رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقاومة البابا للمجاعة ومكافحة الغلاء بالهام الروح القدس ألهم الله البابا القديس متاؤس بقرب حدوث مجاعة كبرى وغلاء كثيرة فقال هذا البابا لتلاميذه: "قوموا يا أولادي واشتروا ألف أردب غلة للمساكين لأن غلاء عظيما سيقع بأرض مصر ويموت الكثيرون من المساكين" فأجاب تلاميذه قائلين: "من أين لنا يا أبانا أن نشترى ألف أردب غلة وليس معنا من ثمنها سوى خمسمائة دينار لا غير" فقال لهم البابا المتكل على رحمة مولاه: "اشتروا يا أولادي ولا تخافوا والرب يهيئ خمسمائة دينار أخرى لأجل المساكين". ولم يفرغ الكلام من فم البابا القديس حتى جاءت امرأتان من أعيان الناس ومعهما خمسمائة دينار وسألتاه أن يشترى بها قمحا للمساكين. فلما نظر التلاميذ هذه الأعجوبة العظيمة اندهشوا مما حصل وآمنوا بأن الاعتماد على الله خير من الاعتماد على البشر والمال المدخر وقاموا في الحال واشتروا الغلال كما قال لهم أبوهم البابا متاؤس. وبعدما اشتروا الغلال لم يلبث الأمر طويلًا حتى وقع بمصر ذاك الغلاء الصعب وهاجر أناس كثيرون من بلادهم واجتمعوا عند البابا البطريرك حتى امتلاء طريق قلايته من الجياع والمطروحين. وكان هذا البابا ينظر إلى كل طائفة منهم ويتألم قلبه عليهم وكان يهتم لهم جميعا بما يحتاجونه يوما فيومًا إلى أن ارتفع ذلك الغلاء وزالت الشدة عن الأرض. حينئذ دعا الغرباء وغيرهم وأعطى لكل واحد منهم ثوبًا وكساء له وللنسوة ما يجب لسترتهن ثم زودهم جميعًا سفنا تحملهم وأرسلهم إلى بلادهم حتى تعجب الناس لكثرة الثياب والأردية التي أقام مدة في تفصيلها وخياطتها حتى اكتفى الجميع في ذلك اليوم كما كان يهتم بالمنتقلين منهم فيكفنهم ويدفنهم. وكان يفعل الرحمة مع كل الطوائف نصارى ومسلمين ويهود. وكان الله يبارك في جميع الغلات وغيرها كما بارك في الخمس خبزات وسمكتين حتى صار تلاميذه إذا شكوا إليه من عدم وجود الغلة وان ما بقى في المخازن لا يكفى الجمع للغد كان يقول لهم: "فرقوا يا أولادي ولا تخافوا لأن عندي مخازن فايضة ملآنة" ولم يكن يعنى هذا البابا المخازن الأرضية بل كان يقصد المخازن السمائية. لأنه كان من عادة البابا تؤس أن يعيد للسيدة العذراء الطاهرة والدة الإله وكذلك لرئيس الملائكة ميخائيل الطاهر عيدين في كل شهر وكانت المخازن إذا نقصت ودخل وباركها في هذين العيدين كانت تمتلئ غلتها وتفيض من البركة السمائية. ومما يحسن ذكره في هذا المقام أنه لما شعر بقدوم وطأة الغلاء اشترى للأديرة والجبال ألف أردب ترمس لسد حاجات الرهبان وقت وقوع الغلاء. ولكن حدث أن بعض الرهبان لما رأوا إبطاء وقوع هذا الغلاء صاروا يحمون من ذلك الترمس في النار كالزبل فلما حل وقوع ذلك الغلاء ندم أولئك الرهبان كثيرًا على سوء تصرفهم وأما الذين حفظوا ما عندهم فإنهم صاروا كلما يجدون ما يقتاتون به يأكلون الترس ويشكرون الله على هذا الحال. |
|