رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوصية الخامسة: إكرام الوالدين: وضع الرب إكرام الوالدين في مقدمة الوصايا الخاصة بعلاقتنا بالآخرين، فيأمرنا بإكرامنا لهما قبل أن يوصينا "لا تقتل" أو "لا تزن" إلخ... وهي الوصية الوحيدة والمقترنة بمكافأة أو وعد (أف 6: 2). وكانت الشريعة صارمة على من يكسر هذه الوصية: "من ضرب أباه أو أمه يُقتل قتلًا... ومن شتم أباه أو أمه يقتل قتلًا" (خر 21: 15-17). من يعاند ولا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه يرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت (تث 21: 18-21). ومن يستخف بأبيه أو أمه يصير تحت اللعنة (تث 27: 16). يبدو أن اليهود استغلوا هذه الوصايا فأساء البعض التصرف في معاملة أولاده، إذ أرادوا الطاعة المطلقة بلا اعتبار لنفسية الأولاد وشخصياتهم. فجاء السيِّد المسيح ليكشف المفاهيم العميقة لهذه الوصية، ففي الوقت الذي فيه كان السيِّد خاضعًا للقديسة مريم والقدِّيس يوسف (لو 2: 51)، هذا الذي تخضع له كل القوات السماوية (في 2: 10)، واهتم بأمه وهو على الصليب مشغولًا بخلاص العالم كله وساقطًا تحت الآلام، مسلمًا إيَّاها لتلميذه القدِّيس يوحنا (يو 19: 27)... إذ به يضع مفهومًا جديدًا لهذه الطاعة وذلك عندما عاتبته أمه قائلة: "يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا؟! هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين" (لو 2: 48-49)، أجابها: "لماذا كنتما تطلبانني؟! ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي!" (لو 2: 49)... ويعلق الإنجيلي على هذه الإجابة قائلًا: "فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما" (لو 2: 50). إجابة السيِّد المسيح كانت أشبه بثورة في عالم الطفولة، إذ أعطى للأبناء حق التفاهم مع الوالدين، والطاعة في الرب (أف 6: 1)، وليس الطاعة المطلقة كما فهمها اليهود، وكما كانت البشرية في ذلك الحين تفهمها. هذا المفهوم الإنجيلي امتد للطاعة للأب الروحي، إذ يقول الرسول بولس: "إن بشرناكم نحن أو ملاك من السما بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما" (غلا 1: 8)، معطيًا لأولاده الروحيين حق عدم الطاعة إن كانت ليست في الرب. يتحدث القديس جيروم عن الطاعة في الرب، قائلًا: [تقول الوصية "إكرم أباك" لكن فقط إن كان لا يفصلك عن أبيك الحقيقي. تذكر رباط الدم، ما دام والدك يعرف خالقه، أما إذا لم يفعل ذلك فسيرنم لك داود قائلًا: "اسمعي يا ابنتي وانظري وأميلي سمعك. انسي شعبك وبيت أبيك، فإن الملك اشتهى حسنك فهو ربك" (مز 44: 10-11). ففي هذه الحالة تكون المكافأة عظيمة لنسيانك الوالد إذ "اشتهى الملك حسنك" ]. أما مفهوم إكرام الوالدين فمتسع، يشمل الطاعة والخضوع وقد ضرب اسحق مثلًا حيًا لطاعة أبيه إبراهيم الذي أراد أن يقدمه ذبيحة للرب كأمر الله له؛ وأيضًا المحبة والاحترام ونرى في سليمان الحكيم مثلًا حيًا، إذ جاءته والدته "قام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه ووضع كرسيًّا لأم الملك فجلست عن يمينه" (1 مل 2: 19)، والنجاح أيضًا نوع من إكرام الوالدين، إذ يقول الكتاب: "الابن الحكيم يُسر أباه، والابن الجاهل حزن أمه" (أم 10: 1). الإعالة هي تكريم عملي للوالدين، وكما يقول القديس جيروم: [لا تفسر التكريم في كلمات مجردة... بل مدهم باحتياجاتهم الضرورية للحياة. لقد أمر الرب بإعالة الوالدين المحتاجين بواسطة أولادهم، وفاءً لأعمالهم الحسنة التي قدمت للأولاد في طفولتهم]. وقد وبّخ السيِّد المسيح الفريسيين الذين وضعوا تقليدًا يخالف كلمة الله، فقد سمحوا للأبناء أن يقدموا ما يحتاج إليه الوالدان إلى الخزينة في الهيكل لحساب الفقراء، فإن سألهم الوالدان شيئًا يقولون: "قربان" (مت 15: 4)! فأبطلوا وصية الرب بتقليدهم الشرير . أخيرًا إن كانت هذه الوصية حملت إكرام الوالدين حسب الجسد، والآباء الروحيين فبالأولى جدًا تنفيذها على الأبوين الروحيين يكون الله أبونا والكنيسة هي أمنا. ويرى القدِّيس إكليمنضس السكندري أن الأبوين هنا هما الله بكونه أب ورب لنا، والأم هي المعرفة الحقة والحكمة التي تلد الأبرار. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إكرام الوالدين والمكافآت الإلهية السخية |
إكرام الوالدين وأمثلة رائعة واقعية |
من علامات إكرام الوالدين الطاعة والخضوع |
الوصية الخامسة: إكرام الوالدين |
كلمة منفعة من قداسة البابا: عن إكرام الوالدين |