كثيرون يتصرفون تصرفات يعودون فيندمون عليها بعد فعلها ، إما بسبب النتائج السيئة لهذه التصرفات أو بسبب تعب ضمائرهم وثورتها عليهم ، أو لأنهم لا يستطيعون أن يعيدوا الأمور إلى ما كانت عليه قبل أخطائهم هذه 0
ويزداد الندم كلما يشعر المخطئ ببشاعة خطيئته وبفداحة ذنبه 0
مثلما فعل يهوذا ، ومثلما قال قايين : ( ذنبى أعظم من أن يحتمل ) ( تك 4 : 13 ) 0
ويزداد الندم أيضا إن شعر الإنسان أنه لا فائدة 0 مثل كلمة قالها ، ولا يستطيع أن يسترجعها ، أو أن ينزعها من آذان السامعين ومن أذهانهم ، مهما اعتذر 00
التصرفات الخاطئة التى يندم عليها الإنسان ، قد يكون سببها السرعة والاندفاع وعدم التروى ، وقد يكون سببها عدم الاسترشاد بأحد قبل التصرف 0 وقد يكون التصرف البشع الخاطئ بسبب الغضب واشتعال الثورة الداخلية ، وعدم ضبط النفس ، وعدم حسبان النتائج ، أو عدم التفكير فيها على الإطلاق 0
وكما يندم الإنسان لأنه تصرف باندفاع وبسرعة وبغير مشورة ، قد يندم أيضا لأنه انقاد إلى شهواته أو رغباته ، ولم يضع الله أمامه ، ولم يضع أمامه كرامته كصورة الله 0
وقد يندم الإنسان لأنه لم يحسب حساب المستقبل ، حينما تصرف بلامبالاة ، أو بتراخ وتهاون وكسل 0
على أن الندم له فائدته إن كان يقود إلى التوبة وإلى تصحيح مسار الحياة 0 وله فائدته أيضا إن وصل الإنسان إلى تصحيح مسار الحياة 0 وله فائدته أيضا إن أوصل الإنسان إلى حياة الإتضاع والإنسحاق 0
كما حدث مع داود النبى الذى كان فى كل ليلة يبلل فراشه بدموعه 0 وكما حدث مع بولس الرسول الذى قال : ( أنا الذى لست مستحقا أن أدعى رسولا لأنى أضطهدت كنيسة الله ) ( 1كو 15 : 9 )
الندم قد ينفع هنا ، ولكنه فى الأبدية يتحول إلى عذاب 0
حيث لا كل ، ولا حل 0 لا توبة ، إذا قد ينتهى زمان التوبة ( واغلق الباب ) ( مت 25 : 10 ) كما قيل فى مثل العذراى الجاهلات ، اللائى سمعن من الرب عبارة : ( إني لا أعرفكن ) !
تحول الندم إلى ( البكاء وصرير الأسنان ) ( مت 25 : 30 ) 0
فأجتهد الآن على الأرض ، قبل الوقت الذى لا ينفع فيه الندم 0
فهذا نصيب الذين لا يعملون الآن ، كما قال الشاعر :
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا ندمت على التفريط فى زمن البذر