رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نُحب لأنه أولًا أحبنا عندما أفكر بخطاياي -ولن أقول هنا ضعفات- كي لا أجعل وقعها أخف على السمع وأبدو بصورة الضحية. فالخطية هي نتيجة لضعفنا البشري بنظر الرب القوي القادر على افتداء أي شيء. بينما نحن وأنا كمثال عندما نرتكب الخطية نكون في تلك اللحظة أقوياء وقادرين على ارتكابها، لا بل أقوياء وممارسين لسلطان وحرية إرادتنا لدرجة أننا نعلن في تلك اللحظة أسياد أنفسنا وآلهة ملكوتنا ورؤساء جمهورية كل واحد نفسه متحدين بذلك الرب. وخارجين من كنفه الذي لا نريد فيه إن نكون صغارا يأكلون قوت يومهم يعيشون في كنف الرب. وتحت ظل جناحيه، راتعين في مخبأه، متنعمين بحميميه خوافيه… ولا داعٍ هنا للتذكير بالأمثلة التي لا حصر لها التي تشير دون استثناء إلى عودة الإنسان إذا كان تلميذا في كل مرة مطأطأ الرأس، مكسور الجناحين، كسير القلب، يحمل أجرانا مملوءا بالندم والخذلان من العالم، مستجديا العطف أمام أعتاب أبيه يسوع الذي لم يبخل عنه بالمحبة يوما. وأما من رفض النعمة لأن يكون تلميذا، فذاك لن يجد طريق العودة أبدا. وليس له إلا طريق التكبر في العالم أو التوهان فيه. وفي طريق عودة هذا التلميذ أجدني أرى تبعات نتيجة هذه الخطية والموت الذي تكلم عنه الرب والأمراض التي تنتجها، وما تقود إليه كل خطية وكل قرار إلى طرق أخرى أضيق وأبعد. كما أن كل محاولة مني للابتعاد عن الطريق الرئيسي وإيجاد طريق فرعي مختصر تقود إلى محاولات أخرى لإيجاد أزقة أخرى تجعلني تائها في زحام تلك المدينة الغريبة، ونظرات سكان ذلك الحي الذين يشعرون بعدم إنتمائي إليهم،ولا أشعر ب انتمائي لهم. يرمقونني بنظرات ويتقدمون نحوي بخطوات يحاولون مساعدتي بسؤال يحمل فيه من السم والعسل معا ما تحمله أسئلة إبليس للمسيح على الجبل. فلسانهم يقول نريد إن نرشدك إلى الطريق أيها الغريب،وفي آنٍ معا يريدون أن أصبح واحدا منهم. وكيف يملكون أن يدلوني إلى الطريق ومن يملك الطريق هو واحد فقط وقد أشار عن نفسه إنه هو الطريق والحق والحياة؟ بعيدا عن كل تلك التشبيهات الرمزية وإن حملت معها مشاعري الصادقة لما تحتويه لحظات تبكيت الروح القدس، فتأتي هنا لاحقا لحظات ما بعد الخطية والتوبة. فإذا كنا نردد أن التوبة هي تغيير للطريق، فهي بحاجة لخطوات عملية وردة فعل سريعة لا تحتاج للتأخير، أو طلب المساعدة. فلا يمكنك الوقوف في الطريق دون حراك، ولا يمكنك الإستمرار بالسير بالطريق الخاطىء، وإلا فسيتقاذفك كل من في الطريق ويصدمك كل من هو ذاهب يمنة ويسرة. وستعطل سيرك وسير آخرين. أو عليك الاتصال بمن هو أكبر وأقوى منك لينشلك من على الطريق. وهذا حرفيا ما ستفعله إن كنت تقود. وأعتقد أن هذا المثل صالح إذا كان على زمن المسيح أو على زماننا رغم اختلاف طريقة السير والركوب. وإن توقفنا عن التركيز في الطريق وهو الهدف بنفس الوقت وهو الحياة وبر النجاة. سنفكر في أنفسنا. أقصد وبكل وضوح. إذا كنا نريد التوبة وناجينا أنفسنا بعبارات اللوم، أو الشفقة أو قول كلمة لكن، والتفكر بضعفاتنا الشخصية، أو ما يحيط بنا من ظروف هو باختصار عدم وجود توبة. وعدم تركيز على الرب. بل على أنفسنا. وهو مرة أخرى إعلان بشكل آخر ملكوتنا الشخصي وإعادة بناء برجنا العاجي الذي هدمه الرب.يأتي هنا الروح القدس ليجعلنا نسائل أنفسنا. لماذا نحب الرب. هل علينا أن نتوب لنشعر بشعور أفضل؟ أو لنصبح أشخاص أفضل؟ أو ليصبح العالم مكانا أفضل. ربنا سنقول لا بشكل نظري لكل هذه الأسئلة. ولدينا ما يكفي من الوعظ والتعليم المسيحي لنقول إن الرب هو المركز. وتأتي لحظة التذمر تلك وتلك اللحظات الساكنة التي ترفض إن تنتفض من التراب وتقوم معلنة إن الرب هو السيد على مشاعري، وعلى جسدي الذي أزني به في كل لحظة تبرير. وخوف. يعود السؤال ليطرح نفسه مرة أخرى باحثاً عن إجابة واحدة، وأي إجابة سواها تعني أننا على طريق سريع آخر. ولدينا فرصة للعودة للطريق الصريح. يؤسفني أن أكون من يزف لك هذا الخبر غير السار: وهو أن تلك الطريق تبدأ بالإنحدار ليصبح فيها التسارع أكثر خطورة والعودة أصعب، وتنطبق عليها قوانين الجاذبية بشكل طبيعي جدا. إن لم تكن الإجابة أننا نحب الرب لأنه هو. وفقط لأنه هو فنحن حقا لا نعرفه. نعم سنكون أولئك الذين ذكرهم الرب يسوع مرارا بأمثلة وهو يتحدث عن ملكوته أنه لا يعرفهم. أولئك الذين صنعوا قوات باسمه (متى7: 22،23) اذا بذلك نؤمن بالمسيح إنه رجل صالح أو نبي، أو شخص كلامه جميل، أو مشجع وتعاليمه تحاول إصلاح هذا العالم الخرب، لكنها تبقى تعاليم كشخص ينفخ ببوق أجوف. أو يملىء إناءا مثقوبا. ولا نؤمن به على إنه السيد الوحيد. فنحن لا نستحقه إذا كنّا لا نجعل المسيح فوق ذاتنا. ولا نصلب كرامتنا على الصليب. (متى10:37،41)أثناء كتابتي لهذه الكلمات تبادر إلى ذهني وأنا أجيب عن هذا السؤال: نحب الرب لأنه هو. الآية التي نرددها دائما من رسالة يوحنا الأولى 4:19 نحبه لأنه أحبنا أولا. ورأيت في هذه الآية انتهاك صارخ لما كنت أنادي به وهو محبة الرب لأجل الرب بل هذا العدد يغذي مبدأ محبة الرب لأجل الذات. مع العلم أن الترجمات الأخرى تذكر نفس النص بنفس الأسلوب. لأكتشف لأول مرة على الصعيد الشخصي، أن النص الأصلي يقول (نحب لأنه أولًا أحبنا) أي أن الضمير عائد على الرب وأن سبب محبتنا له هو محبته لنا غير موجود. بل الجملة تقول أننا قادرين على الحب والعطاء ونستطيع أن نحب الرب أو الآخرين أو أنفسنا. لأن الرب هو مصدر الحب.لأن الرب قرر أن يحب ويشاركنا هذا الحب. أي أجدر بنا عندما ندرك أن قدرتنا على المحبة هي بسبب الرب إن نحب الرب بشكل خالص. ومحبة أنفسنا هي غباء مطلق. شكل آخر أدركته وأنا أُفكر بمحبة الرب وروعته. وأنا أتفرس في جماله، هو أن الرب جعلنا أبديين معه، وجعل لنا حياة أبدية معه لأن محبته بحاجة إلى أبدية لمشاركتنا. ونبع محبته الذي لا ينضب يحتاج أبدية ليفيض. ألا يجعلنا إدراك الرب ومحبته وهو من محبته من أعطانا هذه القدرة على تمييز جزء من محبته أن نحبه ونُميت ذواتنا لأجله. ونتهور في المحبة من أجله. مرة أخرى أقول إن الرب من محبته لا يريد فقط أن يسقيك من نبع المحبة هذا، بل يُريدك أن تكون مسئولًا عن هذا النبع وتنهل منه بنفسك وتشرب وتسقي آخرين. ألا يستحق من أحب لدرجة الموت أن نتهور من أجله. ونحب دون تفكير من أجله. الذين مات من أجله ونحن بعد خطاة. ألا نستطيع نحن أن نحب الخطاة. أي محبة لنا. وأي فضل لنا على الرب. إنها دعوة واضحة لأن نُسلم أنفسنا كما أسلم المسيح نفسه. أن نرتمي في أتون النار. كما دانيال أحب الرب وعلم إن الرب يحب كورش ويحب داريوس. اذا كنا نقول لمن هم في العالم أن المسيح يريد تلاميذ لا شياطين تؤمن وتقشعر. فالمسيح يقول أن العالم سيعرف أننا تلاميذه من محبتنا بعضنا بعضا.(يوحنا 13: 34) هذا ما يكرره المسيح في آخر وصاياه قبل الصلب (يوحنا 15: 12،13). هي دعوة أخيرة للتصالح مع النفس ومع الرب. وتحديد هويتنا إذا كنا نريد إن نكون مؤمنين بالمسيح كنبي أو رجل صالح، أو نؤمن ونقشعر فقط. أو أن نكون أبناء وورثه كأبينا المسيح. ونحب بتهور مثله و نتصالح معه ومع أنفسنا. ونحب مبتدئين بأقرب الناس لنا. |
|