رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اذا اشارت المحبة اليكم فاتبعوها، وان كانت مسالكها صعبة متحدّرة.
واذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها، وان جرحكم السيف المستور بين ريشها. واذا خاطبتكم المحبة فصّدقوها، وان عطل صوتها احلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعاً صفصفاً. *** لأنه كما ان المحبة تكللكم، فهي ايضاً تصلبكم. وكما تعمل على نموّكم، هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم. وكما ترتفع الى اعلى الشجرة حياتكم فتعانق اغصانها اللطيفة المرتعشة امام وجه الشمس. هكذا تنحدر الى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. *** المحبة تضمكم الى قلبها كأغمار الحنطة. وتدرسكم على بيادرها لكي تظهر عريكم. وتغربلكم لكي تحرركم من قشوركم. وتطحنكم لكي تجعلكم انقياء كالثلج. وتعجنكم بدموعها حتى تلينوا، ثم تعدكم لنارها المقدسة، لكي تصيروا خبزاً مقدساً يقرّب على مائدة الرب المقدسة. *** كل هذا تصنعه المحبة بكم لكي تدركوا اسرار قلوبكم، فتصبحوا بهذا الادراك جزءاً من قلب الحياة. غير انكم اذا خفتم، وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة: فالأجدر بكم ان تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة الى العالم البعيد حيثما تضحكون، ولكن ليس كل ضحككم، وتبكون، ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع. المحبة لا تعطي الا نفسها، ولا تأخذ الأ من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد ان يملكها أحد: لأن المحبة مكتفية بالمحبة. ***** أما انت اذا احببت فلا تقل: ان الله في قلبي" ، بل قل بالأحرى: "انا في قلب الله". ولا يخطر لك البتّة انك تستطيع على مسالك المحبة، لأن المحبة ان رأت فيك استحقاقاً لنعمتها، تتسلط هي على مسالكك. والمحبة لا رغبة لها الا في ان تكمل نفسها. ولكن اذا احببت، وكان لا بد ان تكون لك رغبات خاصة بك، فلتكن هذه رغباتك: ان تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه. ان تخبر الآلام التي في العطف المتناهي. ان يجرحك ادراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك، وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط. ان تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق، فتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة آخر. ان تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة. ان تعود الى منزلك عند المساء شاكراً: فتنام حينئذ والصلاة لأجل من احببت تتردد في قلبك، وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك |