كان السبب الذي لأَجلِه يُقلع البار تماماً عن الانتقام لنفسه هو ثقته بالله والاستغاثة به: "لا تَقُلْ: أُجازي بِالشَّر بلِ انتَظِرِ الرَّبَّ فيُخَلِّصَكَ" (أمثال 20: 22). إن البار لا ينتقم، بل يفوّض الله مهمة الانتقام والعقاب بالعدل "لإِنْزالِ الِاْنتِقام بِالأُمَم والعِقابِ بِالشُّعوب" (مزمور 179: 7). على هذا النحو يتصرف إرميا في اضطهاده، عندما "يفوِّض دعواه لله" (إرميا 20: 12)، إن ما يرغب فيه ليس هو الشر، بل العدل، وهذا لا يمكن أن يعود إلى مجراه إلا بتصرف من الله وحده. ويُعلق أيوب البار "إنّي لعالمٌ بأن فاديّ حيّ، وسيقوم آخراً على التراب"، ويحكم بالعدل (أيوب 19: 25).
في أسفار العهد القديم، منع الله شعبه من مقاومة الشرّ بشرٍ أعظم، إنّما سمح له أن يقابل الشرّ بشرٍ مساوٍ أو بشرٍ أقل أو بالصمت من أَجلِ قسوة قلوبهم. أمّا وقد دخلنا العهد الجديد فقد ارتفع بنا يسوع المسيح إلى مقابلة الشرّ بشر مماثل أو أقل أو حتى بالصمت وإنما نقابله بالخير ناظرين إلى الشِّرِّير كمريض يحتاج إلى علاج. وانتقل بنا يسوع إلى درجة الكمال المسيحي كأعلى درجات الحُبِّ التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان.