رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مُسَبِّحون عظماء رَأُوا طُرُقَكَ يَا اللهُ، طُرُقَ إِلَهِي مَلِكِي فِي الْقُدْسِ [24]. جاء هذا تصويرًا لما يحدث عند رجوعهم بتابوت العهد إلى أورشليم بعد تمتعهم بالنصرة في الحرب. كان داود المرتل والملك يرقص قلبه طربًا، وتهتف أعماقه الداخلية حين كان ينظر موكب النصرة تحت قيادة الله نفسه الذي كان تابوت العهد يُمَثل حضرته وسط شعبه وقيادته للجيش. يستقبل المُسَبِّحون موكب النصرة، ويشتركون فيه بالتسابيح والتماجيد لله واهب الخلاص، كما تشترك الفتيات ضاربات الدفوف، ويبارك كل الشعب الله واهب الغلبة، تخرج الجموع من كبيرهم إلى صغيرهم لينضموا إلى هذا الموكب. هنا يسبِّح المرتل مع كل الجماعة، الله، إله الجميع. لكن في وسط عمله مع الجمع لا يستطيع أن يتجاهل لمسات الحب الشخصي والعلاقة الخاصة بينه وبين إلهه، فيقول: "إلهي، ملكي". ما يشغله ليست النصرة في ذاتها، وإنما طرق الله إله المستحيلات، الله القدوس، غالب الظلمة والفساد والشر! "في القدس": وهم يسبِّحون الله الذي ينزل إلى شعبه ويقودهم في معركتهم ضد إبليس والخطية والظلمة، يحول أرض المعركة إلى مقادس إلهية، فيقول: "في القدس". فهو القدوس الذي يحول الأرض إلى سماء مُقدسَّة. * "يرون خطواتك يا الله" [24]. الخطوات هي أولئك الذين يكونون معك خلال مجيئك إلى العالم، كما لو كانوا المركبة التي بها تجتاز حول العالم، وهي مركبة السحاب الملاصقة له جدًا، بكونها قديسيه ومؤمنيه في الإنجيل، حيث يقول: "حينئذٍ يبصرون ابن الإنسان آتيًا في سحابٍ" (مر 13: 26)... هؤلاء هم "خطواتك التي تُرى"، أي يعلنون نعمة العهد الجديد. لذلك قيل: "ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام، المبشرين بالخيرات" (رو 10: 15؛ إش 53: 7؛ نا 1: 15). فإن هذه النعمة وتلك الخطوات مختفية في العهد القديم، ولكن إذ يحل ملء الزمان يُسَر الله أن يعلن عن ابنه (غل 4: 4)، حيث يُعلَن عنه بين الأمم. "رأوا خطواتك يا الله، خطوات إلهي، ملكي في القدس" [24]. القديس أغسطينوس مِنْ قُدَّامٍ الْمُغَنُّونَ. مِنْ وَرَاءٍ ضَارِبُو الأَوْتَارِ. فِي الْوَسَطِ فَتَيَاتٌ ضَارِبَاتُ الدُّفُوفِ [25]. صورة رائعة لكنيسة المسيح المُنتَصِرة على الدوام. يحتل صفوفها الأولى جماعة الشاكرين، الذين يسبِّحون الله الصالح، الذي يحوِّل الضيقات والمعارك إلى أفراح ومحافل مقدسة وأعيادٍ لا تنقطع. وفي نهاية الصفوف ضاربو الأوتار، الحاملون آلات العزف، الذين يلعب روح الله القدوس على أوتار أجسادهم وأحاسيسهم وعواطفهم وأفكارهم وكل طاقاتهم الخاصة بالروح والنفس والجسد، لكي ما تصدر سيمفونية مقدسة تعلن الحب نحو الله. إنها جماعة المُقدَّسين جسديًا وروحيًا! الذين يعمل روح الله فيهم وبهم كآلات موسيقية ثمينة. أما في الوسط، فالفتيات ضاربات الدفوف. إنه قلب الكنيسة الذي يرقص بالتهليل بالله والفرح بعمله الخلاصي. في اختصار الموكب كله موكب الهتاف والتهليل والفرح السماوي الذي لا ينقطع. هذه الصورة تبدو كأنها صورة غير عادية تتشكل فقط عندما تقوم معركة، وتنتهي بالنصرة، فتتحول فرق الجيش إلى موكب ديني بقيادة الكهنة واللاويين، ويتقدم الموكب تابوت العهد. إنه موكب يومي يختبره