جاءت الرؤيا تناسب الظروف المحيطة بالخدمة، إذ يقدم الله رؤياه وعطاياه حسب احتياجات كرمه. فحين التقى الله بموسى كأول قائد للشعب يقوم بالعبور بهم من حالة العبودية القاسية إلى البرية ليدخل بهم خلال يشوع إلى أرض الحرية، ظهر له على شكل العليقة المملوءة أشواكًا المتقدة نارًا ولا تحترق، ليعلن سر التجسد الإلهي والألم والقيامة. وكأنه لا انطلاقة للكنيسة إلا من خلال العمل الخلاصي بالمسيح المتجسد المصلوب القائم من الأموات. وجاءت المعجزات التي رافقت موسى النبي تؤكد ذات الشيء . أما هنا فكانت نفسية الشعب محطمة، خاصة وأن الكلدانيين كانوا يطوفون بموكب الإله بيل أو مردوخفي شوارع العاصمة في عظمة وأبَّهه، بينما حُرم هذا الشعب من هيكله وانقطعت عنه تسابيح التهليل، فظهر انكسارهم كأنه انكسار لإلههم. لهذا لم يعلن الله نفسه في عليقة بسيطة متقدة بل خلال المركبة النارية المملوءة مجدًا وبهاءً، وكأن الله قد أراد أن يؤكد لنبيِّه وشعبه أن مجده يملأ السماء والأرض حتى في اللحظات التي فيها يسلم شعبه للتأديب بواسطة الأمم.