رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تمتع بحياة كنيسة روحية ليس عجيبًا أن يبدأ المرتل مزمور التوبة بطلب الرحمة لنفسه شخصيًا اعترافًا بخطاياه، لينهي المزمور بالتمتع بالحياة الكنسية الروحية القوية والمتهللة. فإن كانت خطية عاخان بن كرمي قد أساءت إلى الشعب كله، إذ قيل: "في وسطك حرام يا إسرائيل، فلا تتمكن من الثبوت أمام أعدائك، حتى تنزعوا الحرام من وسطكم" (يش 7: 13)، فقد شعر داود بأن توبته هي نزع هذا الحرام ليعطي لنفسه شركة صادقة مع شعبٍ مقدسٍ، ويتمتع الشعب ببركة توبته، حيث يُسر الله به وبهم. "أَحْسِنْ بِرِضَاكَ إِلَى صِهْيَوْنَ. ابْنِ أَسْوَارَ أُورُشَلِيم، حِينَئِذٍ تُسَرُّ بِذَبَائِحِ الْبِرِّ مُحْرَقَةٍ وَتَقْدِمَةٍ تَامَّةٍ. حِينَئِذٍ يُصْعِدُونَ عَلَى مَذْبَحِكَ عُجُولًا [18-20]. إذ تاب داود اكتشف بروح النبوة سرور الله بالبشرية، حيث ينزل كلمة الله متجسدًا، مقدمًا ذاته ذبيحة سرور للآب باسم جميع المؤمنين، مقيمًا تلاميذه ورسله كأسوارٍ حيَّة للكنيسة المُقامة على المسيح الأساس الحيّ، والمحرقة المقبولة لدى الآب. خلاله نقدم "العجول"، أي تقدمات روحية كثيرة. * "صهيون" تُترجم "المتوقع"، و"أورشليم" "رؤية السلام". لتدركوا أنفسكم أنكم في صهيون وأورشليم، إن كنتم تتوقعون برجاء ويقين أنكم تصيرون هكذا، وأن لكم سلام مع الله... لقد بُنيت أسوار أورشليم، فتُقام فوقها شُرفات الخلود والإيمان والرجاء والمحبة. * ما هي المحرقات؟ احتراق الذبيحة بالنار بكاملها؛ عندما يُوضع الحيوان على المذبح ويحترق بالنار، فيُدعى محرقة. ليت النيران الإلهية ترفعنا بكليتنا إلى فوق، ونلتهب بالكامل... ليس فقط نفوسنا ترتفع بنار الحكمة هذه، بل وجسدنا أيضًا، إذ ينال الخلود. ليُقدَّم إذًا كمحرقة فيُبتلع الموت! القديس أغسطينوس *قدم شعب إسرائيل الكثير من ذبائح الحيوانات في العديد من المناسبات. وعندما نفكر في الدرس المستفاد من هذا الموضوع نجده يرتبط في تفكيرنا بسرّ، وهو وجوب التضحية بأهوائنا. "ذبائح الله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 19). لذلك تمجد ذبيحتنا لمديح الواحد صاحب الرائحة الطيبة. تشم النفس الرائحة الطيبة مثل بولس: "رائحة المسيح الطيبة" (كو 2: 15)، وترتفع أعلى من كل رائحة رمزية للشريعة. وتصبح النفس عطرة الرائحة في حياتها، وتشم مرّ الكهنوت وبخور الضمير الذي يتكون من الفضائل المختلفة. حياتها هي رائحة عطرة للعريس. عندما قارن سليمان الشعور المقدس بالعطر المادي للشريعة، أضاف أن الفضائل تعطي رائحة طيبة وغير مادية: "وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب". القديس غريغوريوس أسقف نيصص * لم يرفض ذبائحهم، لأنه كان غاضبًا مثل الإنسان، كما يجسر البعض ويقولون، وإنما من أجل حنوه على عماهم، ولأنه يطلب لهم الذبيحة الحقيقية التي بها يرضى الله، فيقبلوا الحياة منه. القديس إيريناؤس هكذا بدأ المرتل بصرخات قوية يطلب فيها مراحم الله العظيمة، معترفًا بإثمه، وواثقًا في عمل الله الخلاصي هذا الذي يهبه العطايا التالية خلال التوبة: 1. غفران خطاياه، فيجعل نفسه بيضاء كالثلج. 