المؤمن حيث ينعم كل يوم بنصرات جديدة، وتنطلق أعماقه من مجدٍ إلى مجدٍ، بقيادة روح الله القدوس، في المسيح يسوع السماوي، الذي يُصعِد قلوبنا إلى الأمجاد السماوية بلا توقُف. جاءت كلمة "مغنون" في الترجمة السبعينية: "الرؤساء". ويرى القديس أغسطينوس أن الرؤساء هم الرسل الذين يتقدمون الشعب ويرتلون بأخبار الإنجيل المفرحة. يرتلون بمزمار الأعمال الصالحة كأدوات موسيقية تُسَبِّحه وتمجده. هؤلاء الرسل وسط ضاربات الدفوف أي الخدام الذين يمارسون الخدمة المُكَرَّمة، بإخضاعهم أجسادهم للعمل لحساب ملكوت الله. فِي الْجَمَاعَاتِ بَارِكُوا اللهَ الرَّبَّ، أَيُّهَا الْخَارِجُونَ مِنْ عَيْنِ إِسْرَائِيلَ [26]. "في الجماعات": موكب النصرة الديني لا يقوم في خيمة الاجتماع وحدها أو الهيكل. من هم هذه الجماعات؟ يرى القديس أغسطينوس أن الجماعات هنا هي الكنائس التي تبارك الرب، إذ تعزف على الرقوق التي هي الأجساد العفيفة التي تُقدِّم نغمات روحية. إنها الجماعات الخارجة من عين إسرائيل، أي من ينابيع الخلاص التي تقيم من البشرية شعبًا مقدسًا لله! يرى المؤمن القائد الحيّ أنه قائد جماعة مقدسة؛ حواسه وعواطفه وأفكاره الخ.، الكل لا عمل له إلا مجد الله بوسيلة أو أخرى. والبيت المسيحي الحقيقي، هو جماعة مقدسة، يسكن السيد المسيح واهب الفرح فيها. الجماعة المقدسة هي الكنيسة التي تضم المؤمنين من آدم إلى آخر الدهور، حيث تتحول في يوم الرب العظيم إلى موكب سماوي على السحاب ينطلق في صحبة العريس السماوي، مع بهجة كل الطغمات السماوية بالعروس الممجدة! يرى القديس جيروم "عين إسرائيل" هنا تشير ينابيع المخلص التي تفيض بالتعليم الإنجيلي، وذلك كقول السيد المسيح نفسه (يو 7: 37-39). هُنَاكَ بِنْيَامِينُ الصَّغِيرُ مُتَسَلِّطُهُمْ رُؤَسَاءُ يَهُوذَا، جُلُّهُمْ رُؤَسَاءُ زَبُولُونَ رُؤَسَاءُ نَفْتَالِي [27]. كيف يأمر الله الآب الابن بعزه أو قوته؟ إذ صار الابن ممثلًا لنا، وحاملًا إيانا فيه، أقامه ورفعه لكي نقوم نحن فيه وبه ونرتفع معه إلى السماوات كأعضاء جسده. هنا وصف لجانب آخر من جوانب هذا الموكب المفرح؛ حيث يذكر أربعة أسباط كممثلين لكنيسة العهد القديم المتحدة مع كنيسة العهد الجديد. أ. يبدأ بنيامين الصغير الذي كان السبط الملوكي في عصر أول ملك لإسرائيل، شاول بن قيس. فمع ما فعله شاول من شرور بسببها فقد السبط سِمَته الملوكية، وكاد السبط كله أن يبيد (قض 19: 21)، إلا أنه يوجد بين هذا السبط رجال الله القديسين، لا ينساهم الله بسبب شرور الغالبية. وإن كان بنيامين قد صار صغيرًا، لكن الله يَذْكرَهم أولًا بين المشتركين في الموكب، ليفتح باب الرجاء لكل إنسانٍ في كل العصور، دون أن ييأس بسبب شرور أسرته أو مجتمعه! يرى القديس أغسطينوسأن المرتل يتطلع إلى بولس الرسول الكارز بين الأمم، والقائل عن نفسه: "من سبط بنيامين" (في 3: 5). جاء في الترجمة السبعينية: "بنيامين الذي في دهش أو في نشوة". فإذ تحدث عن الكنيسة المتهللة التي تبارك الله، فهي في نشوة الفرح ودهش، تتمتع برؤية الله، وتتعرف على أسراره. إنها "بنيامين" الجديد، أي الابنة التي تجلس عن يمين أبيها السماوي كملكة، لأن كلمة بنيامين معناها "ابن اليمين". ب. "متسلطهم رؤساء يهوذا": "يهوذا" معناه "اعتراف" أو "حمد"، فتعترف الكنيسة بصلاح الله الذي اختارها ملكة سماوية. هذا السبط الذي احتل مكان سبط بنيامين كسبطٍ ملوكي، صار في يديه السلطة والحكم. لكن ينضم السبطان معًا في موكب الخلاص بروح الحب والتواضع والوحدة على مستوى أبدي. ج. رؤساء زبولون ورؤساء نفتالي: "زبولون" معناه مسكن، فإنها إذ تطلب السكنى في السماء تتحرر من كل الزمنيات. "نفتالي" معناها "متسع"، فإذ تحمل سمة عريسها "الحب الحقيقي"، يتسع قلبها ليصير مسكنًا لله، ومحبًا لكل البشرية. كانت أراضي زبولون ونفتالي بعيدة جدًا عن مدينة أورشليم، كأن لا دور رئيسي لهما في حياة شعب إسرائيل، ومع ذلك يقدمهما المرتل كممثلين كل الأسباط، أو كل الشعب. فالله لا يستخف بعمل أي إنسان أو جماعة. قَدْ أَمَرَ إِلَهُكَ بِعِزِّكَ. أَيِّدْ يَا اللهُ هَذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ لَنَا [28]. ختم حديثه مع الشعب ببث روح الطمأنينة، فقد صدر أمر إلهي بعزهم ومجدهم. فيليق بهم أن يُقَدِّموا تسبحة شكر وحمد لله المعتني بعزهم. يوجه حديثه الآن إلى الله ليشكر على ما سبق ففعله الله مع شعبه في الماضي، وعن الأوامر الإلهية الصادرة لحساب مجد شعبه. وها هو بعد أن يشكر يسأل الله أن يُكَمِّل عمله، ليس لأن الله غير أمين في تنفيذ وعوده، إنما لأن الإنسان ينسى أحيانًا الله في وقت الفرج بعد أن ينال الكثير من بركاته، فيطلب التدخل الإلهي حسبما يحقق ما يشتهيه الله لشعبه. * عرف المغبوط داود جيدًا أنه لا يستطيع بمجهوداته الذاتية أن يضمن ازدياد عمله وجهده، ومن ثم توسَّل بصلوات متجددة أن ينال "التوجيه" لعمله من الرب، قائلًا: "وجِّه يا الله عمل أيدينا... وأيضًا يقول: "أيَّد يا الله هذا الذي فعلته فينا" (مز68: 28). القديس يوحنا كاسيان مِنْ هَيْكَلِكَ فَوْقَ أُورُشَلِيمَ، لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا [29]. يتحدث المرتل بروح النبوة عن الأمم القادمة، تقبل الإيمان وتصير أعضاء في الكنيسة، وتقدم هدايا لله. يتحدث عن ملوك وحكام وثنيين يؤمنون، مثل قسطنطين الكبير، كما يتحدث عن كل مؤمنٍ قادم من الأمم، إذ يصير مَلِكًا، باتحاده بملكٍ الملوك ورب الأرباب. * صار إبراهيم أممًا، بمعنى أن إيمانه قد انتقل إلى الأمم وإلى ملوك العالم، الذين صاروا مؤمنين، خاضعين لسلطان الرب يسوع، الذي قيل له: "لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا" (مز 68: 29). إنه ليس بالأمر غير المعقول، لأن سلالة إبراهيم لا تصير فقط ملوكًا من جهة الرُتبة، وإنما هم ملوك بالمعنى، إذ ليسوا عبيدًا للخطية؛ إنهم شعب لن يغلبه الشر، لأن لا سلطان للموت عليهم. القديس أمبروسيوس * أية هدايا مقبولة مثل ذبائح التسبيح؟ القديس أغسطينوس انْتَهِرْ وَحْشَ الْقَصَبِ صِوَارَ الثِّيرَان،ِ مَعَ عُجُولِ الشُّعُوبِ، الْمُتَرَامِينَ بِقِطَعِ فِضَّةٍ. شَتِّتِ الشُّعُوبَ، الَّذِينَ يُسَرُّونَ بِالْقِتَالِ [30]. من هم وحوش القصب إلا التماسيح وغيرها من الحيوانات المائية أو البرمائية المتوحشة. يطلب المرتل من الله أن ينتهر الذين يريدون افتراس الكنيسة، والمقاومين لإنجيل الخلاص، سواء كانوا من اليهود أو الأمم. إنهم يجدون مسرتهم في مقاومة الحق، والدخول في