رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القيامة والوحدة: طلب الرب من حزقيال النبي أن يأخذ عصا يكتب عليها ليهوذا ولبني إسرائيل رفقائه وأخرى يكتب عليها ليوسف عصا أفرايم وكل بيت إسرائيل رفقائه، ويقرنهما معًا كعصا واحدة في يده. وكأن في هذا العمل الرمزي نبوة عن اتحاد يهوذا مع أفرايم، أي مملكة الجنوب مع الشمال... ويلاحظ في هذا الرمز والتفسير الذي قدمه الرب نفسه بطريقة مطولة الآتي: أ. أن القيامة ليست عملًا فرديًا، لكنها وإن كانت عملًا شخصيًا يتذوقه كل إنسان وينعم به شخصيًا لكنه يتقبل القيامة بكونها دخول به إلى العضوية في الشعب الواحد، الكنيسة الواحدة، عروس المسيح الواحد. حينما تحدث الرسول بولس إلى أهل أفسس عن الكنيسة بكونها جسد المسيح المتمتع بالقيامة معه، تحدث عنها لا كأعضاء منعزلة بعضها عن بعض، بل كأعضاء لبعضها البعض تنعم بإمكانيات السيد المسيح لها. يقول عن الكنيسة: "يجمع كل شيء في المسيح" (أف 1: 10)، "التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل" (1: 23). "الذي فيه كل البناء مركبًا معًا ينمو هيكلاً مقدسًا في الرب، الذي فيه أنتم أيضًا مبنيون معًا مسكنًا لله في الروح" (2: 21-22). ففي المسيح أجتمع مع كل إخوتي بوحدانية الروح لكي يعلن الجسد كاملًا، وفيه أنمو ليس منفردًا لكنني كجزء لا يتجزأ من الهيكل المقدس الواحد، وأمثل نصيبًا حيًا في مسكن الله الواحد، أي في مقدساته. قيامتي إنما هي جزء لا يتجزأ من قيامة الكنيسة الجامعة، وقيامة الجسد كله إنما هو سر قيامتي في الرب. ب. اختار الرب في المثل عصوين صارتا في يد النبي عصا واحدة، وكأنهما عارضتا الصليب، العارضة الطولية والعارضة العرضية اجتمعتا في يد الرب فأعلنت الوحدة من خلال الصليب. وقد سبق لي أن عرضت أقوال الآباء عن عمل الصليب وفاعليته بضمنا إلى وحدة طولية وأخرى عرضية . وحدتنا الأولى مع الله وحدة السماء مع الأرض، أما الوحدة العرضية فهي وحدة الأمم والشعوب أو وحدة البشر معًا خلال الصليب، إذ يقول الرسول "ولكني الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلًا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح... يصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلًا العداوة به" (أف 2: 13-16). بالصليب قتل العداوة بين السماء والأرض، وقتل العداوة التي كانت بين البشر وبعضهم البعض. ج. نقشت أسماء الأسباط جميعًا من المملكتين على الصليب (العصوين) ليجد كل إنسان له موضعًا في أحشاء المصلوب المملوء حبًا بلا تمييز. د. سر هذه الأمة الواحدة أو الشعب الواحد الذي تمتع بالقيامة من الأموات هو إقامة "ملك واحد يكون ملكًا عليهم كلهم" [22]. معلنًا هكذا: "داود عبدي يكون ملكًا عليهم ويكون لجميعهم راعٍ واحدٍ" [24]. سر الوحدة أن ندخل جميعنا "في المسيح يسوع" راعينا الواحد، ونوجد في المحبوب (أف 1: 6)، نجتمع معًا: السمائيون والأرضيون (أف 1: 10). فيه ننعم بالخليقة الجديدة (أف 2: 10)، ويضمنا نحن الذين كنا غرباء وبعيدين فصرنا قريبين إليه (أف 2: 7) ليكتمل بناؤنا فيه كمقدس إلهي حيّ وهيكل الله الأبدي. ه. إنه يقيمنا كنيسة واحدة تتمتع بالحياة المقامة أي بحياته الإلهية من خلال العهد الأبدي الذي قطعه معنا، عهدًا مؤبدًا، فيه يتعهد لا بقيامتنا فحسب بل ونموّنا الدائم من خلال إقامته في وسطنا وفوقنا... أي يحل في وسط شعبه، ويصير شعبه عرشًا إلهيًا كالكاروبيم يحملونه فوقهم. هذا ما عناه بقوله "وأقطع معهم عهد سلام فيكون معهم عهدًا مؤبدًا وأقرهم وأكثرهم وأجعل مقدسي في وسطهم إلى الأبد ويكون مسكني فوقهم" [26-27]. لقد سلمنا هذا العهد في أيدينا فصار معنا نتمسك به، من خلاله نتقدس بحلوله فينا وقبوله إيانا عرشًا له... هذا هو سر تقديسنا، إذ يقول: "فتعلم الأمم إني أنا الرب مقدس إسرائيل" [28]. هذا هو إسرائيل الجديد الذي قبل الله كَسِر تقديسه! |
|