خلت القديسة مريم بيت نسيبتها أليصابات وسلَّمت عليها، ركض الجنين في أحشائها بابتهاج (لو 1: 41، 44)، وامتلأت أليصابات من الروح القدوس الذي وهبها إدراك سرّ التجسد الإلهي. فنرى أليصابات السيدة التي بلغت سن الشيخوخة، زوجة الكاهن، والحاملة في أحشائها النبي العظيم يوحنا، تتصاغر جدًا أمام هذه الفتاة اليتيمة الفقيرة صغيرة السن، إذ أدركت أنها أُم ربّها، فقالت: "من أين لي أن تأتي أم ربي إليَّ؟" (لو 1: 43). هكذا بينما كان العالم كله يجهل كل شيءٍ عن البشارة للقديسة مريم إذا بالقديسة أليصابات تُعلِن أمومة مريم لربِّها، رغم عدم وجود أية علامة ظاهرة لهذا الحدث الإلهي.
والأمر المُدهِش في هذه الأحداث العجيبة (ركوض الجنين بابتهاج، وامتلاء أليصابات بالروح القدس، وشهادتها لأمومة العذراء لربّها)، تمَّت بمجرد إصغاء أليصابات لسلام مريم، وكأن ابن الله الساكن في أحشاء القديسة مريم قد تكلم بنفسه على فم أمه، وعمل خلال تصرفاتها.