*ليس فقط لم يوجد من يلطف من آلامه، بل كثيرون أحبطوه من كل جانب بالتوبيخات الساخرة. فإن سمة المحن ليست هكذا حتى أن الذين يوبخوننا عليها يثيرون نفوسنا ويهيجونها. ها أنتم ترون مرارة حزنه وقوله: "حتى أنتم سقطتم عليّ" (أي 5:19 lxx). ودعاهم "قساة"، قائلًا: أقربائي قد خذلوني، وخدمي تقاولوا عليّ، دعوت أبناء خليلاتي فابتعدوا عني (راجع 14:19، 17)... البعض يسخر، وآخرون يوبخون، والبعض يستخفون، ليس فقط الأعداء بل وحتى الأصدقاء. ليس فقط الأصدقاء، بل وحتى الخدم، ليس فقط يسخرون ويوبخون وإنما يشمئزون أيضًا منه. وذلك ليس لمدة يومين أو ثلاثة أيام أو عشرة أيام بل إلى عدة شهور... فلم يجد راحة حتى بالليل، فكانت أهوال الليل أكثر رعبًا من محن النهار. عانى ما هو أمر في نومه، اسمع ماذا يقول: "لماذا تريعني بالأحلام، وترهبني بالرؤى؟" (أي 14:7). أي رجل من حديد أو قلب من الصلب يمكنه أن يحتمل مثل هذه المآسي؟