يساعدنا اختيار يوسف لمهمّة الأب المعلن ليسوع والحامي لبتوليّة مريم أن نفهم كيف لا بدّ أن نفسه قد كانت فاضلة، وغنيّة بالنعمة. ويدعوه الكتاب المقدّس "البارّ" ويشمل هذا اللقب كلّ الفضائل مجتمعة. البار بالإيمان يحيا، ولهذا نرى في يوسف، في المقام الأوّل، إيمانه الحيّ. يؤمن بألوهيّة الطفل الّذي يظهر على الأرض فقيراً وبائساً. يؤمن برغم الاتضاع الّذي يحيطه، ويمنحه هذا الإيمان، كمكافأة، كشف أسرار العليّ، الّتي ترسل إليه من خلال الملاك حول بأمومة مريم. قد آمن بهذه الكلمة: "إنّ الّذي كوّن فيها هو من الروح القدس"، فلم يخف " أن يأتي بامرأته مريم إلى بيته". وما هو أكثر من هذا، كان عليه أن يؤمن بما لا يمكن تصوّره من ناحية بشريّة: أمومة عذراء، وتجسّد ابن الربّ. وشرعية يسوع كإبن داود. وبفضل إيمانه وطاعته استحقّ يوسف بأن تتمّ هذه الأسرار العظيمة تحت سقف بيته. فهو "الوَكيلَ الأَمينَ العاقِلَ الَّذي يُقيمُه سَيِّدُه على عائلته" (لوقا 12، 42)، فكان يقظاً كليّاً للربّ، مستعداً دائماً إلى إيماءاته، منحنياً لخدمته. يكشف مثل هذا التكريس عن محبّة كاملة؛ يحبّ يوسف الربّ بكلّ قلبه وكلّ عقله وكلّ قواه.