أما من الناحية العقلية فإن المراهقة هي سن الفكر إذ يكون المراهق قادراً على التأمل والتفكير لأنه يعرف كيف ينسلخ بالعقل عن الظرف الراهن، وهو يحب بالتالي أن يستعمل الأفكار المجردة حتى ولو انه لا يدرك معناها إدراكاً كليًا. يتفتح الفكر على العقلانية (Rationalité)وتستهويه المذاهب الفكرية، وتنمو عند المراهق الروح النقدية، فتراه يسرّ بالمناقشات التي لا نهاية لها. إلا أن التصلب الذي يبديه في هذه المناقشات ليس في الواقع تعلقًا بالحقيقة بقدر ما هو نتيجة لحب المناقضة وللرغبة في تعزيز الذات وسيطرتها.
ورغم ذلك، هنالك حقيقة للتدليل، هي أن المراهق يوخذ في هذه السن يحب الحقيقة. إذ ان هذه السن هي في الواقع اكتشاف القيم اكتشافاً واعياً ومثيراً. هي فترة الوثبات المجردة نحو المثل العليا، نحو الحق.