في القبر ويستعذبه الدود! إنه يموت كسائر البشر، يرقد في هدوء إلى أن يقف أمام الديان فيحكم عليه شره، ويكون مصيره مع إبليس وملائكته. كانوا في القديم يعتقدون بأن الدود يوجد في الجلد وفي كل أجزاء الجسم، وأنه هو الذي يهلك الجسم.اقتبس روبرت Roberts في كتابه Oriental Illustrations عن عمل طبي هندي قديم أنه يوجد في أجزاء الجسم المختلفة 18 نوعًا من الدود. اعتاد المرضي في الهند أن يقولوا: "آه جسمي صار عشًا للدود، يتسلل في كل هيكلي". "هوذا الدود يأكل جسمي بلا توقف ". "لا يذكر لعبد، وينكسر الأثيم كشجرة "، بموته لا يعود له ذكرى، بل ينساه البشر، حاسبًا إياه كشجرةٍ انكسرت! بل وينساه الله - إن صح التعبير - ليقول له في يوم الدينونة إنه لا يعرفه (لو 13: 27). لا يعود يذكره الله، أي لا يهبه مراحمه ونعمته، فيكون كمن هو منسي من الله. *ليته لا يكون له ذكرى، ليسحق مثل جذع غير مثمرٍ" [20]. من يبقى حتى نهاية حياته خاضعًا لعادات شريرة لا يُعود تكون له ذكرى لدى خالقه، أي ذكرى الأمور الهامة في الأعالي لمثل هذا الإنسان (الشرير) التي يمكن أن تجعله يرتد عن شره. إذ يدرك أنه مستحق أن يُمحى تمامًا من ذكرى خالقه. لكن لنضع في الذهن أن الله لا يمكن أن يُقال عنه إنه "يتذكر" بطريقة دقيقة، فإن ذاك الذي لن يقدر أن ينسى، بأية كيفية، يمكنه أن يتذكر؟ إنما هذا هو طريقنا نحن أن نتذكر من نحتضنهم، وأن ننسى من نجعل أنفسنا بعيدين عنهم، فإنه يُقال عن الله أنه يذكر عندما يقدم هبات، وذلك باستخدام اللغة البشرية، وأنه ينسى عندما يهجر من هو في جريمة... هكذا مكتوب: "عينا الرب في كل موضعٍ، تنظران الأشرار والصالحين" (أم 3:15). ويقول المرتل: "وجه الرب على الذين يفعلون الشر، ويقطع ذكراهم من الأرض" (مز16:34). لهذا فهو يتطلع إلى الشخص الذي يعاقبه، لكنه يحسب أنه لا يعرف قبلًا هؤلاء الأشخاص. فسيقول للبعض في النهاية: "إني لست أعرفكم من أين أنتم. اذهبوا عني يا كل فاعلي الشر" (لو 27:13). هكذا يرى وينسى حياة الأشرار بطريقة عجيبة، بكونه يصدر حكمًا قاسيًا، وينسى ذكرى الرحمة. البابا غريغوريوس (الكبير) يجب عليكم أن تفكروا بنفس الأسلوب عن هؤلاء الأغنياء الجشعين، فإنهم نوع من اللصوص، يكمنون في الطرقات، ويسرقون المارة، ويخفون خيراتهم في منازلهم كما في المغارات والشقوق. لهذا نحن لا نعتبرهم سعداء لما لديهم، ولكنهم تعساء لما ينتظرهم. وبسبب المحاكمة الرهيبة والحكم الإلهي الذي لا يرحم والظلمة الخارجية التي تنتظرهم. صحيح غالبًا ما يهرب اللصوص من أيدي الناس، ومع من ذلك ومع معرفتنا بهذا نصلي من أجل أنفسنا ومن أجل أعدائنا لنتجنب تلك الحياة بغناها البغيض. ولكن مع الله لا نستطيع قول ذلك، فسوف لا يهرب أحد من حكمه، وإنما كل الذين يعيشون بالسرقة والاحتيال سيجلبون على أنفسهم عقابًا أبديًا لا نهاية له، مثل هذا الغني (في مثل لعازر والغني). يا أحبائي إذا استعدنا كل هذه الأفكار في أذهاننا لا نعود نعتبر السعيد هو الغني ولكن الصالح، ولا نعتبر أن البائس هو الفقير بل الشرير. "لا تأخذ بعين الاعتبار ما هو حاضر، بل ما هو آتٍ". القديس يوحنا الذهبي الفم |
|