رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انطلاق الفوج الثاني ووصوله في أعماق قلب كل إنسانٍ ٍ توجد شهوة واضحة أو خفية نحو الرغبة في إدراك كيف يسلك في هذا العالم ليعبر إلى الحياة الأخرى، حيث لا يعود يصارع، أو يخشى الموت. والمؤمن الحقيقي يدرك أن أورشليم العليا تنتظره، والسمائيون يتهيأون لاستقباله، لا كضيفٍ أو نزيلٍ، وإنما كصاحب بيت يشاركهم الأبدية. بهذا يتطلع إلى حياته كرحلة، وإن كانت شاقة لكنها سرية وممتعة. وسط الأتعاب تتطلع عيناه إلى العرش الإلهي وإلى حضن الآب. هذا الإصحاح يحمل رمزًا لهذه الرحلة التي تبدو طويلة ولكنها مفرحة، حيث انطلق عزرا ومعه قرابة 8000 شخصًا من بابل إلى أورشليم. سبق فكشف عزرا عن يد الله الصالحة التي عملت في قلب ملك فارس ومشيريه لخير شعب الله. الآن يتلمس يد الله الصالحة والعاملة في قلوب الذين رافقوا عزرا في هذه الرحلة من بابل إلى أورشليم. إنه ليس بالأمر السهل أن يقبل أحد من الرؤساء أو الشعب أن يرجع إلى أورشليم ويترك عمله وتجارته ليبدأ من جديد في بلدٍ حلّ بها الخراب، وأحاط بها الأعداء من كل جانب. هذا بجانب قسوة الرحلة التي تبلغ طولها حوالي 1400 كم، يسيرونها على الأقدام لمدة حوالي أربعة أشهر. لم يجد عزرا أحدًا من اللاويين لمرافقته مع الرؤساء والشعب في هذه الرحلة [15]، فأرسل يطلب بعض اللاويين والمساعدين لهم (النثينيم)، وظهرت يد الله بوضوح في قبول البعض المجيء معه [18]. بدأ رحلته بالاستعداد لها بالصوم والصلاة ثلاثة أيام، وفي نهاية الرحلة مكث ثلاثة أيام يقدم ذبائح الشكر لله الذي رافقهم وحفظهم من مخاطر الطريق. بلغت رحلة عزرا حتى بلغ نهر الفرات ثم عبر إلى فلسطين من الشمال. كانت القافلة تحمل كنوزًا تقدر بحوالي المليون جنيهًا [26-27]. لم يطلب عزرا أن ترافقه فرقة عسكر [22]، بعد أن سَّلم الأمر تمامًا في يد الله. هذا لا يعني أن يلتزم كل مؤمنٍ بنفس الفكر، فإن نحميا وهو رجل إيمان على ذات مستوى عزرا لم يمتنع عن أن تكون معه فرقة من قبل الملك (نح 2: 7، 9). عزرا رجل الحكمة العظيمة، إذ يعلم أن الناس سرعان ما يتعثرون، ولئلا يشوِّه الأعداء صورته فيظنون أنه أخذ لنفسه فضة أو ذهبًا، لذلك وزن الكنوز وسجلها بدقة قبل الرحلة وبعدها [24-34]. هكذا فعل الرسول بولس أيضًا عندما جمع للقديسين (2 كو 8: 20-21). كانت التقدمات والذبائح المقدمة في بيت الله باسم الاثني عشر سبطًا، حيث صار الكل شعبًا واحدًا، بكونهم رمزًا للكنيسة الواحدة الراجعة من سبي إبليس (أف 4: 3-4). لماذا سمح الله بالعودة من بابل إلى أورشليم على ثلاث دفعات؟ أما كان يُمكن أن يسمح الله بأن يُصدر الملك كورش أمرًا بعودة جميع اليهود معًا دفعة واحدة تحت قيادة زربابل ويشوع؟ هل من ضرورة للفوج الثاني تحت قيادة عزرا، والثالث تحت قيادة نحميا؟ 1. الله الذي وهب الإنسان حرية الإرادة لم يرد أن يحقق العودة قسرًا، إنما قدمها للجميع، وترك لكل إنسان كامل الحرية، حتى يُكافأ على عودته التي يحققها دون إلزام. 2. وجود الدفعات الثلاث يكشف عن رحلة البشرية من سبي إبليس إلى حرية مجد أولاد الله، والبعض يتجاوبون مع الدعوة سريعًا، هؤلاء يحسبون أصحاب الساعة الأولى، ويبقى الباب مفتوحًا للعبور في الساعات التالية حتى آخر لحظة من لحظات النهار، أي أصحاب الساعة الحادية عشرة، عند غروب شمس هذا العالم. والكل يتمتعون بالدخول إلى أورشليم العليا. 3. اختار الله قادة متنوعين: ففي الفوج الأول برز زُربابل من نسل داود الملك، كرمز للمسيح ملك الملوك. وفي الفوج الثاني برز عزرا الكاهن بكونه رمزًا لكلمة الله ورئيس الكهنة الأعظم، وفي الفوج الأخير برز نحميا الأمين في عمله كرمز للسيد المسيح المدعو الآمين. وكان الله يريد من جميع المؤمنين أن يكونوا قادة روحيين، سواء كانوا من نسل ملوكي، أو من نسل كهنوتي، أو من الشعب. 4. وإن اشتركت الأفواج الثلاثة في طابعها الروحي، وقيامها تحت قيادة الله نفسه العامل في القادة كما في الشعب، لكن لكل رحلة سمات خاصة. كمثالٍ لم يطلب عزرا حراسة للحماية من العدو، لئلا يتعثر الملك الوثني، فيظن أن الله عاجز عن حمايتهم، بينما لم يرفض نحميا الحراسة التي قدمها الملك له. هذا لا يعني أن أحدهما يفوق الآخر في الإيمان، إذ كلاهما اعتمد على حراسة الله نفسه، وإن اختلف الأسلوب نتيجة اختلاف الظروف. 5. بلغت الأفواج الثلاثة أورشليم، لكن لكل فوج دوره، ولا يستغني الواحد عن الفوجين الآخرين. الفوج الأول رسالته بناء المذبح والهيكل، والثاني إقامة الشعائر والذبائح والاحتفال بالأعياد، والثالث بناء الأسوار. لكن الثلاثة كانوا ملتزمين بالإصلاح الداخلي. 1. رؤوس الآباء وَهَؤُلاَءِ هُمْ رُؤُوسُ آبَائِهِمْ، وَنِسْبَةُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعِي فِي مُلْكِ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ مِنْ بَابِلَ [1]. نجد هنا قائمة الذين صعدوا مع عزرا. هذه هي القائمة الثانية، تختلف عن القائمة في الأصحاح الثاني، والفارق بينهما حوالي 80 سنة. فالمجموعة الأولى صعدت مع زرُبابل ويشوع سنة 536 ق. م. وهذه القائمة يُمكن اعتبارها أصحاب الساعة السادسة - صعدت مع عزرا سنة 458ق. م.، أما الفوج الثالث الذي انطلق تحت قيادة نحميا بعد ذلك فيُمكن اعتباره أصحاب الساعة الحادية عشرة. والجميع مقبولون لدى الله، ولهم نصيب في أورشليم السماوية. فإن أبواب السماء مفتوحة تنتظر لتستقبل كل إنسانٍ ولو في النسمة الأخيرة، دون عتابٍ على تأخيره. وجه عزرا نداء لرؤوس العائلات، وهؤلاء بدورهم دعوا الأسر معهم. فاستجاب لندائه 1496 رجلًا، يقدر البعض عدد الأفراد بحوالي 8000 نسمة، وهم يمثلون الفوج الثاني من العائدين من السبي. استحقوا تسجيل أسمائهم كأناس أمناء فضلوا بنيان مملكة الله، عن مصالحهم الزمنية الشخصية. الله الأمين يعتز بأسماء الأمناء المخلصين في حبهم له وخدمتهم في كرمه، والعمل لحساب ملكوته، فيسجلها في سفر الحياة الدائم. في مثَل العاملين لحساب الملكوت (مت 20: 1-16) الذي قدمه لنا السيد للمسيح نرى الله يعد الكل بالدينار، هذا لا يعني أن يؤجِّل الإنسان توبته وطاعته للعمل في كرم الرب، وكما يقول القديس أغسطينوس: [هل أولئك الذين استأجرهم في كرْمه، عندما جاءهم صاحب الكرم في الساعة الثالثة كمثال قالوا له... انتظر إننا لا نذهب حتى الساعة السادسة؟ أو أولئك الذين وجدهم في الساعة السادسة، هل قالوا: إننا لسنا ذاهبين إلاّ في الساعة التاسعة...؟ إذ نعطي الكل بالتساوي، لماذا نذهب ونُتعب أنفسنا أكثر ما يلزم...؟ فإنه ما كان يعطيهم لو لم يذهبوا... بل يجاوبهم: ألا تريدون أن تعملوا الآن يا من لا تعرفون إن كنتم ستعيشون حتى تكبروا في السن أم لا؟ لقد دُعيتَ في الساعة السادسة، تعال، حقًا إن صاحب الكرم يعدك بدينار، إن أتيت في الساعة الحادية عشر، لكنّه لم يعدك أنك تعيش حتى الساعة السابعة؛ لا أقول الحادية عشرة بل ولا السابعة. إذن لا تؤجّل، فإن الذي دعاك يؤكّد لك المكافأة، لكن الأيام غير مؤكدة.] كما يقول القديس أغسطينوسأيضًا: [إن السيِّد في هذا المثل قد فتح الباب للجميع، فلا ييأس أحد، إنه يكرّر الدعوة قابلًا الجميع، لكن لنبدأ أيضًا لئلا نتحطّم بالرجاء الفاسد خلال التأجيل، إذ يقول: لا تؤجل، لا تغلق أمامك الباب المفتوح الآن. هوذا واهب المغفرة فاتح الباب أمامك، فلماذا تؤجِّل؟ لتبتهج، فإن الباب مفتوح وأنت لم تقرع، لكن هل يبقى مفتوحًا إلى الأبد بالنسبة للذين سيقرعون ويبقون خارجًا...؟ إنك لا تعلم ما سيحدث غدًا.] مِنْ بَنِي فِينَحَاسَ جِرْشُومُ. مِنْ بَنِي إِيثَامَارَ دَانِيَآلُ. مِنْ بَنِي دَاوُدَ حَطُّوشُ [2]. ذكر عزرا أسماء الكهنة أولًا، جرشوم بن فينحاس بن اليعازر بن هرون، ودانيال من بني إيثامار بن هرون، فكان بعض الكهنة من نسل فينحاس، والبعض من نسل إيثامار شقيق اليعازر الأصغر. مِنْ بَنِي شَكَنْيَا مِنْ بَنِي فَرْعُوشَ زَكَرِيَّا، وَانْتَسَبَ مَعَهُ مِنَ الذُّكُورِ مِئَةٌ وَخَمْسُونَ [3]. يضع الذين من بيت داود الملك من بني داود حطوش من بني شكنيا، ومن بني فرعوش زكريا هذه تفهم بإحدى المعنيين: 1. حطوش من بني داود، وزكريا هو من بني فرعوش، وفرعوش هو من بني شكنيا. 2. من بني داود حطوش من بني شكنيا، ثم زكريا من بني فرعوش. مِنْ بَنِي فَحَثَ مُوآبَ أَلِيهُوعِينَايُ بْنُ زَرَحْيَا، وَمَعَهُ مِئَتَانِ مِنَ الذُّكُورِ [4]. مِنْ بَنِي شَكَنْيَا ابْنُ يَحْزِيئِيل،َ وَمَعَهُ ثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ الذُّكُورِ [5]. وشكنيا في آية 5 غير شكنيا في آية 3. مِنْ بَنِي عَادِينَ عَابِدُ بْنُ يُونَاثَانَ، وَمَعَهُ خَمْسُونَ مِنَ الذُّكُورِ [6]. مِنْ بَنِي عِيلاَمَ يَشَعْيَا ابْنُ عَثَلْيَا، وَمَعَهُ سَبْعُونَ مِنَ الذُّكُورِ [7]. وَمِنْ بَنِي شَفَطْيَا زَبَدْيَا بْنُ مِيخَائِيلَ، وَمَعَهُ ثَمَانُونَ مِنَ الذُّكُورِ [8]. مِنْ بَنِي يُوآبَ عُوبَدْيَا ابْنُ يَحِيئِيلَ، وَمَعَهُ مِئَتَانِ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنَ الذُّكُورِ [9]. وَمِنْ بَنِي شَلُومِيثَ ابْنُ يُوشَفْيَا، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَسِتُّونَ مِنَ الذُّكُورِ [10]. وَمِنْ بَنِي بَابَايَ زَكَرِيَّا بْنُ بَابَاي،َ وَمَعَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الذُّكُورِ [11]. وَمِنْ بَنِي عَزْجَدَ يُوحَانَانُ بْنُ هِقَّاطَان،َ وَمَعَهُ مِئَةٌ وَعَشْرَةٌ مِنَ الذُّكُورِ [12]. وَمِنْ بَنِي أَدُونِيقَامَ الآخَرِين،َ وَهَذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ أَلِيفَلَطُ وَيَعِيئِيلُ وَشَمَعْيَا، وَمَعَهُمْ سِتُّونَ مِنَ الذُّكُورِ [13]. غالبًا عاد البعض من بني أدونيقام مع زرُبابل في الفوج الأول، والبعض مع عزرا مع الفوج الثاني. "بنو أدونيقام الآخرين" معنى هذا غالبًا أن العدد الأكبر من أبناء أدونيقام صعد مع زربابل في الصعود الأول، والعدد الأقل صعدوا الآن مع عزرا، وكان المتبقي من بيت أدونيقام ستون من الذكور، في ثلاثة بيوت وهم "أليفلط ويعيئيل وشمعيا". وَمِنْ بَنِي بَغْوَايَ عُوتَايُ وَزَبُّود،ُ وَمَعَهُمَا سَبْعُونَ مِنَ الذُّكُورِ [14]. 