رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يَتَكَلَّمُ فِيَّ الْجَالِسُونَ فِي الْبَاب،ِ وَأَغَانِيُّ شَرَّابِي الْمُسْكِرِ [12]. كانت مجالس القضاء عادة تقام عند أبواب المدينة (أي 29: 7-17؛ تث 25: 7؛ يش 20: 4؛ را 4: 1-2؛ 1 مل 22: 20؛ مرا 5: 14). وكان الهدف منها أنه إن أراد مُتَّهم أن يدخل المدينة يلزم دراسة حالته، فلا يُسمَح للظلم أن يُمارَس داخل المدينة. داود النبي الملك والقاضي صار كمن هو تحت محاكمة ظالمة، أو تحت سخرية من الذين أقاموا أنفسهم قضاة يحكمون عليه. وجاءت محاكمة ابن داود سواء في مجامع دينية أو دور قضاء مدينة تمثل فضيحة للطبيعة البشرية التي تود أن تحكم على ديان المسكونة كلها. وَجَدَ السكارى الذين يسلكون بلا تعقل في منظر المحاكمة مجالًا للسخرية، يرون في داود مثلًا وهزءًا وأضحوكة. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن المُسكِر هو "عرقي بلح" المستخرج من البلح. * إخوتي، من يخاف الله يذكر كلمات الرسول بطرس "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (١ بط ٥: ٨). فإن لم يستطع أن يبتلعه عن طريق الانحراف به نحو الشر، يحاول أن يفسد حياته - إن كان ممكنًا - عن طريق انتهاره للناس وقبوله وشايات الألسنة المفترسة، وبهذا يسقط في فخ إبليس. فمتى عجز الشيطان عن إفساد حياة شخص بريء، حاول إهلاكه بإسقاطه في الشك القاسي من جهة أخيه، والحُكْم عليه بتسرُّع، ممَّا يُسقطه في فخاخه وبهذا يسهل افتراسه. ومن يستطيع أن يعرف أو يتكلَّم عن كل حيل إبليس وشباكه؟! ومع هذا أشير إلى ثلاث طرق من حيله حَذَّرنا الله ضِدَّها على فم الرسول. أولًا: "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنَّه أية خُلطة للبرّ والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة؟!" (2 كو 6: 14) ثانيًا: أن لا نقبل وشاية الألسن المفتريَّة... ثالثًا: ألاَّ نكون في أدنى شك مُضِر، لا أساس له، من جهة أي خادم من خدَّام الله، متذكرين كلمات الرسول: "لا تحكموا في شيء قبل الوقت، حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام، ويظهر آراء القلوب. وحينئذ يكون المدح لكل واحدٍ من الله" (١ كو ٤: ٥). كما قيل أيضًا أن الأمور التي من الخارج تخصُّكم أمَّا خفايا الأمور فتخص الرب إلهكم. إنه من الواضح أن مثل هذه الأمور لا تحدث في الكنيسة دون أن يحزن القدِّيسون والمؤمنون بسببها. ليت الله ذاته يكون عزاءنا هذا الذي أمرنا بأن نحزن وأوصانا ألاَّ نكون فاترين في الحب بسبب هذه الشرور، إنَّما نصبر إلى النهاية حتى نخلص. فلا تضيفوا إلى آلامي شيئًا بشكوككم التي لا أساس لها، من جهة أي إنسان. أتوسَّل إليكم ألاَّ تفعلوا هذا، حتى لا أقول لكم إنكم قد زدتم آلام جروحي. لأنَّه من السهل عليَّ احتمال تعييرات من هم يتلذَّذون بشرورهم، هؤلاء الذين قيل عنهم بخصوص المسيح نفسه "صرت لهم مثلًا. يتكلَّمون فيّ. الجالسون في الباب. (وصرت) أغاني شرابي المسكر" (مز ٦٩: ١٢). هذه التعييرات منهم أسهل عليَّ من أن تصدر من أولئك الذين تعلَّموا الصلاة وطلبوا السعادة. لأنَّه لماذا يجلس مثل هؤلاء عن الباب ويراقبون الساقطين ولو كان الساقط أسقفًا أو كاهنًا أو راهبًا أو راهبة. هؤلاء الذين لهم رجاء للإيمان والقيام؟! إن لم يكن وقت لكثرة رحمتك، ماذا نفعل من أجل كثرة آثامنا...؟ لماذا الرحمة؟ في غفران الخطايا! ولماذا الحق؟ في تحقيق الوعود! القديس أغسطينوس |
|