2. يرد له بهجة خلاصه، عوض الغم الذي حلَّ بالخطية في قلبه. 3. يهبه تجديدًا كاملًا لطبيعته، مع تجديدٍ مستمرٍ بالتوبة. 4. يقدس شفتيه، ويفتحهما بالتسبيح. 5. يهبه قوة الشهادة، ليرد المنافقين إلى ملكوت الله المفرح. 6. يقدم ذبائح التسبيح بتواضعٍ. 7. ينعم بالروح الكنسية الجماعية المفرحة. من وحي مز 51 توبني يا رب فأتوب * علمني يا رب كيف اقتني قيثارة حب. فأرافق داود النبي في توبته، بروحٍ خاشعةٍ متواضعةٍ، ورجاءٍ صادقٍ في غنى رحمتك، * أرسل إليّ داود، كما أرسلت إليه ناثان النبي، فأكتشف نفسي، واعترف بخطاياي. أصرخ مع صرخاته، وأبكي مع بكائه، وأتنهد مع تنهداته، ابتهج معه بعملك الخلاصي. * كثيرًا ما أخفيتُ خطيَّتي وراء ظهري، فصارت أمام وجهك، وحُرمت من المثول بين يديك. ليحملها روحك القدوس، ويضعها أمام عينيَّ، فتصرف وجهك عنها، أما نفسي، فتلتصق بك، وترى بهاء وجهك! * الآن أقول: خطيَّتي أمامي في كل حين، لكن نعمة روحك القدوس لا تفارق عينيّ! أنا ضعيف كل الضعف، وأنت غافر الخطية، مجدد الأعماق، ومنقذ النفوس من الفساد! * لقد أسأتُ إلى نفسي المسكينة، وأسأتُ إلى كنيستي المحبوبة، وأهنت كل من هم حولي. لكنني بالحق إذ أدرك إحساناتك أقول: لك وحدك أخطأت! أنت وحدك بلا خطية، قبلتني في الشركة معك، لكنني أسأت التصرف! إحساناتك بلا حصر، فما هو عذري في خطيَّتي؟! * إني لا أشكو الظروف، لا اعتذر بعائلتي، ولا بخدام كلمتك، ولا بقسوة الناس، إنما أشكو نفسي إليك، إنني أقول: قد أخطأت! * عجيب أنت في حبك، تمزج دموع توبتي بدموع فرحي! تحوّل مرارتي إلى عذوبة، وسقوطي إلى نصرة! تهبني عمل روحك الناري، فأنعمُ بروح رئاسة. لا أعود أخاف الخطية، ولا أرهب عدو الخير، مادمت أنت عضدي. بدونك أهلك، وبك انتصر! * حوَّل توبتي إلى شهادة حق، فيعرف الأثمة طرقك، ويرجع المنافقون إليك. استخدمني إناءً للحياة الجادّة الدائمة التوبة! * أسبحك وأمجدك، لأنك إذ تتوبني، تدخل بي إلى صهيون. وترفع قلبي إلى أورشليم. تهبني حياة كنسية سماوية! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 119 | أية معرفة تمتع بها المرتل وسط ضيقاته |
مزمور 116| يُظهر المرتل الشعب وقد تمتع بالخلاص |
مزمور 77 | دخول في ضيق أم تمتع براحة السماء |
مزمور 35 - تمتع بخلاص جماعي |
مزمور 32 - تمسكه بحياة الصلاة |