2. الاستعداد للرحيل فَجَمَعْتُهُمْ إِلَى النَّهْرِ الْجَارِي إِلَى أَهْوَا، وَنَزَلْنَا هُنَاكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. وَتَأَمَّلْتُ الشَّعْبَ وَالْكَهَنَة،َ وَلَكِنَّنِي لَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنَ اللاَّوِيِّينَ هُنَاكَ [15]. مئونة الرحلة [15-30]: اجتمع العائدون إلى أورشليم عند نهر أهوا الجاري، ليمكثوا هناك ثلاثة أيام. هكذا يجتمع موكب الكنيسة المنطلقة إلى أورشليم العليا كما عند مياه المعمودية، حيث ينالون بالروح القدس روح التبني، ويختبرون الحياة المقامة مع المسيح الذي دفن ثلاثة أيام. هذا هو رصيد الكنيسة كلها، بل ورصيد كل مؤمن الذي يسنده كل أيام رحلته على الأرض حتى يعبر إلى المسيح القائم من الأموات الصاعد إلى السماء. بنوتنا لله وتمتعنا بقوة القيامة وتجديد الروح القدس لحياتنا، هذه هي سندنا وسط معارك العدو المستمرة أثناء عبورنا من هذا العالم حتى نبلغ الفردوس في سلام وأمان. * لنا ميلادان: أحدهما أرضي، والآخر سماوي. الأول من الجسد، والثاني من الروح. الأول صادر عن مبدأ قابل للفناء، والثاني عن مبدأ أبدي. الأول من رجل وامرأة، والثاني من الله والكنيسة. الأول يجعلنا أبناء الجسد، والثاني أبناء الروح. الأول يصيرنا أبناء الموت، والثاني أبناء القيامة. الأول أبناء الدهر، والثاني أبناء اللَّه. الأول يجعلنا أبناء اللعنة والغضب، والثاني أبناء البركة والمحبة. الأول يقيدنا بأغلال الخطيئة الأصلية، والثاني يحلّنا من رباطات كل خطيئة . القديس أغسطينوس أهوا: اسم النهر، وغالبًا ما كان قناة من قنوات بابل أو أحد روافد نهر الفرات بالقرب من بابل. دُعيت اسم المنطقة التي بها هذا النهر باسم النهر. قطنت عائلات يهودية كثيرة في هذه المنطقة، إذ كان اليهود يميلون إلى السكنى بجوار مجاري المياه لحاجتهم إلى المياه في الغسلات الكثيرة التي يمارسونها. فيقول المرتل: "على أنهار بابل هناك جلسنا" (مز 137: 1). ويقول حزقيا النبي: "وأنا بين المسبيين عند نهر خابور" (حز 1: 1). وتشير المياه الجارية إلى عمل الروح القدس، كما إلى نعمة الله العاملة في المؤمنين، فيُقال عن المؤمن: "يكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه" (مز 1: 3). بقاؤهم عند النهر 3 أيام يشير إلى التمتع بالقيامة مع السيد المسيح في اليوم الثالث خلال المعمودية. * عظيمة هي المعمودية التي تَهِب لكم: عتق الأسر، غفران المعاصي، موت للخطيئة، ولادة ثانية للنفس، ثوب النور، ختم مقدس لا ينحل، مركبة إلى السماء، نعيم الفردوس، سبب الملكوت، عطية التبني. * كنتم تولدون في نفس اللحظة التي فيها كنتم تموتون، فقد كانت مياه الخلاص بالنسبة لكم قبرًا وأمًا. القديس كيرلس الأورشليمي إذ جلس عند النهر في هدوء اكتشف عزرا أنه لا يوجد أحد من اللاويين خدام بيت الله وسط هذا الفوج. لقد عاد معهم 74 شخصًا في الفوج الأول، أما الفوج الثاني فلم يجد أحدًا معهم. أرسل عزرا رسالة خاصة إلى إدو الرأس، وكان لهذه الرسالة أثرها، وذلك لا بفعل كلمات عزرا الحماسية أو توبيخه لهم، وإنما "حسب يد الله الصالحة علينا" [18]. صعد من اللاويين نحو 40 لاويًا. في الصعود الأول مع زربابل كان عدد اللاويين قليلًا، وهنا لا نجد أحدًا منهم. مما يحزن القلب أن بعض خدام الرب كاللاويين لا يبالون بالانطلاق اليومي إلى الحياة الفردوسية المفرحة، إذ هم مرتبكون بأمور العالم الزمنية، بينما يسبقهم الكثير من الشعب، من كبارٍ وصغارٍ، بل ويسبقهم حتى القادمون من الأمم ليقبلوا الإيمان بفرحٍ شديدٍ. لماذا هرب اللاويون من الصعود إلى أورشليم؟ ربما للأسباب التالية أو بعضها: أ. السبب الرئيسي هو أنهم حصلوا على أعمال ومناصب في بابل واستصغروا وظيفتهم في الهيكل، فلم يريدوا العودة. ب. ربما لم يرَ بعضهم أورشليم، إنما سمعوا عنها من آبائهم، ففترت رغبتهم في الذهاب إليها، إذ لم يذوقوا عذوبة خدمة الرب. ج. سمعوا عن آبائهم وأجدادهم اللاويين الذين كانوا يمارسون الكثير من الطقوس الدينية حين كان الهيكل في مجده العظيم، والآن ليس من وجه للمقارنة بين هيكل سليمان وهيكل زرُبابل. د. صعودهم إلى أورشليم يكلفهم الكثير، إذ يتركون ممتلكاتهم في بابل، دون أن يكون لهم الحق في شراء أراضٍ وحقولٍ في أورشليم أو إسرائيل. ه. ربما خشوا مخاطر الرحلة ومشقاتها، إذ سمعوا عن الأعداء الكامنين في الطريق لمقاومتهم. فَأَرْسَلْتُ إِلَى أَلِيعَزَرَ وَأَرِيئِيلَ وَشَمَعْيَا وَأَلْنَاثَانَ وَيَارِيبَ وَأَلْنَاثَانَ وَنَاثَانَ وَزَكَرِيَّا وَمَشُلاَّمَ الرُّؤُوس،ِ وَإِلَى يُويَارِيبَ وَأَلْنَاثَانَ الْفَهِيمَيْن [16].ِ الفهيمين غالبًا كانا معلمين يتميزون عن الباقين من العشرة المذكورين هنا بفهمٍ خاص. وَأَرْسَلْتُهُمْ إِلَى إِدُّو الرَّأْسِ فِي الْمَكَانِ الْمُسَمَّى كَسِفْيَا، وَجَعَلْتُ فِي أَفْوَاهِهِمْ كَلاَمًا، يُكَلِّمُونَ بِهِ إِدُّوَ وَإِخْوَتَهُ النَّثِينِيمَ فِي الْمَكَانِ كَسِفْيَا، لِيَأْتُوا إِلَيْنَا بِخُدَّام لِبَيْتِ إِلَهِنَا [17]. إدو الرأس غالبًا كان إدو رئيس مدرسة اللاويين والنثينيم في كسفيا، حيث تكثر مساكنهم هناك. كسفيا: يوجد رأيان، وهما: 1. تشير كلمة كسفيا إلى الفضة، فقيل أن هؤلاء اللاويين كانوا يعملون في مناجم الفضة التي في مقاطعة ميديا. 2. هناك من اخذ بالتفسير الرمزي، فقالوا أن كسفيا هي مدرسة لللاويين بقيادة إدو، وفيها يعلمون كلمة الله التي هي كالفضة، ورئيس هذه المدرسة هو إدو الذي أرسل إليه عزرا ليرسل لهُ بعضًا من اللاويين ليكونوا خدامًا في الهيكل. لاحظ أن مجموعة من اللاويين تحركوا إلى أورشليم بعد أن تلقوا دفعة من عزرا ومن إدو رئيسهم. كثيرون يحتاجون إلى دفعة للسير في طريق الله، فهم يريدون الله لكنهم متثاقلون، يحتاجون إلى من يشجعهم. فَأَتُوا إِلَيْنَا حَسَبَ يَدِ اللهِ الصَّالِحَةِ عَلَيْنَا، بِرَجُلٍ فَطِنٍ مِنْ بَنِي مَحْلِي بْنِ لاَوِي بْنِ إِسْرَائِيل،َ وَشَرَبْيَا وَبَنِيهِ وَإِخْوَتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ [18]. برجل فطن: هو من بني محلي، ولكن اسمه لم يرد قبل ذلك، وهذا له عدة تفاسير: 1. أن اللفظة العبرانية المترجمة "رجل فطن" هي اسم علم أي "أشتسقيل" من بني محلي، فيكون هذا اسمه. 2. هناك من يترك واو العطف أو الباء، فيكون شربيا هو الرجل الفطن. 3. هناك من يقول أن اسم الرجل الفطن متروك قصدًا من الكاتب. وَحَشَبْيَا وَمَعَهُ يَشَعْيَا مِنْ بَنِي مَرَارِي، وَإِخْوَتُهُ وَبَنُوهُمْ عِشْرُونَ [19]. وَمِنَ النَّثِينِيمِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ دَاوُدُ مَعَ الرُّؤَسَاءِ لِخِدْمَةِ اللاَّوِيِّين،َ مِنَ النَّثِينِيمِ مِئَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. الْجَمِيعُ تَعَيَّنُوا بِأَسْمَائِهِمْ [20]. موقف النثينيم، أو مساعدي اللاويين يخزي اللاويين، فقد صعد منهم 220 شخصًا، بينما صعد 40 لاويًا بعد عدة نداءات. وقد سبق لنا الحديث عن التثينيم عند حديثنا عن الموكب الأول تحت قيادة زرُبابل (عز 2: 43 إلخ). "الجميع تعينوا بأسمائهم"، أي نادوا على أسمائهم لمقارنتها بالكشوف، ولعل عزرا لم يرد أن يذكر أسماءهم لأنهم لم يأتوا من أنفسهم أولًا. وَنَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا. لِنَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلَهِنَا، لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا، وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا [21]. "ناديت بصوم" هو للتوبة وللتذلل ليساعدهم الله على صعوبات الطريق لتكون طريقهم طريقًا مستقيمة بلا عائق (إش 40: 3). ونحن في طريقنا للملكوت توجد صعاب كثيرة تحتاج إلى الصلاة والصوم. اهتم عزرا بالصوم والتذلل كحراسة إلهية... لم يطلب حراسة من الملك! كان عزرا على علم بأنه يوجد أعداء يكرهون اليهود يتربصون لهم في الطريق. وإن الرحلة شاقة من كل الجوانب، خاصة وأنها تضم نساءً وأطفالًا، يصعب أن يسيروا قرابة أربعة شهور على الأقدام. رفع عزرا قلبه إلى الله طالبًا العون والمساندة والحماية، نادي عزرا بالصوم بكونه السلاح الفائق في رحلتهم الشاقة. إن كان اجتماعهم عند نهر أهوا يشير إلى الحاجة إلى نعمة المعمودية، فإن تمتعنا بالنعمة يحثنا بالأكثر على الصوم والتذلل في جهادنا الذي يتكئ على نعمة الله. فالنفس تتهلل بنعمة الله، وفي تهليلها تجاهد فتتأهل بالحماية الإلهية، كعطية مجانية من قبل الله. * الصوم حارس للنفس، ورفيق أمين للجسد، الصوم سلاح الشجعان، ومدرب النُساك، الصوم يصَّد التجارب، ويُمهد الطريق للتقوى، إنه رفيق الهدوء وصانع العفة الصوم يعمل أعمالًا باهرة في الحروب، ويُعلَّم السكينة في وقت السلام الصوم يُقدِّس النذير ويجعل الكاهن كاملًا. الصوم يجعل العاقر تلد أولادًا، ويصنع الأقوياء، ويجعل المشرّعين حكماء لأنه كيف يمكن للكاهن أن يصلي بدون صوم؟ لقد كانت ممارسة الصوم أمرًا ضروريًا ليس فقط في عبادة العهد الجديد السرائرية ولكن أيضًا بالنسبة للعبادة الناموسية . * الصوم يُصعد الصلاة إلى السماء كما لو كانت ريشة تطير نحو الأعالي. الصوم هو سبب رُقيّ وتقدم الشعوب، الصوم أصل الصحة، الصوم مربي للشباب وزينة الشيوخ، والرفيق الصالح للمسافرين. الصوم هو خيمة آمنة للذين يطلبون مأوى. فالرجل المتزوج لا يرتاب من زوجته عندما يراها تصوم دائمًا. بالمثل فالمرأة تثق في رجلها ولا تدع الغيرة تتملكها عندما تراه يصوم دائمًا . القديس باسيليوس الكبير لأَنِّي خَجِلْتُ مِنْ أَنْ أَطْلُبَ مِنَ الْمَلِكِ جَيْشًا وَفُرْسَانًا، لِيُنْجِدُونَا عَلَى الْعَدُوِّ فِي الطَّرِيق،ِ لأَنَّنَا قُلْنَا لِلْمَلِكَ: إِنَّ يَدَ إِلَهِنَا عَلَى كُلِّ طَالِبِيهِ لِلْخَيْر،ِ وَصَوْلَتَهُ وَغَضَبَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَتْرُكُهُ [22]. ظهر إيمان عزرا الحي، فقد آمن برب الجنود القادر أن يحفظه، فلا يليق به أن يطلب من الملك الوثني حراسة بشرية. "جيشًا وفرسانًا": لقد تكلم عزرا عن إلهه أمام الملك أنه إله قادر أن يحمي شعبه، فكيف يطلب الآن جيشًا وفرسانًا لحمايته؟ لذلك اعتمد على الله أن يحميه ولم يطلب حماية. أما نحميا ففي صعوده كان معه جيش لحمايته، لكن نحميا لم يطلب أن يُرسل معه جيش. إنما قبل هذا، ولماذا يرفض، فالله له وسائله المتعددة ليحمي أولاده. فَصُمْنَا وَطَلَبْنَا ذَلِكَ مِنْ إِلَهِنَا، فَاسْتَجَابَ لَنَا [23]. إذ اتكأ عزرا ومن معه على قوة الله ونعمته بقلوب نقية، وتسليم كامل بين يدي الله، لذلك نسمع العبارة "فاستجاب لنا". إنه إله المستحيلات القدير، الذي يشتاق أن يجد قلوبًا نقية تطلب منه ما يطابق إرادته، ففي أبوه حانية يستجيب لها. بالصوم والصلاة مع نقاوة القلب استجاب الله لطلبة عزرا ومن معه. * "ليت طلباتي تأتي أمام الرب". فإنه إن بلغت صلاتي العلا، يهلك أعدائي (مز 92: 2)؛ الصديق يثبت (حك 5: 1)، الشبكة تنكسر، والعصفور إذ يتحرر يطير في حرية (مز 124: 7)؛ والمضطهدون يحنون رؤوسهم، والمضطَهَدين يفرحون (مت 5: 10-12). الأب هيسيخيوس الأورشليمي * الصلاة النقية تجد طريقها لدى الله، فهي تتحدث إليه، تسمعه وتثق فيه.* لا تضجر في طلبك. لا تفكر بأن طلبك يعود فارغًا. لا تقل: طلبت كثيرًا ولم أجد، ولعلني لا أجد أبدًا. القديس مار يعقوب السروجي * ليس أحد يعينه الله ما لم يصنع هو شيئًا. إنه سيُعان إن صلي. * الأثر الكامل للإيمان هو هذا: يجعلنا نسأل فنأخذ، نطلب فنجد، نقرع فيُفتح لنا. بينما الإنسان الذي يجادل يغلق باب رحمة الله أمام نفسه. القديس أغسطينوس * لنؤمن أنه مهما سألنا الآب ننال باسمه، لأن إرادة الآب هي أن نطلب خلال الابن، وإرادة الابن أن نطلب من الآب... لا تفهم من ذلك أن الآب غير قادر أن يفعل، وإنما توجد قوة واحدة تتكشف. القديس أمبروسيوس وَأَفْرَزْتُ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ: شَرَبْيَا وَحَشَبْيَا، وَمَعَهُمَا مِنْ إِخْوَتِهِمَا عَشَرَةٌ [24]. كان ملوك فارس أغنياء جدًا. قدم الملك الكثير من الذهب والفضة، حتى النحاس كان من نوع خاص "صقيل جيد ثمين كالذهب" [27]. سلم عزرا هذه الكنوز لأيدٍ أمينة تحملها معه إلى أورشليم لتقديمها لبيت الرب. وَوَزَنْتُ لَهُمُ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ وَالآنِيَةَ، تَقْدِمَةَ بَيْتِ إِلَهِنَا الَّتِي قَدَّمَهَا الْمَلِكُ، وَمُشِيرُوهُ وَرُؤَسَاؤُهُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ الْمَوْجُودِين [25]. مع ثقته في أمانة رؤساء الكهنة والكهنة ومعهم اللاويين، لكنه سلم لهم كل شيءٍ بالوزن، لتجنب الشبهات، ولقطع الطريق على الذين يفترون عليهم. وكما يقول الرسول: "معتنين بأمورٍ حسنةٍ ليس قدام الرب فقط، بل قدام الناس أيضًا" (2 كو 8: 21). وَزَنْتُ لِيَدِهِمْ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ وَزْنَةً مِنَ الْفِضَّة،ِ وَمِئَةَ وَزْنَةٍ مِنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَمِئَةَ وَزْنَةٍ مِنَ الذَّهَب [26].ِ وَعِشْرِينَ قَدَحًا مِنَ الذَّهَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَآنِيَةً مِنْ نُحَاسٍ صَقِيلٍ جَيِّدٍ ثَمِينٍ كَالذَّهَبِ [27]. وَقُلْتُ لَهُمْ: أَنْتُمْ مُقَدَّسُونَ لِلرَّبِّ، وَالآنِيَةُ مُقَدَّسَةٌ، وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ تَبَرُّعٌ لِلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِكُمْ [28]. في اعتزاز يقول عزرا إنهم مقدسون للرب، والآنية مقدسة، مكرسة للرب. مع اهتمام عزرا بآنية بيت الرب المقدسة، فإن هذه الآنية من أجل تقديس الشعب، لهذا يقول عزرا: "أنتم مقدسون للرب، والآنية مقدسة..."، مقدمًا النفوس عن الآنية الذهبية والفضة. فَاسْهَرُوا وَاحْفَظُوهَا حَتَّى تَزِنُوهَا، أَمَامَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَرُؤَسَاءِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ، فِي أُورُشَلِيمَ فِي مَخَادِعِ بَيْتِ الرَّبِّ [29]. يطالبهم عزرا الكاهن بحياة السهر والأمانة، فإن كان السيد المسيح يُدعى "الأمين"، يليق بأعضائه، أن يشتركوا معه في سمة "الأمانة". ففي يوم الرب العظيم يُقال للمؤمن الحقيقي: "كنت أمينًا في القليل، فأقيمك على الكثير" (مت 25: 21) الأمانة واجبة في جميع الأمور، ولا سيما في مال الرب، لهذا سلم عزرا الآنية للكهنة ومعهم اللاويين بالوزن ليسلموها في بيت الله بالوزن، فلا يضيع شيء. والأهم من الآنية نفوس البشر فهي أمانة في عنق الكهنة والخدام. كما تسلموا كل شيءٍ بالميزان، يليق بهم تسليمه بالميزان، حتى لا يتشكك أحد فكر في أمانتهم. فَأَخَذَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَزْنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ، لِيَأْتُوا بِهَا إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى بَيْتِ إِلَهِنَا [30]. 3. من أهوا إلى أورشليم ثُمَّ رَحَلْنَا مِنْ نَهْرِ أَهْوَا فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، لِنَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَكَانَتْ يَدُ إِلَهِنَا عَلَيْنَا، فَأَنْقَذَنَا مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ وَالْكَامِنِ عَلَى الطَّرِيقِ [31]. انطلقت الرحلة التي سبق فرآها إشعياء النبي بروح النبوة، قائلًا: "اخرجوا من وسطها (بابل)، تطهروا يا حاملي آنية الرب. لأنكم لا تخرجون بالعجلة، ولا تذهبون هاربين، لأن الرب سائر أمامكم، وإله إسرائيل يجمع ساقتكم" (إش 52: 11-12). لم يذكر عزرا الكاتب كيف أنقذهم الله من يد العدو في الطريق, لقد اختبر ما يقوله المرتل: "يقوم الله، يتبدد أعداؤه، ويهرب مبغضوه من أمام وجه..." (مز 68: 1 إلخ). "فأنقذنا" الله، إذ يحفظ مسيرتنا إلى أورشليم السماوية، وهنا حفظهم الله من الأعداء الكامنين على الطريق، أي قطاع الطرق، وهم منتشرون جدًا، لكن عناية الله دفعت الأعداء بعيدًا عنهم. بدأ بالإقامة 3 أيام يقدمون الشكر للذي وهبهم الحياة المقامة، وعادوا إلى أورشليم سالمين. في اليوم الرابع قدموا التقدمات لبيت الرب وسلموا أوامر الملك للمرازبة والولاة. وصف الرحلة كلها التي استغرقت حوالي أربعة أشهر في هذه العبارة الواحدة. لم يروِ لنا عزرا من هو العدو، وماذا عانى الشعب من قطَاع الطرق، إنما كل ما كتبه أن الله أنقذ الموكب كله. عندما نبلغ الفردوس نتطلع إلى كل سنوات عمرنا كأنها لحظات عبرت، وما نذكره في ذلك الحين هو عمل الله معنا، دون التفكير في أشخاص المضايقين ومرارة الضيق. تبلغ الأمجاد الفائقة فكرنا، وشوقنا لخلاص العالم كله يشغلنا، وتسبيحنا مع الطغمات السماوية يصير عملنا، هذا ما نبلغه يوم خروجنا من العالم ودخولنا الفردوس. ليتنا نتمتع بعربون ونحن بعد في الجسد. فَأَتَيْنَا إِلَى أُورُشَلِيم،َ 4. تقديم الشكر لله وَأَقَمْنَا هُنَاكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ [32]. ربما يصعب تصوير استقبال أقاربهم ومعارفهم وبني جنسهم لهم. إنما العجيب كما بقوا معًا في بدء الرحلة عند نهر أهوا صائمين ومصلين لكي يبدأ معهم الرب الرحلة ويتقدمهم، الآن لم يتفرقوا. لم يذهب أحد منهم إلى بيت من بيوت أقربائه لكي يستريح. وإنما بقي الجميع ثلاثة أيام كأن الرحلة لم تنتهِ بعد، يقدمون ذبائح التسبيح والشكر لله الذي سار معهم في الطريق، وحافظ عليهم. لم ينشغل القادمون من بابل بالتعرف على أخبار أقربائهم، ولا تدبير مواضع للراحة، ولا التفكير فيما سيفعلونه. إنما أقاموا معًا هناك ثلاثة أيام، كأنهم يعيشون معًا في خبر القيامة مع المسيح في صورة رائعة مجيدة. وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وُزِنَتِ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَالآنِيَةُ فِي بَيْتِ إِلَهِنَا، عَلَى يَدِ مَرِيمُوثَ بْنِ أُورِيَّا الْكَاهِن،ِ وَمَعَهُ أَلِعَازَارُ بْنُ فِينَحَاس،َ وَمَعَهُمَا يُوزَابَادُ بْنُ يَشُوعَ وَنُوعَدْيَا بْنُ بَنُّويَ اللاَّوِيَّانِ [33]. "وفي اليوم الرابع وُزنت الفضة" والآنية. في أيام كورش سلمت بالعدد، وهنا سُلمت بالعدد والوزن حتى لا ينقص شيء، وهذا يدل على اهتمام الله بأولاده، وأن ه يلزم على خدام الله أن يكونوا أمناء على كل نفسٍ، فأولاد الله هم آنيته المقدسة، وقد ائتمن خدامه عليهم (2 تي 2:2). تسلم اثنان من الكهنة واثنان من اللاويين الفضة والذهب، وطابقوا بين المرسل من بابل، وما تسلموه في أورشليم. في اليوم الرابع قدم الوكلاء حساب الوكالة، وسلموها بالعدد والميزان لبيت الله. بِالْعَدَدِ وَالْوَزْنِ لِلْكُلِّ، وَكُتِبَ كُلُّ الْوَزْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ [34]. وكتب كل الوزن لأجل الضبط والحفظ في السجل. وَبَنُو السَّبْيِ الْقَادِمُونَ مِنَ السَّبْيِ، قَرَّبُوا مُحْرَقَاتٍ لإِلَهِ إِسْرَائِيل،َ اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا عَنْ كُلِّ إِسْرَائِيلَ وَسِتَّةً وَتِسْعِينَ كَبْشًا وَسَبْعَةً وَسَبْعِينَ خَرُوفًا وَاثْنَيْ عَشَرَ تَيْسًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. الْجَمِيعُ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ [35]. قدم بنو السبي القادمون محرقات عن أسباط إسرائيل، للشكر على حفظ الله لهم في الطريق، ولتكريس أنفسهم لله. كما قدموا ذبائح خطية للتكفير عن خطاياهم. لاحظ تكرار رقم 12 في عدد الأسباط، فهم الآن شعب واحد. وَأَعْطُوا أَوَأمِرَ الْمَلِكِ لِمَرَازِبَةِ الْمَلِكِ وَوُلاَةِ عَبْرِ النَّهْرِ، 5. تقديم أوامر الملك للمرازبة والولاة فَأَعَانُوا الشَّعْبَ وَبَيْتَ اللهِ [36]. لم يسرع عزرا باللقاء مع مرازبة الملك والولاة لتقديم أوامر الملك، إنما انتظر حتى يقضي الفوج ثلاثة أيام شكر لله، ويقدم الوكلاء حساب وكالتهم، وبعد تقديم المحرقات وذبائح الخطية لله. هكذا كان الله أولًا في حياة عزرا، بل وفي حياة الفوج المرافق له كله. "فأعانوا الشعب" صار الأعداء والمقاومين معينين للشعب، وذلك من تدبير الله الذي بيده قلوب الملوك والحكام. أخيرًا قدموا أوامر الملك للمزاربة والولاة، فأعانوهم في بناء بيت الرب، إنها صورة لما يحدث في يوم البر العظيم حيث يتهلل السمائيون بوعود الله، الفائقة للبشر يرون الكنيسة الجميلة المُزينة بالأمجاد الأبدية، فيسبحوا الله من أجل عمله مع بني البشر. يرون في البشرية المتمتعة بالأمجاد شركاء معهم، فيصير السمائيون معهم كنيسة سماوية. من وحي عزرا 8 احسبني من أصحاب الساعة الحادية عشرة * سبقني كثيرون إلى مواكب النصرة. نفسي تئن بسبب خمولي وتراخيّ وإهمالي.ليعمل روحك القدوس فيُ، فألحق بأصحاب الساعة الحادية عشرة. * اخترتني ابنًا لك، يا من تريد خلاص الجميع. ليُنقش اسمي على كفك، ولا يُمح من سفر الحياة الأبدية.* فتحت أمامي باب المعمودية، كما عند نهر أهوا. وهبتني أن أدفن معك لأقوم معك.