رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَفَلَيْسَتِ الأُذُنُ تَمْتَحِنُ الأَقْوَالَ، كَمَا أَنَّ الْحَنَكَ يَسْتَطْعِمُ طَعَامَهُ؟ [11] يليق بالأذن ألا تصدق كل ما تسمعه، بل تميز بين الحق والباطل، كما يميز الفم بين الحلو والمر. وإن كانت الأذن كما الفم يلزمها تمييز ما يُعرض عليها سواء الاستماع أو الطعام، أفلا يليق بالإنسان أن يحمل روح التمييز ليعرف التعاليم الصادقة من غير السليمة (1 كو 10: 15؛ 11: 13)؟ * لا يتحدث عن أذن الجسم، بل أذن الروح. فبالآذان الجسدية نسمح أصوات الكلمات، أما بالآذان الداخلية فنميز الفكر والكلمات. كذلك "الحنك (خاصة التذوق) يستطعم الطعام" بمعنى أن يقدره بالنسبة للذته. هكذا فإن حنك الروح يميز فائدته. الأب هيسيخيوس الأورشليمي القديس يوحنا الذهبي الفم بينما توجد حكمة واحدة تسكن في إنسانٍ أقل مما في آخر... إلا أنها في ذاتها لا تحمل اختلافات فيما بينها، لكن بواسطتها نمارس عمليات متباينة مختلفة، فواحد ينال عطية حكمة، وآخر عطية معرفة، وآخر ألسنة، وآخر موهبة شفاء... يدين الطوباوي أيوب عدم خبرة أصحابه، ووقاحة كل من ينتفخ مدعيًا أنه قد تعلم في الحكمة. فإن معرفة شيءٍ ما عن الله شيء، وتذوق ما تعرفه بفهمٍ شيء آخر. البابا غريغوريوس (الكبير) لقد رأيتم إذن كيف أن موهبة التمييز ليست موهبة أرضية، ولا هي بالأمر الهيّن ، إنما هي عطية عظمى تهبها النعمة الإلهية. إن لم يسعَ الإنسان بكل حماس نحو التمييز... حتمًا يخطئ ويصير كمن هو في ظلمة الليل وحلكة الظلام، ولا يسقط فقط في الأشراك والأهواء بل ويخطئ حتى في الأمور السهلة... يعلم التمييز أن يسير الإنسان في الطريق الملوكي، من غير أن يسمح له بالتطرف اليميني في الفضيلة، أي المغالاة وتجاوز حدود الاعتدال في جسارة ووقاحة، كما لا يسمح له بالكسل... هذا هو التمييز الذي يعبر عنه الكتاب المقدس بـ"العين" أو "نور الجسد"، وذلك كقول المخلص: "سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا.." (مت 22:6، 23). لأنها هي التي تميز كل الأفكار والأعمال، وترى كل شيء وتراقب ما سيحدث. فإذا كانت عين الإنسان "شريرة" أي غير محصنة بصوت الحكمة والمعرفة، مخدوعة ببعض الأخطاء والعجرفة (في العبادة)، فإنها تجعل جسدنا "كله يكون مظلمًا". تظلم عقولنا وتصير أعمالنا في ظلام الرذيلة ودجى الاضطرابات، وإذ يقول: "فإن كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون؟!" (مت 23:6). فلا يستطيع أحد أن يشك في أنه متى كان "الحكم في الأمور" في القلب خاطئًا، أي كان القلب مملوء جهلًا، تكون أفكارنا وأعمالنا، التي هي ثمرة التمييز والتأمل، في ظلام الخطية العظمى. الأب موسى |
|