رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أن الأب راتسي الراهب الكامندولازي يخبرنا (في الأعجوبة 47من كتابه على عجائب العذراء) بأنه كان شابٌ ما الذي بعد وفاة والده قد أرسلته والدته الى بلاط أحد المسلطين ليخدم هناك، الا أن هذه الأم الحسنة العابدة نحو والدة الإله قد ألزمت أبنها قبل سفره من عندها بأن يعطيها وعداً في أنه كل يومٍ يتلو السلام الملائكي وعند نهاية تلاوته إياه يقول هذه الكلمات وهي: أيتها البتول المباركةعينيني في ساعة موتي. فبعد أن وصل الشاب الى مكان الخدمة التي مضى ليمارسها قد أتبع طريق الرذيلة وأفتعال المآثم، حتى أن سيده أضطر لأن يطرده من خدمته، ومن ثم لنظره ذاته في تك الحال السيئة عادم القوت الضروري لحياته، شرع كمقطوع الرجا يطوف في البراري لصاً قاتولاً، غير أنه وهو في تلك الظروف لم يكن يتغافل عن أتمام ما كان وعد به أمه ملتجئاً مراتٍ كثيرةً الى شفاعة أم الرحمة، فأخيراً يوماً ما قبض عليه خدام الشريعة وأعطى ضده حكم الموت، ففي اليوم المتقدم على وضع الحكومة بالعمل اذ كان هو في السجن غائصاً في بحرٍ من الحزن، عند تأمله من جهةٍ أولى شقاوة سيرته وثقل خطاياه وحكومة الموت ضده، ومن جهةٍ أخرى مرارة حزن والدته عند سماعها بموته على هذه الصورة المفضوحة الصيت، فالشيطان لنظره إياه ميؤوساً من شدة الغم قد ظهر له بصورة شابٍ جميلٍ، ودنا منه موعداً إياه بأطلاقه من السجن وبخلاصه من الموت أن كان يفعل كل ما كان هو يريده منه، واذ وعده الشاب بذلك فحينئذٍ هو أخبره عن ذاته بأنه كان الشيطان وبأنه قد جاء لمعونته، ولكنن هذا العدو الجهنمي قد طلب منه قبل كل شيء أن ينكر يسوع وأسرار الديانة المسيحية، فالشاب الشقي قد نكرها، الا أنه اذ طلب منه الشيطان أن ينكر مريم العذراء فأجابه، كلا، أن هذا الأمر لا يمكن أن أفعله، وحينئذٍ التفت هو أي الشاب نحو والدة الإله قائلاً لها تلك الصلاة التي كان تعلمها من أمه وهي: أيتها البتول المباركة عينيني في ساعة موتي: فعند تلفظه بهذه الكلمة غاب عنه الشيطان، غير أن الشاب بقي مملؤاً من مرارة الحزن على كونه زاد على خطاياه السابقة هذه الأخيرة الأشد شناعةً ونفاقاً من جميعها، وهي نكرانه يسوع المسيح وأسرار ديانته، ولكنه اذ واظب الألتجاء الى شفاعة الأم الإلهية فهي أستمدت له نعمة الندامة على خطاياه كلها، ولذلك قد أعترف في منبر الذمة بها بدموعٍ غزيرةٍ وبتوجعٍ مرٍ، فحينما أخرجته خدام الشريعة بعد ذلك من الحبس ليمضوا به الى مكان القتل، ففي الطريق اذ شاهد هو أحد تماثيل والدة الإله مجسماً، قد حياها بالسلام الملائكي حسب عادته مضيفاً اليه تلك الكلمات وهي: أيتها البتول المباركة عينيني في ساعة موتي: فالتمثال عند ذلك أحنى له رأسه بنوعٍ قد شاهده الشعب كله، كأن العذراء المجيدة قد سلمت عليه شاكرةً معروفه، فالشاب حينئذٍ أزداد تخشعاً وطلب من الجنود أن يسمحوا له بان يدنو من ذلك التمثال ويقبل قدمي العذراء ففي الأول توقفوا عن السماح له بهذا، لأنه خارج عن الرسوم الا أنهم خوفاً من الشعب الذي كان شاهد الأعجوبة وبدأ يصرخ ضدهم، أقادوا الشاب أمام التمثال المقدس، فيا للعجب أنه عندما أنطرح هو مقبلاً قدمي البتول، فهي مدت يدها ومسكته شديداً بنوع أنه لم يعد ممكناً تخليصه منها، فحينئذٍ صرخ الشعب كله: نعمةً نعمةً: وهكذا صار، وأعطيت النعمة للشاب بأنه خلص ناجياً من الموت، فرجع الى وطنه وأستسار سيرةً مسيحيةً فاضلةً، مستحراً في التعبد لمريم التي أنقذته على هذه الصورة من الموت الزمني ومن الموت الأبدي أيضاً.* |
|