هب لي أن أتنعم بالحياة المقامة كل أيام غربتي. لأصوم وأتذلل مع عزرا الكاتب. لتصرخ أعماقي: غربتي قد طالت عليَّ! لماذا كثر الذين يحزنونني؟ كثيرون يقولون: ليس له خلاص بإلهه. لكن أنت هو حصن حياتي، تمتد يدك لتحوط حولي، فلا يقترب الأعداء إليّ. * رحلتي في العالم معركة لا تنقطع، لكنها بك تصير وليمة مفرحة، مع كل يوم تقدم لنفسي نصرات هي من عندك. تكشف عن عيني قلبي، فأرى الأكاليل معدة لأولادك. * متى أبلغ مع شعبك أورشليم العليا. هناك لا أعود أذكر متاعب الطريق،بل يمتلئ قلبي فرحًا ولساني تهليلًا، أشارك السمائيين تسابيحهم. هناك اختبر قيامتك على مستوى فائق. أقدم لك حساب وكالتي، ليس لي ما أبرر به نفسي، إنما نعمتك كانت سندًا لي كل أيام غربتي. هناك بفرح وتهليل أتغنى قائلًا: هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله. * هناك تتجلى أمامنا صورة الصليب البهي، فنقدم ذبائح الشكر والتسبيح.هناك تتحقق وعودك الفائقة, أتمتع بما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن. أتمتع بما لم يخطر على قلب بشرٍ. لك المجد يا أيها الأمين في بوعودك! مقارنة بين رحلة عزرا ورحلتنا إلى أورشليم العليا صلاة مثالية توبة وانسحاق باسم الشعب كله! وصل الفوج الثاني من الراجعين من السبي تحت قيادة عزرا، وبعد حوالي أربعة أشهر تقدم رؤساء الشعب إلى عزرا يخبرونه أن بعض الرجال تزوجوا بوثنيات [1-2]. تحول فرح عزرا إلى حزن ومرارة نفس، إذ لم يحتمل عزرا هذا الخبر، فإنه يحمل خيانة عظمى ضد الله القدوس، بسببها سمح الله بالسبي في بابل 70 عامًا. الزواج المختلط بالوثنيات هو علة انحراف الكثيرين عن الإيمان. لم يأخذ عزرا موقف القاضي ليحكم، وكان في سلطانه ذلك، لكنه مزق ثيابه، ونتف شعر رأسه ولحيته، وجلس متحيرًا طول اليوم [3-5]. التف حوله كثيرون من رجال ونساء وأطفال، لم يجسر أحد أن ينطق بكلمة. وإذ جاء وقت تقدمة المساء قدم صلاة اعتراف قوية كان لها أثرها القوي على الشعب. جمع عزرا الشعب لتقديم تقدمه المساء، وقد سكب عزرا قلبه أمام الله معترفًا عن خطايا الشعب الماضية، حاسبًا ما فعله الشعب كما لو كان فعله هو. اعترف باسم الشعب أنه سبق فأخطأ الكل، وكلحيظة أدبهم الرب بالسبي، وها هو قد حررهم ووهبهم نعمة عند الملك واستنارة، لكنهم عادوا فأخطأوا. إنهم يستحقون الفناء، ويخجلون من الوقوف أمامه! وَلَمَّا كَمُلَتْ هَذِهِ تَقَدَّمَ إِلَيَّ الرُّؤَسَاءُ قَائِلِينَ: لَمْ يَنْفَصِلْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ، مِنْ شُعُوبِ الأَرَاضِي حَسَبَ رَجَاسَاتِهِمْ، مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ [1]. "ولما كملت هذه"، أي بعد وصول الفوج إلى أورشليم واصعاد محرقات وذبائح الخطية، وتم إبلاغ المرازبة والولاة بأمر الملك، وربما قام عزرا نفسه بالالتقاء معهم وإبلاغهم بأمر الملك، واستقر القادمون، (8: 36). "ولما كملت هذه" أمور السفر وتسليم الأواني إلخ. وكان اجتماع الرؤساء مع عزرا بعد وصوله بأربعة أشهر. فقد وصل في الشهر الخامس (7: 9) والاجتماع مع الرؤساء كان في الشهر التاسع (10: 9). لأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ وَلِبَنِيهِمْ، وَاخْتَلَطَ الزَّرْعُ الْمُقَدَّسُ بِشُعُوبِ الأَرَاضِي. وَكَانَتْ يَدُ الرُّؤَسَاءِ وَالْوُلاَةِ فِي هَذِهِ الْخِيَانَةِ أَوَّلًا [2]. للأسف من بين الذين جاءوا في الفوج الأول مع زربابل ويشوع من نسي أولادهم مذلة السبي، وعوض الاهتمام بتقديس حياتهم ليصيروا خميرة مقدسة للشعب الذي فقد حريته وبلده وسلطانه، انشغلوا بشهواتهم الجسدية، وتزوجوا بفتيات أو نساء وثنيات، متجاهلين الشريعة الإلهية. للأسف سقط في هذه الخيانة أيضًا رؤساء وكهنة ولاويون. عوض أن يكونوا قادة صالحين يحثون الشعب على الحياة المقدسة وحفظ العهد مع الله، صاروا عثرة للشعب. الآن هم في بلادهم المقدسة في حبٍ ووحدةٍ، وبلا أي مظهر لعبادة الأوثان، لكن الرؤساء بإرشاد الروح القدس اكتشفوا أن هناك زيجات سياسية بين أفراد من الشعب وبين نساء وثنيات ربما للمنفعة العامة، وهذه الزيجات قد تؤدي أن يرتد الشعب إلى العبادة الوثنية، وهذا ما حدث مع سليمان الملك نفسه. وكانت العبادة الوثنية سببًا في غضب الله الذي بسببه أرسلهم الله للسبي من قبل. "اختلط الزرع المقدس"، أي سيتعلم الأزواج مع الأبناء من النساء الوثنيات طرقهن وعبادتهن، وكان هناك استثناء لهذا من هن مثل "راعوث الموآبية". لكن لا يجوز أن يتحول الاستثناء إلى قاعدة، فشعب الله يلزم أن يكون مقدسًا، أي مكرس ومخصص للرب، وأن يكون طاهرًا في حياته. كان الشعب الوحيد في كل الأرض الذي يعبد الله. فكان لا بُد لهم أن يعيشوا منعزلين عن الشعوب الوثنية، ليستمر نقاؤهم ولا يندمجوا مع الأمم، فيضيعوا كما حدث مع أهل السامرة. "في هذه الخيانة" يُسمى عملهم خيانة، لأنهم تركوا وصية إلههم. ترجع هذه الضربة الخطيرة إلى أيام نوح حيث قيل: "وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض ووُلد لهم بنات، أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا" (تك 6: 1، 2). إذ يتحدث القديس أغسطينوس في كتابه "مدينة الله" عن مدينتين إحداهما أرضية وأخرى سماوية، الأولى تمثل جماعة الأشرار المرتبطين بالأرضيات، والأخرى جماعة المؤمنين المرتبطين بالسماويات، لذلك عندما تعرض للعبادة التي بين أيدينا رأي في زواج أبناء الله ببنات الناس الخلطة بين المدينتين، الأمر الذي يفسد مواطني المدينة السماوية. هذا الأمر حذرنا منه الرسول بولس بقوله: "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟! وأية شركة للنور مع الظلمة؟! وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟" (2 كو 6: 14، 15). ولأجل حفظ العهد مع الله وعدم السقوط في عبادة الأوثان، جاءت الوصية الإلهية: "احترز من أن تقطع عهدًا مع سكان الأرض، فيزنون وراء آلهتهم، ويذبحون لآلهتهم، فتدعى وتأكل من ذبيحتهم. وتأخذ من بناتهم لبنيك، فتزني بناتهم وراء آلهتهن ويجعلن بنيك يزنون وراء آلهتهن" (خر 34: 15-16). وأيضًا: "ولا تصاهرهم، بنتك لا تعطي لابنه، وبنته لا تأخذ لابنك. لأنه يرد ابنك من ورائي فيعبد آلهة أخرى، فيحمَى غضب الرب عليكم ويهلككمسريعًا" (تث 7: 3-4). غاية هذه الوصية هي النقاوة، فإن الله لا يهدف نحو فصل الأمم عن بعضها البعض، لكنه يشتاق أن يصير الكل واحدًا فيه. إنه يريد جيلًا ملوكيًا وشعبًا خاصًا وبشرية متجددة تحت قيادة آدم الجديد كرأس واحد لكل المؤمنين في العالم. وإذ لم تكن البشرية مهيأة بعد لهذه الوحدة المقدسة عزل المؤمنين عن الوثنيين، وحدد حريتهم في الزواج. * أبناء المؤمنين كانوا بمعنى ما معينين للقداسة والخلاص، وبعربون هذا الرجاء يسند بولس الزيجات التي يود أنها تستمر . العلامة ترتليان * الزواج عطية روحية، ولكن لا تكون هكذا إن تمت مع غير المؤمنين. لا يُعطَى روح الله ليسكن في هؤلاء الذين هم غير مؤمنين .* يلزم أن تتم أسرار الزواج بقدسيةٍ وبتريثٍ وليس بأهواء مشوشة . العلامة أوريجينوس * الزواج أعظم من أن يكون بشريًا، إنه مملكة مصغّرة هو بيت صغير للرب. * ذهب مخلّصنا إلى عرس ليقدس أصل الحياة البشريّة. * من هم الاثنان أو الثلاثة المجتمّعون باسم المسيح، الذين يحل الرب فيهم؟ أليسوا الرجل وزوجته وطفلهما، لأن الرجل وزوجته يتّحدان بالله. * بمشورات القدّيسين تُدبّر الدول حسنًا، وأيضًا البيوت. * الزواج صورة مقدّسة يجب حفظها طاهرة مما يدنسها. يليق بنا أن نقوم مع المسيح من سباتنا، ونرجع لننام بشكر وصلاة. * قلوب الأحبّاء لها أجنحة... الحب يمكن أن يتحوّل إلى بغضة إن زحف إليه أسباب هامة لعدم الاحترام المتبادل. * من يطلب اللذّة الجسديّة وحدها يحوّل الزواج إلى زنا. القدّيس إكليمنضس السكندري 2. انسحاق عزرا فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهَذَا الأَمْرِ، مَزَّقْتُ ثِيَابِي وَرِدَائِي، وَنَتَّفْتُ شَعْرَ رَأْسِي وَذَقْنِي، وَجَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا [3]. إلى مجيء عزرا لم نسمع عن أحدٍ أنه صار في رعدةٍ وحيرة أمام هذه الخيانة، بل كانوا يتطلعون إلى هذه التصرفات كأنها أمور عادية، لا يهتز لها أحد. أما عزرا، فإذ سمع بالأمر مزق ثيابه ونتف شعر رأسه ولحيته وجلس في حيرة. فمع ما لديه من سلطان بأمر الملك، لكن هذه الخيانة لا تُعالج بالأوامر، بل بالتوبة الخارجية من القلب. ومن يعطي هؤلاء الساقطين في هذه الخطية التوبة؟ هذا ومن جانب آخر، فإن هؤلاء الساقطين حديثو المعرفة والخبرة الروحية، فقد عاش آباؤهم وأمهاتهم في السبي في جفافٍ روحيٍ شديدٍ. فخشي أن يستخدم الكلمات القاسية والتأديب القاسي فلا يحتمل الشعب ذلك. وأيضًا كان في حيرة لأن هذا الشعب الذي يُحسب إلى حدٍ ما جديدًا في ممارسته للعبادة في أورشليم لم يتعظ مما حدث مع أجدادهم الذين سقطوا في السبي البابلي بسبب الخطية. لقد تحير عزرا، خائفًا أن يحل غضب الله على الشعب كله! "مزقت ثيابي" عادة يهودية علامة الحزن الشديد والاشمئزاز. "نتفت شعر رأسي" عادة يهودية أخرى تعبر عن الحزن. "وجلست" عمله هذا أثر في الشعب تأثيرًا عظيمًا. * يوجد انسحاق للقلب، روحي ومفيد، وهذا يلمس القلب في أعماقه. ويوجد انسحاق آخر، مضر ومقلق، هذا يقوده إلى الهزيمة فقط (كاليأس). القديس مرقس الناسك فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ كُلُّ مَنِ ارْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلَهِ إِسْرَائِيل،َ مِنْ أَجْلِ خِيَانَةِ الْمَسْبِيِّين،َ وَأَنَا جَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا إِلَى تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ [4]. سرعان ما تسربت هذه الأخبار إلى الشعب والقادة، منهم من استخف بالأمر، وحسب أنه ما كان يليق بعزرا أن يفعل هذا، متطلعين إليه كمن هو مبالغ في الأمر. وفريق آخر تأثر عندما سمع بما فعله عزرا رجل الله، وحزنوا أن رجلًا كعزرا ترك مركزه في بابل ومكانته وقد حلّ به إحباط لما بلغ إليه الشعب بأورشليم. أما الفريق الثالث الذي يحمل مخافة الرب فشاركوا عزرا رعدته ومرارة نفسه، فاجتمعوا إليه صامتين، ينتظرون منه كلمة أو أمرًا يقومون بتنفيذه أو بمعاونته في التنفيذ. * إن أراد أحد أن ينال حب الله، فليكن فيه مخافة الرب، لأن الخوف يولِّد بكاء، والبكاء يولد قوة. وإذا ما كملت هذه كلها في النفس، تبدأ النفس تثمر في كل شيء. وإذ يرى الله في النفس هذه الثمار الحسنة، فإنه يشتمها رائحة بخور طيبة، ويفرح بها هو وملائكته، ويشبعها بالفرح، ويحفظها في كل طرقها حتى تصل إلى موضع راحتها دون أن يصيبها ضرر. إذ يرى الشيطان الحارس العلوي العظيم يحيط بالنفس، يخاف أن يقترب منها أو يهاجمها بسبب هذه القوة العظيمة. إذًا، اقتنوا هذه القوة حتى ترتعب الشياطين أمامكم، وتصير أعمالكم سهلة، وتتلذذوا بالعمل الإلهي، لأن حلاوة حب الله أشهي من العسل. حقًا أن كثيرين من الرهبان والعذارى في المجامع، لم يتذوقوا هذه الحلاوة الإلهية، ولم يقتنوا القوة الإلهية، ظانين أنهم قد نالوها، بالرغم من عدم جهادهم. أما من يجاهد لأجلها فينالها حتمًا خلال المراحم الإلهية، لأن الله لا يحابي الوجوه. فمن يريد أن يكون له نور الله وقوته، يلزمه أن يستهين بكرامات هذا العالم ودنسه، ويبغض كل أمور العالم ولذة الجسد، وينقي قلبه من كل الأفكار الرديئة. ويقدم لله أصوامًا ودموعًا ليلًا ونهارًا بلا هوادة كصلوات نقية، عندئذ يفيض الله عليه بتلك القوة. اجتهدوا أن تنالوا هذه القوة، فتصنعوا كل أعمالكم بسهولة وُيسر، وتصير لكم دالة عظيمة قدام الله، ويهبكم كل ما تطلبونه. القديس الأنبا أنطونيوس الكبير "إلى تقدمة المساء" كان عزرا قد جلس زمانًا وهو حزين وعند تقدمة المساء انتبه إلى الخدمة، ورفع قلبه بالصلاة لله.