رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رؤية القدّيس"أرسانيوس بوكا". ذات يوم، عندما كان القدّيس"أرسانيوس بوكا" جالساً في الحديقة يُجيل النّظرَ بالجبال المحيطة به، لاحظ غيمةً سوداء كبيرة على قمّة الجبل.، كان يصدر منها ضجيج وأصوات. وإذ حدّق بها بإمعان، شاهد الغيمة تنفصل إلى قسمين وعند قمة الجبل عرشاً ملكيّاً مُحاطاً بنار. على العرش كان جالساً عدّو الإنسان، إبليس، تُحيط به جمهرة من الشّياطين. وكان القدّيس أرسانيوس يتابع بتدقيق ماجريات الأمور فسمع الشّيطان يقول: "من منكم حذق بما فيه الكفاية وباستطاعته إيجاد فكرة شرّيرة وماكرة يبثّها في أذهان النّاس كي نجذبهم ونستميلهم إلينا... فنُقيم مملكة أكبر وأعظم من ملكوت الله، لأنّه لم يبقَ لنا سوى وقتٍ قليل.؟!". إذ ذاك اقترب أحد الأبالسة وسجد لمعلّمه إلى الأرض وقال: "يا جلالة زعيم الظّلمات، أرى أنّه من الجيّد أن نهمس في أذان النّاس أنّ لا إله!". فأجابه إبليس: "لستَ شرّيراً بما فيه الكفاية، لأنّه بإمكاننا كسب عددٍ أكبر من الأرواح بطريقة مختلفة. فليُقدّم لنا آخر فكرة مبتكرة!". فجاء ثانٍ وقال: "يا جلالة زعيم الظّلمات، أقترح أن نهمس لهم أنّ هناك إلهاً، ولكن ليس هناك لا جنّة ولا جحيم، وأنّ حياتهم هذه تنتهي بكل بساطة عند قبرهم!". تأمّل الشّيطان بالفكرة بإمعان ثمّ قال: "هذه الفكرة الشّرّيرة ليست كافية أيضاً، ولن تخوّلنا الفوز بنفوس كثيرة، لأنّ النّاس سيتذكّرون أنّ المسيح قال عندما كان صاعداً إلى السّموات: "في بيت أبي منازل كثيرة، وإلّا فإنّي كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعدّ لكم مكاناً، وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليّ، حتّى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً" (يو ١٤: ٢-٣). إنّ إيمان النّاس بهذه الكلمات راسخ جداً وسيُبطل مخطّطنا، وسيستمرّ النّاس بالاعتقاد أنّ الله سيكافئهم بحسب أفعالهم... فليعطني آخر فكرة أكثر حذاقة!". عندها تقدم إبليس ثالث وسجد لمعلّمه إلى الأرض وقال: "يا جلالة زعيم الظّلمات، أجد أنّه من الأفضل لنا أن نطوّب النّاس لأجل إيمانهم بالله، وإيمانهم بالجنّة والجحيم، وانتظارهم للدّينونة الأخيرة. ولكن في الوقت عينه فلنهمس في آذانهم: "لا تُسرعوا إلى التّوبة. دعوا التّوبة إلى أيّامكم الأخيرة. فالموت ما زال بعيداً. تمتّعوا الآن بحياتكم وأرضوا كلّ شهواتكم الجسديّة، لأنّه ما زال لديكم وقت كثير!ً". وهكذا، ونحن نخدعهم ونبهرهم بإيحاءاتنا، يشيخون من دون أن ينتبهوا للأمر ويبلغون نهاية حياتهم وهم لم يتوبوا!. فيوافيهم الموت بغتةً وهم غير مستعدّين، فنقبض على أرواحهم إلى الأبد!. أومأ الشّيطان برأسه راضياً بالاقتراح!. ثمّ نخر وصرّ بأسنانه بفرحٍ شيطانيّ وحثّ الجميع بحرارة على أن يذهبوا ويعملوا تماماً كما أوعز لهم زميلهم!. لهذا السّبب يُتمم المسيحيّون واجباتهم بفتور وبشكل سطحيّ، لأنّ الشّيطان يحثّهم طيلة حياتهم على إتمام رغباتهم والنّاس يطيعونه!. لا يريدون أن يغيّروا طرقهم بل يستمرّون بإرضاء شهواتهم وما تمليه عليه طبيعتهم السّاقطة، متجاهلين نصائح الكنيسة في ما يخصّ التّوبة الحقيقيّة، حتّى في شيخوختهم... عندما روى "القدّيس أرسانيوس" هذه الرّؤية تنبّأ أنّه ما زالت لديه ثلاثة مواسم فصحية يحتفل بها... وفعلاً رقد بالرّب بعد ثلاث سنوات. وقد تنبّأ بسقوط النّظام الشّيوعيّ في رومانيا وثورة الشّعب الرّومانيّ على النّظام الملحد. وقد بقي حاضراً في نفوس العديد من أبنائه الرّوحيّين الّذين استمرّ بإرشادهم حتّى بعد رقاده. وثمّة عجيبة تتردّد طيلة السّنة على قبر القدّيس في دير "بريسلوب" للرّاهبات، وتجتذب الآلاف من أبناء الإيمان إليه. وإنّ الورود الّتي أزهرت على قبره لا تذبل ولا تتجمّد رغم الحرارة المتدنّية إلى ما دون العشرين درجة مئويّة تحت الصّفر في الشّتاء، وهي دائماً مفتّحة نضرة!. فلتكن صلوات "القدّيس أرسانيوس"، خادم المسيح الّذي لا يكلّ، معنا أجمعين ... |
|