رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنْ قُوَّتِهِ إِلَيْكَ أَلْتَجِئُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَأي [ع9]. وإن كان كل ما يفعله العدو يستخف به الله، لكن داود لا ينكر قوة العدو، إنما يثق في الله مخلصه، فيقف منتظرًا خلاصه، لأنه هو ملجأه الذي يحتمي فيه. يصرخ داود من قوة شاول الخطيرة، التي هي فوق كل إمكانياته؛ لا يقدر أن يقاومها. فليس له ملجأ سوى الله القدير؛ يتطلع إليه منتظرًا عمله الإلهي. الله هو ملجأ داود، المكان الآمن الذي فيه يختبئ، والموضع السامي العالي، فيه يرتفع فلا تقدر الشباك أن تصطاده، إذ جاءت الكلمة بترجمتها الحرفية "مكان مرتفع". يرى البعض أن كلمة "التجئ" جاءت هنا لتعني حرفيًا: "أراقبك"؛ فإن كان شاول قد أرسل من يراقب تحركات داود ليقتله، فإن داود بدوره يراقب تحركات الله القدير ليبدد خطة شاول. إن كان شاول قويًا، فالله قدير. لهذا لن يتوقف المرتل عن القول عن الله: "قوتي". جاءت كلمة "قوته" في الترجمة السبعينية: "من قوتي". بحسب النص العبري: "من قوة شاول أو قوة العدو كان المرتل يتطلع إليه لكي يحميه". وبحسب الترجمة السبعينية: يقول المرتل إنني أحفظ قوتي لك، لتستخدمها أنت يكونك ملجأي والعامل فيَّ وبي. يلجأ المرتل إلى الله من كل قوة الأشرار لأن الله نفسه هو قوة المرتل، وفي الالتجاء إلى الله ملجأه، يجده كفيلًا بحمايته. أحبك يا رب يا قوتي (مز 18: 1). أما أنت يا رب فلا تبعد يا قوتي، أسرع إلى نصرتي (مز 22: 19). يا قوتي لك أرنم، لأن الله ملجأي، إله رحمتي (مز 59: 17). على الله خلاصي ومجدي صخرة قوتي، محتماي في الله (مز 62: 7). قوتي وترنمي الرب، وقد صار لي خلاصًا (مز 118: 14)، * إن داود مسحه صموئيل النبي ملكًا من قبل الله، وهو أيضًا بروح النبوة كان عارفًا أنه سيخلف الملك شاول، لكنه لم يرد هلاك شاول، لئلاَّ يكون قد أخذ المُلك اغتصابًا وقهرًا، بل احتمل اضطهاداته، منتظرًا الفرج من قبل الله. فيقول: أنا أحفظ عزي لديك، أي ادخرت المُلك عنك إلى حين تتحقق إرادتك. ونحن المؤمنين أيضًا نستودع حياتنا ومُلكنا لدى المسيح إلهنا. الأب أنثيموس الأورشليمي * فإن هؤلاء الأقوياء يسقطون للسبب التالي: لأنهم لا يحفظون قوتهم لك. بمعنى أنهم يقومون عليّ ويهجمون، متكلين على ذواتهم. أما أنا فأحفظ قوتي لك، لأنني إن انسحبت (عنك) أفشل. إن اقتربت إليك أصير أكثر قوة. انظروا يا إخوة، ماذا في النفس البشرية. ليس فيها نور من ذاتها، ليس فيها قوات؛ بل وليست حكيمة بذاتها، ولا قوية بنفسها، ولا هي نور من ذاتها، ولا هي فضيلة بذاتها... اقتربوا إليه فتصيروا نورًا. فإنه بالانسحاب عنه تصيرون ظلمة. لهذا فإن "قوتي أحفظها لك"، فلا أنسحب منك، ولا أعتمد على ذاتي. أين كنت أنا، والآن أين أنا؟ إلى أين أنت رفعتني؟ أية آثام لي قد غفرتها؟ القديس أغسطينوس |
|