نلاحظ أن تقدمة المساء هي رمز لذبيحة المسيح الذي يرفع خطايانا، وربما كانت عينا عزرا على المسيح المخلص وَعِنْدَ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ قُمْتُ مِنْ تَذَلُّلِي، وَفِي ثِيَابِي وَرِدَائِي الْمُمَزَّقَةِ جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ، وَبَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِي [5]. غالبًا ما ساد الكل حالة من الصمت حتى جاء وقت تقدمة المساء، حيث قام عزرا من التذلل وجثا بثيابه الممزقة على ركبتيه، وبسط يديه إلى الرب ليصلي. "جثوت على ركبتي" هكذا تكون الصلاة، إما وقوفًا أو ركوعًا على الركبتين. وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلَهِي وَجْهِي نَحْوَك، لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ [6]. بدأ صلاته بالحديث بصيغة المتكلم، حاسبًا أن كل ما ارتكبه هؤلاء الخونة كأنه قد ارتكبه هو. لقد تعاظمت الخطية جدًا حتى بلغت إلى السماء؛ فصارت مثل خطايا سدوم وعمورة (تك 18: 20) التي بسببها أرسل الله نارًا وكبريتًا. نجد هنا صلاة عزرا، وهي ليست صلاة طلبات، بل هي اعتراف بالذنب من قلبٍ نقيٍ يحب الله. وهو يضع نفسه في صف شعبه، ويعترف بخطاياه معهم. فيقول: "ذنوبنا... آثامنا ...فنعود... ونصاهر شعوب هذه الرجاسات". مع أنهُ هو نفسه لم يخطئ في هذه الأمور. لكنه لا يلقي باللوم على الآخرين ويبرر نفسه، بل هو ككاهن محب لشعبه مثل موسى النبي وبولس الرسول (خر 32:32؛ رو 3:9) يضع نفسه عن شعبه كأنه هو الذي فعل خطاياهم، وهذا ما صنعه السيد المسيح الذي حمل خطايانا. أثرت صلاة عزرا ومحبته لشعبه ودموعه في الشعب، فتركوا نساءهم الوثنيات. "تعاظمت إلى السماء"، أي كانت عظيمة جدًا كبرج بابل رأسه بالسماء (تك 4:11)، وكصراخ خطايا سدوم وعمورة الذي دخل إلى أذني الرب (تك 20:18). * من يخبر عن خطاياه، مشمئزا منها، يلزمه أن يتكلم في مرارة نفسه، حتى إن المرارة ذاتها تعاقب اتهامات لسانه في تبريره لضميره. لكن يلزمنا أن نضع في ذهننا أنها تجلب نوعًا من الأمان من آلام الندامة التي تسدد ضربة إلى نفسها، وعندئذ ترتفع بثقة أعظم لمواجهة استجواب الديان السماوي. البابا غريغوريوس (الكبير) * أية خطايا يمكن للندامة أن تفشل في غسلها؟ أيّة وصمات راسخة لا يمكن لمثل هذه الدموع أن تغسلها؟ باعتراف بطرس الثلاثي مسح إنكاره الثلاثي . القديس جيروم * الصلاة الممتدَّة والدموع الغزيرة تجتذبان الله للرحمة.* أراد يسوع أن يُظهر في نفسه كل التطويبات، إذ قال: "طوبى للباكين"، وقد بكى هو نفسه لكي يضع أساس هذا التطويب حسنًا. العلامة أوريجينوس مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. وَلأَجْلِ ذُنُوبِنَا قَدْ دُفِعْنَا نَحْنُ وَمُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا لِيَدِ مُلُوكِ الأَرَاضِي، لِلسَّيْفِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَخِزْيِ الْوُجُوهِ كَهَذَا الْيَوْمِ [7]. "ملوكنا وكهنتنا"، أي رؤساؤنا المدنيون والروحيون. "ملوك الأراضي"، ولا سيما ملوك أشور وملوك بابل. يعترف عزرا أن الخطية ليست أمرًا طارئًا في حياة شعبه، إنما تأصلت منهم منذ آبائهم، لهذا فإنهم عن استحقاق تأهلوا للتأديب بالسيف والسبي والنهب والعار. * لتفرح وأنت تحت الجلدات، فإن الميراث محفوظ لك، لأنه لا يطرد شعبه. هو يؤدب إلى حين، ولا يدين إلى الأبد . القديس أغسطينوس * يحتمل الله كل ضعفات البشر، لكنه لن يسمح بترك الإنسان الدائم التذمر بدون تأديب. القديس مار اسحق السرياني وَالآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ إِلَهِنَا، لِيُبْقِيَ لَنَا نَجَاةً، وَيُعْطِيَنَا وَتَدًا فِي مَكَانِ قُدْسِهِ، لِيُنِيرَ إِلَهُنَا أَعْيُنَنَا، وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا [8]. مع ما نتأهل به للغضب بسبب خطايانا، غير أن غضب الله يعبر كما إلى لحيظة، ليسكب رحمته، ويثبتنا فيها كما بوتدٍ في مكان قدسه. يُستخدم الوتد لتثبيت الخيمة، هكذا يود الله أن يثبتنا في بيته المقدس كما بوتدٍ لننعم بمراحمه الإلهية. بمراحمه ينير أعيننا فنعيش معه في النور، وندرك قسوة ظلمة عبودية الخطية. "كلحيظة": كانت سنوات السبي كحياة قليلة مظلمة أشبه بلحيظة. هذه اللحيظة من التأديب كانت حوالي 70 سنة. "ليبقى لنا نجاة" من خراب أورشليم، ومن بابل وشرورها. "لينير إلهنا أعيننا" كانت أيام السبي كأيام ظلمة والرجوع كأيام نور. أيام السبي مشبهة أيضًا بالموت وأيام الرجوع كحياة قليلة. * "لقد ضربتني" ليس كديانٍ، بل كأب تصلحني! * من يقدر أن يرفع عصا الله، أي غضبه الإلهي، فلا يعود يرتعب الإنسان منه؟ إنه ربنا يسوع المسيح الذي وضع إثمنا عليه، ودخل بنا إلى الحب الإلهي فصرنا بروحه القدوس أبناء لله، لنا من الدالة عليه. " ليرفع عني عصاه" [34]، فإنه إذ تجسد وصار مثلنا فلا يضربنا بالعصا ولا بالخوف، بشرط أن نهرب إلى نعمته وإلى الإيمان، نهرب إلى ذاك الذي قام من الأموات: قال الملاك للنسوة: "لا تخفن" (مت 28: 5، 10). وعندما ظهر للتلاميذ استخدم ذات اللغة مرة أخرى... هذا ما كتبه يوحنا اللاهوتي: "المحبة الكاملة تطرد خوفنا" (راجع 1 يو 4: 18). الأب هيسيخيوس الأورشليمي * يدعو بولس عقوبتنا تأديبًا، لأنها هي تحذير أكثر منها إدانة، إنها للشفاء أكثر منها للانتقام، للتصليح أكثر منها للعقوبة. القديس يوحنا الذهبي الفم لأَنَّنَا عَبِيدٌ نَحْنُ، وَفِي عُبُودِيَّتِنَا لَمْ يَتْرُكْنَا إِلَهُنَا،بَلْ بَسَطَ عَلَيْنَا رَحْمَةً أَمَامَ مُلُوكِ فَارِسَ، لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلَهِنَا، وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ، وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطًا فِي يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ [9]. لن ينسى عزرا أن الله الذي سمح لشعبه بالتأديب بالسبي، حرك قلوب ملوك فارس لبناء بيته ورد شعبه إلى أورشليم. "لأننا عبيد"، كانوا عبيدًا في بابل، ولم يزالوا عبيدًا لملك فارس. "ليعطينا حائطًا"، مسرة الله وحمايته كانت لهم كحائطٍ، "أكون لهم سور من نار" (زك 2: 5)، ولكن الله لهُ أدواته، والأداة هنا هي الملك الذي سخره الله لحماية شعب إسرائيل. على أن سور أورشليم بدأ العمل فيه أيام عزرا. وَالآنَ فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلَهَنَا بَعْدَ هَذَا، لأَنَّنَا قَدْ تَرَكْنَا وَصَايَاكَ [10]. "وبعد هذا"، بعد كل مراحم الله عادوا وخانوه. الَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ، قَائِلًا: إِنَّ الأَرْضَ الَّتِي تَدْخُلُونَ لِتَمْتَلِكُوهَا، هِيَ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِنَجَاسَةِ شُعُوبِ الأَرَاضِي بِرَجَاسَاتِهِم، الَّتِي مَلأُوهَا بِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ بِنَجَاسَتِهِمْ [11]. "عن يد عبيدك الأنبياء"، ليس من نبوة للأنبياء بهذه الألفاظ، ولكن موسى في (تثنية 7: 1-3) منع الزواج بالوثنيات، وما يورده عزرا هو روح التشريع، وهو الفكر الذي نادى به الأنبياء بالانعزال عن الشر. وَالآنَ فَلاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ، وَلاَ تَأْخُذُوا بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ وَخَيْرَهُمْ إِلَى الأَبَدِ، لِتَتَشَدَّدُوا وَتَأْكُلُوا خَيْرَ الأَرْض،ِ وَتُورِثُوا بَنِيكُمْ إِيَّاهَا إِلَى الأَبَدِ [12]. "لا تطلبوا سلامتهم"، لا تقيموا معهم معاهدات سلام وأمن وتحالفات سياسية عسكرية، حتى لا تسقطوا في شراك وثنيتهم. وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا الْعَظِيمَةِ، لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلَهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا، وَأَعْطَيْتَنَا نَجَاةً كَهَذِهِ [13]. يعترف عزرا بأن التأديب أقل مما تستوجبه خطايا الشعب، وكان يليق بالشعب أن يضع المراحم الإلهية موضع اعتبار. أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاك، وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حَتَّى تُفْنِيَنَا، فَلاَ تَكُونُ بَقِيَّةٌ وَلاَ نَجَاةٌ؟ [14] إذ تعدوا الوصية الإلهية فقدوا علاقتهم بالحق الإلهي. فبكسر الوصية فقد آدم مفهوم الوصية، وبكسرها فقد الفريسيون قدرتهم على التعرف على الله ومحبته. لذلك يؤكد الرب: "إن ثبتم في كلامي، فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحق، والحق يحرركم" (يو 8: 31-32)، "الكلام الذي أكلمكم به روح وحياة" (يو 6: 63). "لأن كلمة الله حيَّة وفعالة" (عب 4: 12). * الشخص الذي لا يحفظ الوصايا ليس فيه حب للرب. القديس ديديموس الضرير * يختفي الله في وصاياه، فمن يطلبه يجده فيها (بتنفيذه إيَّاها). لا تقل إنني أتممت الوصايا ولم أجد الرب، لأن من يبحث عنه بحق يجد سلامًا! * يظن البعض أنهم يؤمنون بالحق وهم لا ينفذون الوصايا، والبعض بينما ينفذون الوصايا يتوقعون الملكوت كجزاء عادل (لاستحقاقاتهم الذاتية)؛ كلاهما يخطئان ضد الحق. القدِّيس مرقس الناسك * برهان الحب هو إعلانه خلال العمل. هذا هو السبب الذي لأجله يقول يوحنا في رسالته: "من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب" (1 يو 2: 4). حبنا حقيقي إن حفظنا إرادتنا متناغمة مع وصاياه. من يجول هنا وهناك خلال شهواته الشريرة لا يحب الله بالحق، لأنه يضاد الله في إرادته. البابا غريغوريوس (الكبير) * لا يكفينا أن نقتني الوصايا فقط، لكننا نحتاج إلى حفظ مستقصى وبليغ لها. القديس يوحنا الذهبي الفم * الذي عنده (وصاياي) في ذاكرته ويحفظها في حياته؛ الذي عنده في شفتيه ويحفظها سلوكيًا؛ الذي عنده في أذنيه ويحفظها في العمل؛ الذي عنده في الأعمال ويحفظها بالمثابرة، مثل هذا "يحبني". بالعمل يعلن الحب، وبالتطبيق بغير ثمر يكون مجرد الاسم (للحب) . القديس أغسطينوس أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ بَارٌّ،لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهَذَا الْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هَذَا [15]. يخجل عزرا من طلب الصفح عن خطايا ما كان يليق السقوط فيها، إنما يطلب من الله العون حتى يقيمهم من الخطية. "أنت بار، لأننا بقينا ناجين"، فمن مراحم الله حفظهم، فبقوا ناجين مع أنهم استحقوا الموت، ولولا رحمة الله لما بقت لهم بقية. "ها نحن أمامك"، سلم الأمر للرب، ولم يقدر أن يقول شيئًا أمام رحمة الله. هب لي قلبًا متسعًا للعالم كله! * أشرقت بشريعتك على عبدك عزرا، فصار كاتبًا ماهرًا، يعشق وصيتك. التهب قلبه بالحب لك، واتسع ليحتضن فيه إخوته. هب لي قلبًا متسعًا للعالم كله. فأحب بالحق كل خليقتك. أشتهي قداسة كل الجنس البشري، وأترقب يوم عرسهم الأبدي. * لم يحتمل عزرا خيانة إخوته لك. حسب نفسه كأنه هو الخائن! انسحقت نفسه في داخله، ولم يكف عن البكاء أمامك. مَّزق ثيابه ورداءه ونتف شعر رأسه وذقنه. صرخ وجلس في حيرة. * كان في إمكانه أن يصدر أحكامًا قاسية. وكان في قدرته أن يوبخ بعنفٍ، وينتهر! لكنه ارتعد في داخله، إذ يحمل مخافتك. لم يحتمل قلبه كسر الوصية الإلهية. ولا احتمل حبه هلاك إخوته كاسري الوصية. * تشَّبه بموسى، فوقف يشفع في إخوته: اغفر لهم وإلا امحي اسمي من كتابك. وكأنه يشارك الرسول بولس في أبوته الحانية، فيقول: من يضعف، وأنا لا أضعف؟ من يعثر، وأنا لا أحترق؟ من يصير مقيدًا، ولا أحسب نفسي كأني مقيد معه؟ * في تقدمه المساء رفع وجهه إليك. جثا على ركبتيه وصرخ إليك. تطلع كما إلى ذبيحة الصليب، فصرخ: ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا، وآثامنا تعاظمت إلى السماء! * ألقى باللوم على نفسه مع إخوته, وحسب تأديباتك للشعب كأنها إلى لحيظة عابرة. اعترف أنه بدون رحمتك لما بقيت بقية لشعبك. اعترف أنه مع بقية الشعب قد كسر وصيتك واهبة الحياة. لم يعد له وجه حتى للوقوف أمامك! فصار بالحق عظيمًا في عينيك! فأنت قابل التوبة وغافر الخطايا. لا تشاء موت الخطاة، بل أن يرجعوا إليك ويحيوا. هب لي توبة عزرا وحبه لك. هب لي تواضعه أمامك! املأ قلبي بالمحبة لك ولإخوتي! توبة عملية فاعلية الصلاة المنسحقة جاء الأصحاح الأخير من سفر عزرا يكشف عن روعة شخصية عزرا كراعٍ حكيمٍ محبٍ وحازمٍ. فإن كان قد بدأ السفر بتحقيق الله وعده بالرجوع من السبي بعد 70 عامًا في عهد كورش ملك فارس، فإن ما يشغل قلب عزرا هو قدسية إسرائيل، كهنة وشعبًا، ليرجعوا إلى أحضان الله القدوس، ويكون لهم نصيب في أورشليم العليا التي لن يدخلها شيء نجس قط. خُتم السفر بإبراز فاعلية الصلاة المنسحقة، حيث حرك روح الرب النفوس للتوبة العملية. 1. اشترك الأولاد في البكاء العظيم مع بقية الشعب [1]. 2. جاء شكنيا الذي تزوج والده بامرأة وثنية، ولعل نفسه كانت مرة لذلك، واعترف عن والده وعن كل الساقطين، ولكن بروح الرجاء في غافر الخطايا [2-3] 3. احتاج عزرا الشجاع إلى تشجيعٍ من أشخاصٍ من بين الشعب [4]. 4. اشترك الرؤساء الكهنة واللاويون في إصلاح الموقف، أي طرد الوثنيات بأولادهن مادمن لم يتركن العبادة الوثنية ولا أقمن عهدًا مع الله وأطعن الوصية [2-3]. 5. بقى عزرا صائمًا حتى بعد أن استحلف القادة لإصلاح الموقف ودخل ينوح أمام الرب [6]. 6. دعوة لاجتماع عاجل لكل الشعب في خلال 3 أيام [8] وإلا تعرض الشخص لعقوبة صارمة. 7. انهارت الأمطار، وكأن السماء تشارك عزرا وشعبه دموعهم [13]. 8. أخذ قرار بتشكيل لجان لدراسة موقف كل شخصٍ بتروٍ. 9. ذكر أسماء التائبين كدرسٍ عملي للكل، وأبرز أن يشوع رئيس الكهنة العظيم، قائد الفوج الأول، جاء من نسله من تزوج بوثنيات [18]. 1. الراعي التائب باسم الشعب فَلَمَّا صَلَّى عَزْرَا وَاعْتَرَفَ وَهُوَ بَاكٍ، وَسَاقِطٌ أَمَامَ بَيْتِ الله، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيل،َ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالأَوْلاَدِ، لأَنَّ الشَّعْبَ بَكَى بُكَاءً عَظِيمًا [1]. يُدعى عزرا موسى الثاني، ليس لأنه قام بخروج جديد فحسب، وإنما لأنه حمل قلب موسى المملوء حبًا لخلاص شعبه. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن أروع صورة لشخصية موسى لا في صنعه معجزات فائقة باسم الرب، وإنما بوقوفه يشفع في شعبه قائلًا: "والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فاُمحني من كتابك الذي كتبت" (خر 32: 33). هذه الصورة الرائعة للنبي العظيم تتكرر بالنسبة لعزرا الكاتب الماهر كما نراها هنا في هذا الأصحاح: "اعترف وهو باكٍ وساقطٍ أمام بيت الله" [1]. انطلق إلى مخدع يهوحنان بن ألياشيب "وهو لم يأكل خبزًا، ولم يشرب ماءً، لأنه كان ينوح بسبب خيانة أهل السبي" [6]. إنها ذات الصورة التي للرسول العظيم القائل: "فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد" (رو 9: 3)، وأيضًا: ""من يضعف وأنا لا اضعف؟ من يعثر وأنا لا التهب؟" (2 كو 11: 29). هكذا هذه الشخصيات الثلاث: موسى النبي وعزرا الكاتب وبولس الرسول، حملت صورة السيد المسيح الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف، ويشتهي أن يموت لخلاص إخوته. * سبي إخوتنا يجب أن يُحسب كأنه سبينا نحن. أحزان الذين في خطر هي أحزاننا. يلزمكم أن تتأكدوا بأنه يوجد جسم واحد لوحدتنا. ليست محبتنا وحدها بل وأيضًا تديننا يدفعنا ويشجعنا أن ننقذ أعضاء أسرتنا. القديس كبريانوس * يا له من شعور عجيب في الراعي. يسقط الآخرون ويقول: إني أؤكد حزني. يتعثر آخرون فيقول: تلتهب نيران آلامي!ليت كل الذين عُهد إليهم قيادة القطيع العاقل أن يتمثلوا بهذا، ولا يظهروا أنهم أقل من الراعي الذي يهتم إلى سنوات كثيرة بقطيع غير عاقلٍ. ففي حالة القطيع غير العاقل لا يحدث ضرر يًذكر حتى إن حدث إهمال، أما في حالتنا فإن هلك خروف واحد أو اُفترس سيكون الضرر خطيرًا جدًا ومرعبًا والعقوبة لا يُنطق بها، فوق هذا كله إذ سبق الرب واحتمل سفك دمه من أجله، فأي عذر يقدمه هذا الإنسان أن يسمح لنفسه أن يهمل ذاك الذي اهتم به الرب وبذل كل الجهد من جانبه لرعاية القطيع؟ القديس يوحنا الذهبي الفم انهارت نفس عزرا عندما عرف أن من بين الذين جاءوا من السبي عوض تقديم ذبائح شكر لله القدوس، والالتزام بالحياة المقدسة، اختلطوا بشعوب الأرض، وتزوجوا بنساء وثنيات. إنها خيانة عظمى لله! إذ سمع عنها عزرا يقول: "مزقت ثيابي وردائي، ونتفت شعر رأسي وذقني وجلست متحيرًا" (9: 3). قدم عزرا صلاة بصوت مرتفع لكي يسمعه كل الشعب الذين اجتمعوا لخدمة المساء. منظر هذا الكاهن القائد ساقط أمام بيت الرب يبكي على خطايا شعبه هزّ قلوب الرجال والنساء، حتى الأطفال، فصار الكل يبكون بكاءً عظيمًا. فالحب الحقيقي النابع عن قلب متواضع أكثر قوة وفاعلية من العظات المنمقة والتهديدات. لم يحسب عزرا سقوطه وبكاءه يفقدانه مهابته ككاهنٍ قائدٍ، بل هما سمات القائد المحب الحقيقي. محبة عزرا ودموعه عن شعبه أثرت فيهم جدًا، فبكوا معهُ. وَقَالَ شَكَنْيَا بْنُ يَحِيئِيلَ مِنْ بَنِي عِيلاَمَ لِعَزْرَا: إِنَّنَا قَدْ خُنَّا إِلَهَنَا، وَاتَّخَذْنَا نِسَاءً غَرِيبَةً مِنْ شُعُوبِ الأَرْض. وَلَكِنِ الآنَ يُوجَدُ رَجَاءٌ لإِسْرَائِيلَ فِي هَذَا [2]. "شكنيا" اسم عبري معناه "يهوه يسكن"، "يحيئيل" معناه "الرب يحيي". "شكنيا بن يحيئيل" هو غير شكنيا في (عز 8: 3)، وشكنيا في (عز 8: 5)، وفي (عز 10: 26). ذكر يحيئيل من بني عيلام الذين كانوا قد تزوجوا بنساء غريبات. وإذا كان هو يحيئيل المذكور هنا فيكون شكنيا ابنه قد عانى من زوجة أبيه الوثنية، واستغل الله هذا الألم الشخصي لخير الجماعة كلها. وكان رأي شكنيا أن يتخلص الشعب من النساء الوثنيات. تقدم شكنيا نيابة عن كل الجماعة يعترف عن الخطأ بالزواج بالوثنيات، وإن كان هو شخصيًا لم يسقط في هذا الخطأ، إنما سقط فيه أبوه [26]. لم يجامل شكنيا أباه، لأن من يسكن الله فيه لا يحابي أحدًا على حساب الحق الإلهي. لقد بكى الشعب بكاءً عظيمًا، أما هذا الرجل فلم يقف عند البكاء، بل تقدم بالاعتراف باسم والده وكل الذين سقطوا في هذه الخيانة، وكان قلبه كما كلماته مملوءة رجاء في الله غافر الخطايا للراجعين إليه بالتوبة. "والآن يوجد رجاء لإسرائيل في هذا"، يوجد رجاء إن قدموا توبة صادقة (تث 30:1-10)، فرجاء شكنيا مبني على وعود الله. يليق بالقائد أن يكون مملوء رجاءً، ففي وسط كل الظروف القاسية يرى أحضان الله مفتوحة تنتظر النفوس الساقطة أن ترجع وتتوب. أما هنا فنرى شكنيا يسند القائد العظيم عزرا بروح الرجاء. فكما يحتاج الشعب إلى مساندة القائد، فإن القائد أيضًا إنسان يحتاج إلا مساندة المؤمنين روحيًا. هذا ما يدفع الكنيسة أن تصلي في كل ليتورجياتها من أجل البابا والأساقفة والكهنة والشمامسة وكل الخدام، كما تحث الشعب على صلاة من أجلهم في صلواتهم الخاصة. * المدبِّرون أيضًا يوصون الشعب للصلاة من أجلهم، هكذا يقول الرسول للكنيسة: "مصلِّين في ذلك لأجلنا نحن أيضًا" (كو 4: 3). فالرسول يطلب من أجل الشعب، والشعب يصلِّي لأجل الرسول. يا إخوتي... إنَّنا نصلِّي من أجلكم، فهل تصلُّون أنتم من أجلنا؟! ليصلِّ كل عضو من أجل الآخر، وليشفع الرأس المسيح من أجل الجميع (شفاعة كفاريَّة). * أما بخصوص الكاهن (اسمه Boniface) فلا أقول لكم ألاَّ تحزنوا عليه، لأنَّه كيف