رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عذوبة كلمة الله: صدر الأمر لحزقيال النبي أن يأكل السفر (كلمةالله)، كما صدر للقديس يوحنا الحبيب (رؤ10: 9) يقولإرميا: "وجدتكلامكفأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي" (15: 16) ويقولالسيد المسيح: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4). كلمةالله طعام شهي، يهب حياة وفرحًا وبهجة داخلية، نقتدي نعتذى به فنحمله في أعماقنا. هو حلو، وإن كان يحمل مرارة بسبب تأديبات الله التي لخلاصنا. إذ تقبل حزقيال النبي من يدي الله كلمته كدرج مفتوح قرأ ما بداخله وما بخارجه فوجده يحوي مراث وويلا مع تسابيح، ففتح فمه لكي يطعمه الله بيده فتشبع أعماقه، وإذا به يجده في فمه كالعسل حلاوة. ما أعجب حب الله، فإنه يتعامل معنا كمربية أو كأم حنون، يمد يده ليطعمنا نحن الرضع المحبوبين لديه. نرتمي على صدره كالرضيع على صدر أمه، فنجد وصيته لبنًا نقيًا يصدر من ثدييه (العهدين)وكعسل النحل والشهد. وصيته صالحة للصغار والكبار الناضجين. وصية الله صعبة وثقيلة على الإنسان الطبيعي، بل أحيانًا يراها البعض كأنها قيد على الحرية الإنسانية، لكن متى امتدت يد الله لتقدمها لنا في داخلنا نجدها حلوة كالعسل. ما هي هذه اليد الممدودة (1: 9) التينظرها حزقيال إلا ابن الله الذي يُدعى "ذراع الرب" وقد صارت منظورة خلال التجسد الإلهي. هذا الذي قدم لنا الوصية الإلهية ليس خلال الأوامر والنواهي، بل خلال الحب العملي المتبادل بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه، مقدمًا نفسه مثالا ومعينًا، إذ يقول: "هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم. أنتم أحبائي... لا أعود أسميكم عبيدًا، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكنني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يو 14: 12-15) بهذاصارت الوصية الإلهية ليست أمرًا نلتزم بطاعته بل انفتاح بصيرتنا الداخلية بالحب لإدراك إرادة محبوبنا، فنطيعه كأحباء تلتقى إرادتنا بإرادته الإلهية اختياريًا! بهذا يمكننا أن نفهم كلماته: "احملوانيري عليكم وتعلموا مني... لأن نيري هين (لذيذ)وحملي خفيف" (مت 11: 29-30)،مع أنه سبق فقال: "ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا... من لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني" (مت 10: 34، 38) بالحب يصير الألم عذبًا والصليب مجدًا، والوصية حلوة كالعسل. كلمة الله أيضًا تحمل إنذارات ضد الساقطين لكي يتوبوا، هذه التي تجعل خادم الكلمة في موقف حرج بل ويتعرض للمتاعب والضيقات، لكنها تقدم في نفس الوقت عذوبة وفرحًا للخادم، إذ يدرك مقاصد الله الخلاصية. حينما كتب الرسول بولس بشدة أحزن أهل كورنثوس، لكنه عاد يوضح لهم أنهم وأن كانوا قد حزنوا لكنه يفرح بهذا الحزن الذي للتوبة فيفرحون هم أيضًا معه، قائلًا: "لأنه إن كنت أحزنكم أنا فمن هو الذي يفرحني إلا الذي أحزنته، وكتبت لكم هذا عينه حتى إذا جئت لا يكون لي حزن من الذين كان يجب أن أفرح بهم، واثقًا بجميعكم أن فرحي هو فرح جميعكم، لأني من حزن كثير وكآبة قلب كتبت إليكم بدموع كثيرة لا لكي تحزنوا بل لكي تعرفوا المحبة التي عندي ولا سيما من نحوكم" (2 كو 2: 2-4). |
|