قتال ضد أولاد الله، لهذا يطلب المرتل أن يشتتهم، أي يُفسد خططهم، كما أفسد خطة شاول الطرسوسي، وهداه إلى الحق، ليصير كارزًا بعد أن كان مُجَدِّفًا ومُضطهِدًا ومفتريًا. لا يحتمل عدو الخير أن يرى كنيسة المسيح وقد تمتعت بالعز والقوة، وصار أعضاؤها ملوكًا وكهنة، يُقَدِّمون هدايا مقبولة، أي تسابيح الحمد والشركة، فيثير عليهم الأشرار كوحوشٍ قادمة من بين القصب، وثيران وعجول من بين كل الشعوب. * يدعوهم ثيرانًا بسبب كبرياء عنقهم العنيد الذي لا يقبل الترويض، إذ يشير إلى الهراطقة. وبقوله: "بقر الشعوب" أظن أنها النفوس التي تنحرف بسهولة، إذ بسهولة تتبع تلك الثيران. فإن (الهراطقة) لا يُضلُّون كل الشعوب، الذين من بينهم أناس جادون وثابتون. لذلك كُتب: "في شعبٍ عظيم أُسَبِّحك" (مز 35: 18). إنما يضلون فقط البقر الذين يجدونهم بين الشعوب. فإنه من هؤلاء هم الذين يدخلون البيوت ويسبون نُسيات محملات خطايا، منساقات بشهوات مختلفة، يتعلمن في كل حين، ولا يستطعن أن يقبلن إلى معرفة الحق أبدًا (2 تي 3: 6-7). القديس أغسطينوس * إذ يرى النبي المقدس داود بالروح أنه ينبغي علينا أن نصير بالنسبة للوحوش الضارية مثل ساكني السماء، يقول: "انتهر وحوش الغابة" [30] وهو لا يشير في الواقع إلى الغابة التي تهتز لركض الحيوانات المفترسة وتروع لزئير الحيوانات، بل الغابة التي كُتب عنها "وجدنا" في حقول الوعر (الغابة). (مز132: 6) التي فيها كما يقول النبي: "الصديق كالنخلة يزهو، كالأرز في لبنان" (92: 12) تلك الغابة التي تهتز عند قمم الأشجار، تحدث عنها في النبوة إذ جاء منها غذاء الكلمة السماوي (اللوغوس)، تلك الغابة التي دخلها بولس حقًا كذئبٍ مفترسٍ، لكنه خرج منها راعيًا للخراف "لأنه في كل الأرض خرج منطقهم" (مز 19: 4). لكن الآن بالروح القدس انتهى فإن هياج الأسود ووثبات النمور وخداع الثعالب وخطف الذئاب من مشاعرنا. عظيمة إذن النعمة التي غيَّرت الأرض إلى سماء، حتى أن سيرتنا نحن الذين كنا قبلا نجول كوحوش ضارية في الغابة، قد صارت في السماويات (في3: 20). القديس كبريانوس * "انتهر وحش القصب"، أي المخلوقات التي تكتب إثمًا، وتتكلم بالأكاذيب ضد الرب، وترفع أفواهها ضد العلي. القديس جيروم يَأْتِي شُرَفَاءُ مِنْ مِصْرَ. كُوشُ تُسْرِعُ بِيَدَيْهَا إِلَى اللهِ [31]. الكلمة المترجمة هنا "تُسْرِع"، يترجمها البعض "تسبق". وإن كانت الترجمتان تنطبقان على الأمم التي سبقت اليهود وصارت عروس المسيح، كنيسة الأمم، هذه التي متى كملت، يقبل اليهود الإيمان بالسيد المسيح في آخر الأزمنة، كقول الرسول بولس (رو 11: 25-26). يرى القديس أغسطينوس في مصر وكوش إشارة إلى كل الأمم حيث يأتي منها سفراء للسيد المسيح أو شرفاء، يبشرون بكلمة الإنجيل المفرحة، ويسرعون بأياديهم إلى الله، إذ يعلنون إيمانهم بالعمل. * لم يقُل شيئًا سوى: "كوش تسرع بيديها إلى الله" [31]، بمعنى أنها ستؤمن به. فإنه هكذا ستأتي بيديها، أي بأعمالها. * ليس من الإسرائيليين وحدهم اُختير الرسل، وإنما أيضًا من بقية الأمم، لكي يكونوا كارزين بالسلام المسيحي. القديس أغسطينوس * "كوش ستمد يدها لله" (مز 68: 31 LXX). بهذا تعني مظهر الكنيسة المقدسة، التي تقول في نشيد الأناشيد: "أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم" (نش 1: 5). سوداء بالخطية، وجميلة بالنعمة. سوداء بحالها الطبيعي، وجميلة بالخلاص. هكذا هي سوداء بتراب أعمالها، لهذا فهي سوداء في جهادها، لكنها جميلة عندما تتكلل بزينة النصرة. القديس أمبروسيوس * يمكن أن تكون العروس سوداء وجميلة في آن واحد، ولكن احذر، فإنه إن لم تُقدِّم توبة قوية ستوصف روحك أنها سوداء وذميمة، وحتى لا يكسيك الخزي مرتين لأنك أسود بخطاياك السابقة، ودميم لأنك ماضي في نفس خطاياك، أما إذا قدمت توبة، فنفسك ستكون سوداء بسبب الخطية ولكن من أجل توبتك سيكون لها الجمال الأثيوبي كما جاء في الكتاب حينما تكلم هارون ومريم على موسى بسبب المرأة الكوشية (عد 1:12) موسى الجديد اتخذ أيضا لنفسه زوجة كوشية. لقد وصلت وصاياه إلينا، فليتكلم إذن هارون كاهن اليهود، ولتتكلم مريم التي تمثل مجمعه، فموسى لا يضع وزنًا لكلامها، فهو يحب الكوشية، التي قال عنها النبي: "من أقصي عمق النهر يقدمون لك الذبائح" (مز8:71) وأيضا أثيوبية تسبق أيدي إسرائيل أمام الله (مز 31:68). بالحق تكلم الكتاب "يسبق" ففي العهد الجديد سبقت نازفة الدم ابنة رئيس المجمع (مت 18:9). بهذه الطريقة شفيت الكوشية ومازال إسرائيل مريضًا لأن بزلتهم (إسرائيل) صار الخلاص للأمم لإغارتهم (رو 10:11). العلامة أوريجينوس * دعونا نشرح معني العبارة التي قالها القديس بولس الرسول، فما المقصود بأن جميع إسرائيل سيخلص، عندما يدخل ملء الأمم؟ كان يوجد إسرائيل للخلاص: فإن كان الجزء الأكبر من إسرائيل قد سقط، لكن حصلت بقية حسب اختيار النعمة (رو 11: 5)، بقية قيل عنها في إيليا: "أبقيت لنفسي سبعة آلاف رجل لم يحنوا ركبة لبعل". وفي شرح المقصود بهذه البقية، يقول بولس الرسول: "فكذلك في الزمان الحاضر أيضًا، قد حصلت بقية حسب اختيار النعمة" (رو 11: 5). إذًا كان يوجد في إسرائيل بقية للخلاص حينما كانت إسرائيل مطرودة. ولم يقل الرسول: "عندما يخلص جميع الأمم، فحينئذ سيخلص جميع إسرائيل"، وإنما: "إلي أن يدخل ملء الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل". فإن إسرائيل سيخلص ولكن ليس بعد أن يخلص كل الأمم، وإنما بعد أن يخلص ملء الأمم[83]. فمن هو قادر أن يحسب لنا بعقله الوقت المتبقي، في رأيه، والذي فيه تعبد جميع الشعوب الله، وكما هو مكتوب في صفنيا: "من عبر أنهار كوش المتضرعون إلي متبددي يقدمون تقدمتي" (صف 3: 10). وكما يقول المزمور 68 أيضًا، حينما تسرع كوش بيدها إلي الله (مز 68: 31)، وبعد كم من الوقت والزمان سوف يعطي "كلمة الله" الأمر لجميع ممالك الأرض قائلًا: "يا ممالك الأرض، غنوا لله، رنموا لإله يعقوب" (مز68: 32) . العلامة أوريجينوس * ثم إن ملاك الرب دعا فيلبس في الطريق من أجل الإثيوبي الخصي التقي جدًا، إذ سمع بوضوح الروح يقول له: "تقدم ورافق هذه المركبة" (أع 8: 29). لقد علَّم الخصي، وعمّده، فذهب إلى إثيوبيا كرسول المسيح، كما هو مكتوب: "إثيوبيا تبسط يدها" (مز 31:68). واختطف الملاك فيلبس، فصار يبشر بالإنجيل في المدن بالتتابع . القديس كيرلس الأورشليمي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عظماء لا يعرفهم أحد |
قديسات عظماء |
عظماء شهر يوليو |
عظماء شهر مارس |
عظماء وعظماء |