لا نحزن على من فقد حب المسيح، وصارت لذَّته في خداعات الشيطان؟! إنه يجب أن تنوحوا، لكن لا يؤدِّي حزنكم إلى برودة الحب والتراخي في الحياة المقدَّسة. بل أنقذوه بصلواتكم إلى الله، حتى إن كان كاهنكم مذنبًا، فإن الله يصلحه سريعًا ليقوم بأعماله الرعويَّة في حياة مقدَّسة. * إنك تهتم بشئونك الخاصة، ومتى أجدت إدارتها لا تكون مسئولًا عن شئون غيرك، أمَّا الكاهن فإنَّه إن سلك -في حياته الشخصيَّة- سلوكًا حسنًا، ولم يهتم بحياتك وحياة كل الذين حوله، سيُطرد مع الشرِّير إلى الجحيم. فإن لم يخنه سلوكه الشخصي، يهلك بسبب سلوكك أنت، ما لم يقم هو بالاعتناء بك. والآن إذ عرفت مقدار الخطر الذي يتعرَّضون له، قدِّم لهم نصيبًا وافرًا من السلام... "لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم" بل والأمر ليس إلى هذا الحد، إنَّما "كأنهم يعطون حسابًا" (عب 13: 17). لذلك يليق بهم أن ينالوا عناية منكم، لكنكم إن صرتم كالباقين تهينوهم (بإدانتكم لهم) فإن أموركم لن تدبَّر حسنًا. لأنَّه متى كان قائد السفينة متشجِّعا من الطاقم، صار الطاقم كله في أمان. أمَّا إذا سبّوه وأظهروا شروره متعِبين إيَّاه، فإنَّه لا يقدر أن يقود السفينة حسنًا، ولا أن يستخدم مهارته. هكذا أيضًا الكاهن. إن كرَّمتموه (أطعتموه) يقدر أن يدبِّر أموركم. أمَّا إن ألقيتم به في اليأس، فإنكم تُضعِفون يديه، وتجعلونه كما تجعلون أنفسكم نهبًا للأمواج مهما بلغت شجاعتكم! القديس أغسطينوس فَلْنَقْطَعِ الآنَ عَهْدًا مَعَ إِلَهِنَا، أَنْ نُخْرِجَ كُلَّ النِّسَاءِ وَالَّذِينَ وُلِدُوا مِنْهُنَّ حَسَبَ مَشُورَةِ سَيِّدِي، وَالَّذِينَ يَخْشُونَ وَصِيَّةَ إِلَهِنَا. وَلْيُعْمَلْ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ [3]. "حسب مشورة سيدي"، أي الأمر متروك لحكمة عزرا ومشورته. "حَسَبَ الشَّرِيعَةِ" أي حسب ما ورد في (تثنية 7: 1-3). إن كان الزواج بالوثنيات هو خيانة لله القدوس، وكسرًا للعهد الإلهي، وعصيان للشريعة، فإن علامة التوبة الصادقة هو قطع العهد مع الله لتصحيح الموقف، والخضوع للوصية والشريعة، وطرد النساء الوثنيات مع أولادهن. في حكمة وتواضع يقول شكنيا لعزرا: "حسب مشورة سيدي". في رقة عجيبة يقدم الاحترام اللائق بعزرا الساقط أمام بيت الله باكيًا! ما هو موقف هؤلاء النساء الغريبات؟ وماذا يعني بالقول: "نُخرج كل النساء والذين ولدوا منهن؟ هل هذا يُحسب تطليقًا؟ ألم تُعطَ لهم الفرصة لقبول الإيمان بالله الحي؟ نحن نعلم أن التطليق ليس بالأمر الذي يُسر به الله (مل 2: 16)، إنما يبغضه. هؤلاء الذين تزوجوا بالنساء الغريبات هم من العائدين من السبي، بعضهم كهنة، والبعض لاويون، والبعض من الشعب، وقد حرمت الشريعة الزواج بالأجنبيات الوثنيات (خر 34: 11-16؛ تث 7: 1-5). وُجد استثناء لذلك مثل راعوث الموآبية، وراحاب الزانية، وزوجة موسى الكوشية، والثلاثة قبلن الإيمان، بل ربما فقن في إيمانهن بالله عن كثير من اليهود. واضح أن هؤلاء النسوة اللواتي تزوجهن بعض العائدين من السبي لم يقبلن الإيمان، وكن يمثلن خطرًا على المجتمع الجديد بإدخال العبادة الوثنية. يرى البعض أن القول: "تخرج كل النساء" هنا موقف فريد، فهو ليس بالتطليق، لأنه لم يتم زواج شرعي ديني، ولا العلاقة بهن تُحسب زنا، لأنه لم تكن هكذا نية الذين ارتبطوا بهن، لكنها هي زنا روحي، إذ هي خيانة للرب. قُمْ، فَإِنَّ عَلَيْكَ الأَمْرَ وَنَحْنُ مَعَكَ. تَشَجَّعْ وَافْعَلْ [4]. عزرا الشجاع المتكل على الله لم يطلب من الملك حراسة عسكرية لمرافقته أثناء رحلته إلى أورشليم، ينهار أمام الخطية التي بها خان الشعب الله. يتطلع شكنيا إلى عزرا الباكي ويشجعه، قائلًا له إنه وقت للإصلاح والعمل. "قم فإن عليك الأمر"؛ كأنه يقول له دموعك وانسحاقك لا يعفيانك من التزامك بالعمل، فإنه ليس من يقدر أن يصحح الأوضاع سواك، أما نحن فنتحرك معك حسبما تشاء. "ونحن معك، تشجع وافعل". كلنا نحتاج إلى كلمات المساندة والتشجيع. فيشوع بن نون سمع الصوت الإلهي: "تشدد وتشجع" (يش 1: 16)، وسليمان احتاج إلى كلمات أبيه داود: "تشدد وتشجع واعمل. لا تخف، ولا ترتعب، لأن الرب الإله إلهي معك" (1 أي 28: 20). عزرا له سلطات من قبل الملك، ولكن الأمر يبدو صعبًا، لذلك نجد الشعب يسانده ويشجعه ليعمل. فَقَامَ عَزْرَا وَاسْتَحْلَفَ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ، أَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ هَذَا الأَمْرِ، فَحَلَفُوا [5]. حسب عزرا كلمات شكنيا كما من الله الذي يسند في وقت الضعف، ويقيم كما من الموت، لذا "قام عزرا". وفي وسط البكاء المُر للشعب استحلف رؤساء الكهنة واللاويين وكل إسرائيل أن يعملوا حسب هذا الأمر، فحلفوا. استحلفهم أن يصححوا الأوضاع، فاستجاب الكل له. +"استحلف رؤساء الكهنة"، حتى لا يرجعوا ويلقوا بالمسئولية على عزرا وحده، بل يكون القرار جماعيًا، والجميع ملزمين بتنفيذه. "وأطلقوا نداءً"، أي أطلق الرؤساء النداء. ثُمَّ قَامَ عَزْرَا مِنْ أَمَامِ بَيْتِ الله، وَذَهَبَ إِلَى مِخْدَعِ يَهُوحَانَانَ بْنِ أَلْيَاشِيبَ. فَانْطَلَقَ إِلَى هُنَاكَ، وَهُوَ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا، وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً، لأَنَّهُ كَانَ يَنُوحُ بِسَبَبِ خِيَانَةِ أَهْلِ السَّبْيِ [6]. بدأت الأزمة في الانفراج، وأقسم رؤساء الكهنة واللاويون وكل إسرائيل أن يلتزموا بالعمل على تصحيح الموقف، لكن عزرا ظل صائمًا ودخل مخدع يهوحانان يبكي وينوح أمام الله، إذ لم تحتمل نفسه أن يرى شعبه خائنًا لله. 2. السماء تبكي والكل يتحرك وَأَطْلَقُوا نِدَاءً فِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيم،َ إِلَى جَمِيعِ بَنِي السَّبْيِ، لِكَيْ يَجْتَمِعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ [7]. إن كان عزرا قد تقدم أمام الله باكيًا ونائحًا وساقطًا على الأرض في انسحاق أمام بيت الله، فإن الشعب أيضًا جاء باكيًا، اجتمع الكل في رعدة وخوف أمام الله، يبكون بكاءً عظيمًا، وانهارت الأمطار الغزيرة، كأن السماء تشاركهم دموعهم. لم يتحرك عزرا بمفرده، مع أنه كان قادرًا أن يصدر أمرًا واجب التنفيذ حسب الصلاحية المعطاة له من قبل الملك: "كل من لا يعمل شريعة إلهه وشريعة الملك فليُقضَ عليه عاجلًا، إما بالموت أو بالنفي أو بغرامة المال أو بالحبس" (عز 7: 26). لكن عزرا آمن بأن الإصلاح لا يتحقق بإصدار أمر فردي حاسم، وإنما بتحرك الجماعة كلها المقتنعة بضرورة التقديس للرب. لذلك خرج النداء من القادة معًا إلى جميع بني السبي لكي يجتمعوا في أورشليم. وَكُلُّ مَنْ لاَ يَأْتِي فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ حَسَبَ مَشُورَةِ الرُّؤَسَاءِ وَالشُّيُوخ،ِ يُحَرَّمُ كُلُّ مَالِهِ، وَهُوَ يُفْرَزُ مِنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ السَّبْيِ [8]. رقم 3 كثيرًا ما يشير في الكتاب المقدس بعهديه إلى قيامة السيد المسيح في اليوم الثالث. وكما يقول العلامة أوريجينوس أن إبراهيم سار مسيرة ثلاثة أيام وراء علامة القيامة، لذلك قدم ابنه اسحق للذبح واثقًا أن الله يقيمه من الأموات. ويُغطس المعُمد ثلاث مرات في مياه المعمودية ليتمتع بالحياة الجديدة المقامة مع المسيح. وهنا جاءت الدعوة بالاجتماع معًا بعد ثلاثة أيام ليحملوا قوة قيامة المسيح فيهم، والقادرة أن تقيم من موت الخطية وتدخل بنا إلى برّ المسيح. جاءت الدعوة مشفوعة بعقوبة صارمة، أن من يتخلف عن الحضور يحرم من كل ماله ويُفرز من السبي، لماذا؟ ا. يشير هذا الاجتماع إلى التمتع بالعضوية الكنسية المقدسة، بدونها يفقد الإنسان ماله، خاصة أرضه التي نالها هبة من الله، فلا تترك له ليسلمها للنساء الوثنيات وأولادهن. هكذا من لا يحفظ عضويته في كنيسة المسيح بالحياة المقدسة يُحرم من الميراث الأبدي، ولا يكون له نصيب في كنعان السماوية. ب. عزله أو فرزه من الجماعة، فلا يكون له حق الانتساب لشعب الله والبنوة لإبراهيم، والتمتع بالوعود الإلهية إلخ. يصير غريبًا عن الرب، وليس أهل بيت الله (أف 2: 19). "في ثلاثة أيام"، كانت أرض اليهود صغيرة، فيمكنهم الحضور من أبعد مكان إلى أورشليم في 3 أيام. "يُحرَم كل ماله"، كان لعزرا سلطان من قبل الملك (عز 7: 26)، حتى لا يذهب مال إسرائيل وميراثه للوثنيين. "يُفرز من جماعة أهل السبي"، أو يُقطع، أي يُحسب كأجنبي ووثني، ليس لهُ المواعيد والحقوق والامتيازات التي لشعب الله، ولا تكون له علاقة بالهيكل. فَاجْتَمَعَ كُلُّ رِجَالِ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ إِلَى أُورُشَلِيم،َ فِي الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ، أَيْ فِي الشَّهْرِ التَّاسِعِ فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْر،ِ وَجَلَسَ جَمِيعُ الشَّعْبِ فِي سَاحَةِ بَيْتِ اللهِ مُرْتَعِدِينَ مِنَ الأَمْرِ وَمِنَ الأَمْطَارِ [9]. جلس جميع الشعب في ساحة بيت الله، ربما تكون ساحة بجوار الهيكل قبل الساحة التي أمام باب الماء (نح 8: 1)، التي اجتمع فيها الشعب بعد ذلك مع نحميا وعزرا لسماع كلام الشريعة. جاء الكل في رعدة، فإن الخطية تثمر رعدة وخوفًا، وتُفقد الإنسان سلامه الداخلي. "يهوذا وبنيامين"، لأن أكثر أهل السبي كانوا من هذين السبطين. "الشهر التاسع"، وهو شهر مطير. "ساحة بيت الله"، لم يكن في أورشليم أماكن تستوعب كل هؤلاء والأيام أيام مطر. ولكن لنلاحظ الجدية، فهم لم يؤجلوا الإصلاح والتوبة حتى شهور الربيع، وهذا دليل الجدية والتوبة الحقيقية. فَقَامَ عَزْرَا الْكَاهِنُ وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ خُنْتُمْ وَاتَّخَذْتُمْ نِسَاءً غَرِيبَة،ً لِتَزِيدُوا عَلَى إِثْمِ إِسْرَائِيلَ [10]. كشف عزرا الكاتب للشعب عن جراحاتهم بقوله: "قد خنتم واتخذتم نساء غريبة!" لم يسترسل في الحديث عن الجوانب السلبية وتفاصيل الخيانة ضد الله. فَاعْتَرِفُوا الآنَ لِلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِكُمْ، وَاعْمَلُوا مَرْضَاتَهُ، وَانْفَصِلُوا عَنْ شُعُوبِ الأَرْض،ِ وَعَنِ النِّسَاءِ الْغَرِيبَةِ [11]. قدم عزرا العلاج للشفاء من هذا الجرح الخطير، ألا وهو التوبة والاعتراف لله، مع أخذ موقف عملي بالانفصال عن الخطية، وعمل ما يرضي الله، ليرجعوا إلى الله إله