أية آلامٍ باطنيةٍ شديدةٍ قد تعذبت بها جوارح قلبها على الدوام من هذا القبيل. عندما كانت تنظر بعينيها ذاك الأبن المحبوب في الغاية، وتسمع بأذنيها كلمات الحيوة التي كانت تخرج من فمه، وتلاحظ صفاته الجليلة وفضائله السامية وتصرفاته المملؤة قداسةً. فأب الآباء أبراهيم قد تكبد مرارة الحزن في مدة تلك الثلاثة الأيام. التي بها بعد أن أمر من الله بأن يذبح أبنه أسحاق قرباناً له تعالى كان سائراً به الى الجبل المكان المعين لهذه الذبيحة. ولكن أواه أن مريم قد تكبدت مرائر الحزن على أبنها لا مدة ثلاثة أيامٍ نظير أبراهيم، بل مدة ثلاثة وثلاثين سنةً. الا أني ماذا أقول نظير ابراهيم. والحال أن أوجاعها وآلامها قد كانت أعظم من حزنه بمقدار ما أن أبنها الإلهي هو موضوع الحب أكثر من أبن أبراهيم.