خواطر تربوية من مشاهد القيامة
في حب عظيم من الله للبشر,قدم السيد المسيح ذاته كفارة طائعا مختارا:لي سلطان أن أضعها,ولي سلطان أن آخذها أيضا(يو10:18)...فداء ثمين وعمل إلهي خالص,ليس للبشر أي فضل فيه سوي في الدور الآثم الذي قاموا به في عملية الصلب...لذلك فعندما يقرر الله طريقته هذه في الفداء,فليس من حق أي إنسان أن يجادل الله بعقله القاصر متسائلا:لماذا لم يدبر الله الفداء بطريقة أخري؟!فالكتاب يجيب:لأنه من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرا؟(رو11:34)ولنتذكر قول السيد المسيح:ليس أنتم اخترتموني,بل أنا أخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم تمركم,لكي يعيطكم الآب كل ما طلبتم باسمي(يو15:16)فهل لنا أن نقول الآن مع الرسول بولس:مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا,بل المسيح يحيا في(غل2:20)...وهل لنا أن نتأمل في حياة السيد المسيح خلال رحلته علي الأرض حتي لحظات صلبه من منظور حياتي تربوي اجتماعي روحي...لنحيا معه بنفس السمات الشخصية المليئة بالحب للجميعما من حب أعظم أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه(يو15:13)...لو راجعنا بعض مشاهد رحلة تجسده حتي الصليب لرأينا:
(1)السيرة الطيبة:
لقد عاش السيد المسيح وسط الخطاة,ولكنه لم يتجنس بالخطية قط,يقول كاتب الرسالة إلي العبرانين:لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلي من السموات(عب7:26)...فهل نستطيع ذلك...وهل لديك قدرة أن تقول مثله:من منكم يبكتني علي خطية(يو8:46)...وهل تتوقع الرد من الآخرين عن حياتك وتصرفاتك مثل ما قال بيلاطس لليهود:لم أجد في هذا الإنسان علة(لو23:14)ومثل ما شهد له بطرس الرسول وقال عنه:الذي لم يفعل خطية,ولا وجد في فمه مكر,الذي إذا شتم لم يكن يشتم عوضا,وإذا تألم لم يكن يهدد,بل كان يسلم لمن يقضي بعدل,الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده علي الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر,الذي بجلدته شفيتم(1بط2:22).
أضف إلي ذلك تأكيده أنه جاء ليخدم ويبذل نفسه للجميعلم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين(مت2:26).
(2)أصول التسامح:
يؤكد لنا السيد المسيح في عظته علي الجبل:إذا قدمت قربانك إلي المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك...اترك هناك قربانك قدام المذبح,واذهب أولا اصطلح مع أخيك(مت5:23),حتي لو كان مسيئا إليك,فاذهب وعاتبه بينك وبينه,واغفر له في قلبك(مت18:15)...ولكن تذكر أن شرط المصالحة أن تكون داخل حدود وصية الله,وليس ضدها,أما إذا كانت ضد الوصية فيقول يوحنا الحبيب عن التعامل مع الهراطقة....لا تقبلوه في البيت,ولا تقولوا له سلام...لأن يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة(2يو10:11)ففي الدفاع عن الإيمان كثيرا ما تحدث خصومة ليست شخصية بل دفاع عن الحق وتعتبر فضيلة...ويحدد قداسة البابا شنودة الثالث هذا في تأكيده:نحن لا نحارب شخصا بل نحارب فكراولقد كانت هناك خصومة طويلة المدي بين القديس أثناسيوس الرسولي وبين الهرطوقي أريوس سببها العقيدة والإيمان.ولكن المغفرة للجميع...-بخلاف الهراطقة-فلا تنتظر حتي يأتي ليعاتبك بل بادر وخذ بركة المصالحة...وتذكر قول بطرس(1بط3:9)لا نرد الشر بالشر,والشتيمة بالشتيمة بل بالعكس مباركين,عالمين أننا لهذا دعينا لنرث البركةوهكذا ينهي السيد المسيح حياته علي الأرض بالتسامح:اغفر لهم يا أبتاه(مر8:34).
3-إظهار صورة الله:
بمعني أن يري الناس فيك صورة الله الجميلة وصفاته ...هوذا السيد المسيح يقدم في نهاية فترة تجسده علي الأرض وهو في طريقه إلي جثسيماني ومنه إلي المحاكمة والصلب-تقريرا عن خدمته لأقنوم الآب,فيقول له:أنا مجدتك علي الأرض...العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته(يو17:4)...عرفتهم من أنت,أظهرت لهم اسمك للناس(يو17:6)...أنت المحبة,الله محبة(1يو4:16)عرفتهم أنك أبوهم,وأنت تسكن فيهم بروحك القدوسوليكون فيهم الحب الذي أحببتني,وأكون أنا فيهم(يو17:26)فهل نستطيع أن نقول كسيدناالذي رآني فقد رأي الأب(يو14:9),من خلال تجسدنا لمبادئ مسيحنا في حياتنا...حتي يتمجد الله بسببنا..ولنحذر أن نكون سبب عثرة للآخرين فبدلا من أن يتمجد الله بسببنا,يجدف الناس علي اسم الله...لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم(رو2:24)حقا يارب أن قيامة المسيح دعوة لأن نتخذ مسيحنا قدوة ومثالا.