* إنه لقول صادق، لم يُقل بلا هدف، ولا يمكن تجاهله بأية وسيلة: "كل غادرٍ أثيم لا ترحم". لكنه رحم بولس، الذي كان قبلًا يعمل إثمًا كشاول. فإنه أي عمل صالح فعله حتى يصير متأهلًا للرحمة...؟ ألم يكره قديسيه حتى الموت؟ ألم يحمل رسائل من رئيس الكهنة بقصد أن يعاقب كل من يجدهم من المسيحيين، مسرعًا بهم إلى العقوبة؟ إذ انكب على هذا ألم يكون قاتلًا ينفث مهددًا، كما يشهد عنه الكتاب المقدس؟ ألم يصدر من السماء صوت قديم يستدعيه، ويطرحه أرضًا، ويقيمه؛ يعميه ويهبه استنارة، يقتله ويحييه، يحطمه ويصلحه؟ في مقابل أي استحقاق حدث هذا؟ لا نقل شيئًا سوى ما نسمعه. إنه يقول: "أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا، لكنني رُحمت" (1 تي 1: 13). بالتأكيد: "كل غادر أثيم لا ترحم" يمكن تفسيرها بطريقتين، إما أنه بالحقيقة لا توجد خطية بدون عقاب (مادام الإنسان لم يتب عنها)، أو أنه يوجد نوع من الإثم لا يرحم الله فاعله (وهو الإثم المتعمد مع معرفة ذلك دون التوبة).
القديس أغسطينوس