أن البتول مريم كانت في حصولها بالأحزان الأخرى عارفةً أسبابها وغاياتها. أي عمل أفتداء الجنس البشري، ومراسيم المشيئة الإلهية. وأما في هذا الحادث فلم تكن تعلم سبب فقدانها أبنها وأبتعاده عنها. فيقول المعلم لاسبارجيوس، أن هذه الأم المحزونة كانت حينئذٍ تتوجع بمشادهتها أن يسوع كان منفصلاً عنها بعيدا، لأجل أن فضيلة أتضاعها العميق كان يجعلها أن تظن ذاتها غير مستحقةٍ أن توجد بعد قريبةً من أبنها لكي تخدمه في هذه الأرض، وتهتم في حفظ كنزٍ بهذا المقدار فائق على كل ثمنٍ". وربما كانت تفتكر في قلبها قائلةً باطناً. من يعلم أن ذلك حل بي من قبيل أني لم أكن لحد الآن خدمته تعالى حسناً وبالنوع المتوجب عليَّ. أو ربما أنه أهملني تاركاً إياي لأجل تكاسلٍ ما صدر مني في خدمته.