آبائهم، فهو ليس بغريبٍ عنهم، ولا هم غرباء عنه. "وانفصلوا عن شعوب الأرض"، بزواجهم من نساء وثنيات اتحدوا مع شعب الأرض في حياتهم وأعمالهم ولذاتهم وعباداتهم القبيحة، ولما انفصلوا عن النساء انفصلوا عن تلك المعاشرات كلها. فَأَجَابَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: كَمَا كَلَّمْتَنَا كَذَلِكَ نَعْمَلُ [12]. جاءت الاستجابة من كل الجماعة سريعة، فدموع عزرا وانسحاقه وحبه لخلاص إخوته وثقته في عمل الله، هذه جميعها أثمرت في قلوب الجماعة بالطاعة لله ولكاهنه. "فأجاب كل الجماعة"، أي صدقوا على كلام عزرا، ووافقوا برضا. إِلاَّ أَنَّ الشَّعْبَ كَثِيرٌ وَالْوَقْتَ وَقْتُ أَمْطَار،ٍ وَلاَ طَاقَةَ لَنَا عَلَى الْوُقُوفِ فِي الْخَارِج،ِ وَالْعَمَلُ لَيْسَ لِيَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ لاِثْنَيْنِ، لأَنَّنَا قَدْ أَكْثَرْنَا الذَّنْبَ فِي هَذَا الأَمْرِ [13]. طلبت الجماعة من عزرا أن يدبر الله، فالكل خاضعون لله ولشريعته، وإصلاح الموقف لن يتحقق وهم مجتمعون تحت أمطار غزيرة. إنما يلزم تدبير الأمر مع رؤساء الجماعة وشيوخ المدن للنظر في كل القضايا الخاصة بهذه الخيانة. فَلْيَقِفْ رُؤَسَاؤُنَا لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ. وَكُلُّ الَّذِينَ فِي مُدُنِنَا قَدِ اتَّخَذُوا نِسَاءً غَرِيبَةً، فَلْيَأْتُوا فِي أَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَمَعَهُمْ شُيُوخُ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ وَقُضَاتُهَا، حَتَّى يَرْتَدَّ عَنَّا حُمُوُّ غَضَبِ إِلَهِنَا مِنْ أَجْلِ هَذَا الأَمْرِ [14]. "لكل الجماعة"، بما أن العمل كثير ويحتاج إلى وقت اقترحوا تعيين رؤساء مع شيوخ كل مدينة ليفحصوا ويقضوا وينفذوا الأمر، وتكون قراراتهم صادرة كأنها من الجماعة كلها. طلبوا تشكيل لجان لفحص المدن تحت إشراف الرؤساء والشيوخ والقضاة، وتحديد أوقات معينة لتصدر الأحكام في غير تسرعٍ، بل بتروٍ ودراسة. "فليأتوا في أوقات معينة": كان الرؤساء في أورشليم كمحكمة وعينوا لكل مدينة وقتًا ليحضر الذين أخذوا نساء غريبات ومعهم شيوخ تلك المدينة وقضاتها. "حتى يرتد عنا حمو غضب إلهنا":حتى ذلك الوقت لم يكن قد أصابهم شيء، لكنهم فهموا أنهم إن لم يرجعوا إلى الله بالتوبة فالغضب آتٍ بلا شك. وَيُونَاثَانُ بْنُ عَسَائِيلَ وَيَحْزِيَا بْنُ تِقْوَةَ فَقَطْ قَامَا عَلَى هَذَا، وَمَشُلاَّمُ وَشَبْتَايُ اللاَّوِيُّ سَاعَدَاهُمَا [15]. كانت الجماعة كلها متفقة برأيٍ واحدٍ، ولم يعارضهم سوى أربعة رجال قاوموا هذا العمل، هم يوناثان وَيَحْزِيَا يساعدهما لاويان هما مَشُلاَّمُ وَشَبْتَايُ، غالبًا ما كان لهم أقرباء ارتكبوا هذه الخيانة. لكن مقاومتهم لم تجدِ شيئًا. "هما قاما على هذا"، وفي ترجمة أخرى قاوما هذا. وَفَعَلَ هَكَذَا بَنُو السَّبْيِ. وَانْفَصَلَ عَزْرَا الْكَاهِنُ وَرِجَالٌ رُؤُوسُ آبَاءٍ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ، وَجَمِيعُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَجَلَسُوا فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ الْعَاشِرِ لِلْفَحْصِ عَنِ الأَمْرِ [16]. وَانْتَهُوا مِنْ كُلِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا نِسَاءً غَرِيبَةً، فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ [17]. تم الأمر بكل تدقيق وفي تروٍ. استغرق العمل ثلاثة أشهر، حيث بدأ في أول الشهر العاشر، وانتهى في اليوم الأول من الشهر الأول. 3. أسماء التائبين خُتم السفر بذكر أسماء التائبين، ويلاحظ في هذه العبارات الآتي: 1. لم يحابِ عزرا الكاتب أحدًا من إخوته الكهنة، بل ذكرهم أولًا. 2. قدم كل كاهن ذبيحة إثم كبش غنم [19]، حاسبًا أن هذه الخطية كانت سهوًا (لا 5: 15-16). 3. للأسف يشوع الكاهن الذي قاد أول فوج مع زربابل إلى أورشليم جاء من نسله من تزوج بوثنيات، وقد ذكروا في مقدمة القائمة! 4. ذِكر أسماء الذين أخذوا نساء وثنيات وتسجيلها، درس عملي كنوعٍ من التأديب، ليصيروا عبرة للأجيال القادمة. كما يوجد سجل فيه أسماء الذين عادوا لأورشليم، وهو سجل تكريم، يوجد أيضًا سجل لمن خان الرب، تُسجل فيه خيانته. كل خطية بلا توبة تذخر لنا غضبًا في يوم الغضب (رو 2: 5). كل خطايانا التي بلا توبة مسجلة ضدنا. عدد الذين خانوا الرب 113 منهم 17 من الكهنة و10 من اللاويين والمغنيين والبوابين و86 من العامة. فَوُجِدَ بَيْنَ بَنِي الْكَهَنَةِ مَنِ اتَّخَذَ نِسَاءً غَرِيبَةً. فَمِنْ بَنِي يَشُوعَ بْنِ يُوصَادَاقَ وَإِخْوَتِهِ مَعْشِيَّا وَأَلِيعَزَرُ وَيَارِيبُ وَجَدَلْيَا [18]. وَأَعْطُوا أَيْدِيَهُمْ لإِخْرَاجِ نِسَائِهِمْ، مُقَرِّبِينَ كَبْشَ غَنَمٍ لأَجْلِ إِثْمِهِمْ [19]. "َأَعْطُوا أَيْدِيَهُمْ": علامة قول الصدق. وَمِنْ بَنِي إِمِّيرَ حَنَانِي وَزَبْدِيَا [20]. وَمِنْ بَنِي حَارِيمَ مَعْسِيَّا وَإِيلِيَّا وَشَمَعْيَا وَيَحِيئِيلُ وَعُزِّيَّا [21]. وَمِنْ بَنِي فَشْحُورَ أَلْيُوعِينَايُ وَمَعْسِيَّا وَإِسْمَعِيلُ وَنَثَنْئِيلُ وَيُوزَابَادُ وَأَلْعَاسَةُ [22]. وَمِنَ اللاَّوِيِّينَ يُوزَابَادُ وَشَمْعِي وَقَلاَيَا (هُوَ قَلِيطَا). وَفَتَحْيَا وَيَهُوذَا وَأَلِيعَزَرُ [23]. وَمِنَ الْمُغَنِّينَ أَلْيَاشِيب، وَمِنَ الْبَوَّابِينَ شَلُّومُ وَطَالَمُ وَأُورِي [24]. وَمِنْ إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنِي فَرْعُوشَ رَمْيَا وَيِزِّيَّا وَمَلْكِيَّا وَمِيَّامِينُ وَأَلِعَازَارُ وَمَلْكِيَّا وَبَنَايَا [25]. "ومن إسرائيل"، أي من العامة. وَمِنْ بَنِي عِيلاَمَ مَتَّنْيَا وَزَكَرِيَّا وَيَحِيئِيلُ وَعَبْدِي وَيَرِيمُوثُ وَإِيلِيَّا [26]. وَمِنْ بَنِي زَتُّو أَلْيُوعِينَايُ وَأَلْيَاشِيبُ وَمَتَّنْيَا وَيَرِيمُوثُ وَزَابَادُ وَعَزِيزَا [27]. وَمِنْ بَنِي بَابَايَ يَهُوحَانَانُ وَحَنَنْيَا وَزَبَايُ وَعَثْلاَيُ [28]. وَمِنْ بَنِي بَانِي مَشُلاَّمُ وَمَلُّوخُ وَعَدَايَا وَيَاشُوبُ وَشَآلُ وَرَامُوثُ [29]. وَمِنْ بَنِي فَحَثَ مُوآبُ عَدْنَا وَكَلاَلُ وَبَنَايَا وَمَعْسِيَّا وَمَتَّنْيَا وَبَصَلْئِيلُ وَبِنُّويُ وَمَنَسَّى [30]. وَبَنُو حَارِيمَ أَلِيعَزَرُ وَيِشِّيَّا وَمَلْكِيَّا وَشَمَعْيَا وَشَمْعُونُ [31]. وَبِنْيَامِينُ وَمَلُّوخُ وَشَمَرْيَا [32]. مِنْ بَنِي حَشُومَ مَتَّنَايُ ومَتَّاثَا وزَابَادُ وَأَلِيفَلَطُ ويَرِيمَايُ وَمَنَسَّى وَشَمْعِي [33]. مِنْ بَنِي بَانِي مَعَدَايُ وَعَمْرَامُ وَأُوئِيلُ [34]. وَبَنَايَا وَبِيدْيَا وكَلُوهِي [35]. ووَنْيَا وَمَرِيمُوثُ وَأَلْيَاشِيبُ [36]. وَمَتَّنْيَا وَمَتَّنَايُ وَيَعْسُو [37]. وَبَانِي وَبِنُّويُ وَشَمْعِي [38]. وَشَلَمْيَا وَنَاثَانُ وَعَدَايَا [39]. مَكْنَدْبَايُ وَشَاشَايُ وَشَارَاي [40]. وَعَزَرْئِيلُ وَشَلْمِيَا وَشَمَرْيَا [41]. وَشَلُّومُ وَأَمَرْيَا وَيُوسُفُ [42]. مِنْ بَنِي نَبُو يَعِيئِيلُ وَمَتَّثْيَا وَزَابَادُ وَزَبِينَا وَيَدُّو وَيُوئِيلُ وَبَنَايَا [43]. كُلُّ هَؤُلاَءِ اتَّخَذُوا نِسَاءً غَرِيبَة،ً وَمِنْهُنَّ نِسَاءٌ قَدْ وَضَعْنَ بَنِينَ [44]. غالبًا ما صرفوا النساء والأولاد، ومعهم عطايا وهدايا، ولكن هذا لم يُذكر، فهو سفر توبة، والكلام هنا عن التوبة. وهكذا فعل إبراهيم مع هاجر وإسماعيل، إذ عوضها وصرفها. عزرا كقائدٍ ومصلحٍ اتسم عزرا في إصلاحاته بمنهجه الكتابي الروحي: 1. كانت كلمة الله أو الوصية الإلهية هي دستور القيادة في العمل الروحي الكنسي. أحب الأسفار الإلهية بكونها كنز الوعود الإلهية، وآمن بقوة الكلمة في حياته كما في خدمته. 2. عدم الاتكال على ذراع بشري: فلم يطلب حماية الملك وجيوشه، حافظ الله عليهم فعلًا. 3. الصوم والصلاة لكي يسمع الله صوتنا ويستجيب لنا. فقد نادى بصومٍ بالرغم من طول الطريق وصعوبته، مع التواضع أمام الله. فرحمهم الله وحافظ عليهم، وهكذا ينبغي أن نفعل في بداية كل مشروع. 4. التذلل أمام الله والرجوع إليه مع التوبة والاعتراف بخطايانا: بكى وصلى، بل واعترف بأنه أخطأ، إذ شعر أن خطايا الشعب هي خطاياه هو في حق الله. فهل نصلي من أجل إخوتنا الذين يخطئون ونعترف كما لو كنا المخطئين، أم نبرر أنفسنا، ونلقي باللوم على الآخرين. 5. عزل الشر: بعزل الزوجات الوثنيات. فالإيمان الحق بالرب يتأثر بالاختلاط الشديد كالزواج بغير المؤمن. على كلٍ يلزم أن يعتزل مؤمن الشر والخطية. 6. صلاة عزرا وتواضعه ومحبته لشعبه واعترافه بخطاياهم هي التي حركت قلوب الشعب، فقدموا توبة، وبكوا بكاءً عظيمًا. نلاحظ أنه لو طلب عزرا من الشعب أن ينفصلوا عن زوجاتهم دون أن يصلي ويتذلل أمام الله، لرفضوا وثاروا ضده، وتحولت أفراح الرجوع إلى انشقاقات. كما أرسل الله النبيين حجي وزكريا للشعب ليحرك قلوبهم، فيبنوا الهيكل، أرسل لهم عزرا ليحرك قلوبهم للتوبة، ولإصلاح حالهم روحيًا. 7. وثق الملك الفارسي في عزرا، وأعطاه بعض الصلاحيات في توقيع العقوبات، ولكن حين أتى نحميا كوالٍ على اليهود لم يتضايق عزرا من أن سلطاته سُلبت منه، بل اهتم بتجميع الكتاب المقدس. يليق بكل خادم، أنه إن حُرم من خدمة معينة، يعلم أن الله يطلب منه عمل آخر. ليفهم فلا يغير من نجاح خادم آخر في خدمته، بل يهتم هو بخدمته التي ائتمنه عليها الله. من وحي عزرا 10 قُدنا في موكب التوبة الجماعية * مَنْ منا يقدر أن يتبرر أمامك؟ كلنا في الموازين إلى فوق! الأسقف مع الكاهن والخدام وكل الشعب، كلنا ننسحق أمامك. الرجال مع النساء والأطفال، الكل ينصب العدو لهم الشباك. يريد أن يخلط الزرع المقدس بالزوان. * في أبوتك تسمح لنا بالتأديب كما إلى لحيظة. نشعر بحنوك فنرجع إليك. نقرع صدورنا أمامك! نرجع إليك، فقد أفسدت الخطية حياتنا. رجوعنا إليك يرد لنا بهجة خلاصك. رجوعنا بالتوبة يُمتعنا بالحياة الفردوسية! * لنرجع إليك، فنراك تركض إلينا لتغمرنا بقبلاتك. نرجع إليك، فتفرح السماء بنا. نرجع إليك لا بالكلام، وإنما بالسلوك حسب إرادتك المقدسة. نتمتع بلذة العمل بوصيتك. نحيد عن الشر، ونفعل الخير. * هب لنا قادة وشعبًا، أن يسند كل أحدٍ أخاه. نقوم ونعمل معًا بروحك القدوس، نتشدد ونتشجع بك، ونمارس عملك! * لنعتزل الخطية وكل فسادٍ! ونصرخ لأجل تقديس الخطاة. لنعمل كلنا معًا من أجل بنيان كنيستك المقدسة. |
|