يقول سينكا الفيلسوف (في رسالته 98): أنه لتعيسٌ في الغاية هو ذاك الإنسان الذي يقدر أن يعلم بتأكيدٍ الشرور المزمعة أن تحيق به في أيام حياته الآتية: وحقاً أن الرب يصنع معنا رحمةً عظيمةً في أنه لا يظهر لنا ما هي الصلبان العتيدون نحن أن نحملها، حتى اذا كان يلزمنا أن نتألم بها، فلا يدركنا التوجع الا مرةً واحدةً حين حلول الشدة فقط. غير أن الله لم يستعمل هذه الملاحظة الرأوفة مع مريم البتول التي (لأنه عز وجل كان يريد أن يجعلها سلطانة الأوجاع، وأن تكون شبيهةً بأبنها في كل الأشياء) قد حصلت على معرفة الآلام التي كانت عتيدةً هي أن تتألم بها.