25 - 08 - 2012, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: موضوع متكامل عن القديس مقاريوس الكبير - الانبا مقار
جاء عن القديس مقاريوس أنه كان في وقتٍ ما سائراً في أقصى البريةِ. فأبصر شخصاً هرماً حاملاً حملاً ثقيلاً يُحيطُ بسائرِ جسمِه، وكان ذلك الحملُ عبارةً عن أوعيةٍ كثيرةٍ في كلٍّ منها ريشةٌ، وكان لابساً إياها بدلاً من الثيابِ. فوقف مقابله وجهاً لوجه يتأمَّله. وكان يتظاهر بالخجلِ تظاهُرَ اللصوصِ المحتالين. فقال للبارِّ: «ماذا تعملُ في هذه البريةِ تائهاً وهائماً على وجهِك»؟ فأجابه الأبُ قائلاً: «أنا تائهٌ طالبٌ رحمةَ السيدِ المسيح. ولكني أسألُك أيها الشيخُ باسمِ الربِّ أن تعرِّفني من أنت؟ لأني أرى منظرَك غريباً عن أهلِ هذا العالمِ، كما تُعرِّفني أيضاً ما هي هذه الأوعيةُ المحيطةُ بك؟ وما هو هذا الريشُ أيضاً»؟ وقد كان الثوبُ الذي عليه مثقّباً كلَّه، وفي كل ثقبٍ قارورةٌ. فأقرَّ العدوُ بغيرِ اختيارهِ وقال: «يا مقاريوس، أنا هو الذي يقولون عنه شيطانٌ محتالٌ. أما هذه الأوعيةُ فبواسطتِها أجذبُ الناسَ إلى الخطيةِ، وأقدِّمُ لكلِّ عُضوٍ من أعضائهم ما يوافقه من أنواعِ الخديعةِ. وبريشِ الشهواتِ أُكحِّل من يُطيعُني ويتبعُني. وأُسَرُّ بسقوطِ الذين أغلبهم. فإذا أردتُ أن أُضِلَ من يقرأ نواميسَ اللهِ وشرائعَه، فما عليَّ إلا أن أدهنَه من الوعاءِ الذي على رأسي. ومن أراد أن يسهرَ في الصلواتِ والتسابيح فإني آخذ من الوعاءِ الذي على حاجبي وألطِّخُ عينيه بالريشةِ وأجلِبُ عليه نُعاساً كثيراً وأجذبه إلى النومِ. والأوعيةُ الموجودةُ على مسامعي فهي مُعدةٌ لعصيانِ الأوامرِ وبها أجعلُ من يسمعُ إليَّ لا يُذعن لمن يشيرُ عليه. والتي عند أنفي بها أجتذبُ الشابَّ إلى اللَّذةِ. أما الأوعيةُ الموضوعةُ عند فمي فبواسطتها أجذِبُ النساكَ إلى الأطعمةِ، وبها أجذِبُ الرهبانَ إلى الوقيعةِ والكلامِ القبيحِ. وبذورُ أعمالي كلُّها أوزعُها على من كان عاشقاً، ليعطي أثماراً لائقةً بي. فأبذرُ بذورَ الكبرياءِ، وأغلُّ من كان على ذاتِهِ متكلاً، بالأسلحةِ التي في عنقي. والتي عند صدري فهي مخازن أفكاري ومنها أسقي القلوبَ مما يؤدي إلى سُكر الفكرِ، وأشتِّتُ وأُبعِدُ الأفكارَ الصالحةَ من أذهانِ أولئك الذين يريدون أن يذكروا مستقبلَ حياتِهم الأبدية. أما الأوعيةُ الموجودةُ في جوفي فهي مملوءةٌ من عدم الحسِّ وبها أجعلُ الجهالَ لا يحسون، وأُحسِّن لهم المعيشةَ على نهجِ الوحوشِ والبهائمِ. أما التي تحت بطني من شأنها أن تسوقَ إلى فعلِ سائرِ أنواعِ وضروبِ الزنى والعشقِ واللَّذاتِ القبيحة. والتي على يدي فهي معدةٌ لضروبِ الحسدِ والقتلِ. والمعلقةُ وراء ظهري ومنكبيَّ فهي مملوءةٌ من أنواعِ المحنِ المختصة بي وبها أُقارع الذين يرومون محاربتي، فأنصبُ خلفهم فخاخاً. وأُذِلُّ من كان على قوتهِ متكلاً. والتي على قدمي فهي مملوءةٌ عثراتٍ أُعرقِلُ بها طرقَ المستقيمين. ومن شأني أن أخلطَ في بذورِ فلاحتى صنوفاً من الحسكِ والشوكِ. والذين يحصدون منها يُساقون إلى أن يُنكروا طريقَ الحقِ». وبعد أن قال هذا صار دخاناً واختفى. وأن القديسَ ألقى بنفسِهِ على الأرضِ وابتهل إلى اللهِ بدموعٍ لكي يحاربَ بقوتهِ عن الضعفاءِ سكانِ البريةِ ويحفظهم. |
||||
|