رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي رسالة يسوع المسيح الأساسية التي نجدها في الأناجيل ، والتي يجب أن تكون رسالة المسيحيين الأساسية؟! هذه الرسالة هي “ملكوت الله” أو “مُلك الله”. منذ أن أخرج الله شعب إسرائيل من أرض مصر كان هو ملكهم، وكان الذين يحكمون الشعب يسمون قضاة وليسوا ملوكًا. بينما في آخر حكم القضاة، طلب الشعب من صموئيل (آخر قضاة بني إسرائيل) أن يُعيِّن لهم ملكًا. فأعطاهم صموئيل ملكًا، وقال الرب لصموئيل: اسمع لصوتهم ومَلِّك عليهم مَلكًا، دعهم يذوقوا تسلط وطغيان الملوك. ومن تلك اللحظة، ابتدأ شعب إسرائيل يتعرض إلى سلسلة من الغزوات والسبي على يد الأشوريين وعلى يد البابليين ثم سيطر عليهم السلوقيون (خلفاء الإسكندر الأكبر) ثم الرومان. وجاء يسوع في عصر حكم الرومان لأرض اليهودية وأورشليم والهيكل. لم يكن يسوع يريد أن يتبع السلسلة التي تخيلها شعب إسرائيل؛ فقد توقع بني إسرائيل أن الحرية هي أن يملك عليهم ملكًا من بني جنسهم مثل داود . لكن يسوع علمنا أن المُلك ليس أن يملك أحد الملوك اليهود ، إنما الحرية هي أن يرجع المُلك لله، يرجع الشعب الذي يخضع لله ويتغير من الداخل فيغير الخارج وليس العكس. كيف يصبح للكلام أهمية أكثر من كونه مجرد كلام؟ كيف يصبح الكلام حقيقة؟ يسوع يعلم جيدًا أنه ما أسهل الكلام. وهناك أشخاص كثيرون يعرفون كيف يقولون كلامًا جميلًا، وهناك أشخاص أكثر يحبون سماعه. لكن يسوع لا يتحدث عن ملكوت المبادئ والفلسفات والأفكار والكلام الجميل. هو يعلم جيدًا أن الله إله فعل. عندما سأل موسى الله قديمًا على الجبل، ما اسمك؟ قال له الله: أنا اسمي “I am” أو أنا أكون، أنا فاعل. CV أو السيرة الذاتية لله في العهد القديم اسمه: “الإله الذي أخرجك من أرض مصر”. ليس أسماءً كثيرة جميلة، لكنه “فعل”. وCV أو السيرة الذاتية لله في العهد الجديد اسمه: “الإله الذي أقام يسوع من الأموات”، وهو فعل أيضًا. وبعدما تحدث يسوع عن اقتراب الملكوت، وعلَّم عن بر الملكوت، قال للجموع: إذا لم يتحول كل هذا الكلام إلى فِعل في حياتكم فلا قيمة له. كل من يأتي إليَّ ويسمع كلامي ويعمل به أريكم من يشبه. (لوقا 47:6) وأعطى تشبيهين؛ تشبيه “الطريق الضيق والطريق الواسع”، وتشبيه “مَن يبني على الصخر ومَن يبني على الرمل”. القضية هنا ليست هي “هل الطريق جيد أم سيء؟”، بل القضية هي “هل هذا هو الطريق الصحيح؟”. هل تحب أن تسير في طريق ممهد وواسع، لكنه لا يصل بك إلى المكان الذي تقصده؟! الذين ينظرون للأمام، ويحولون الكلام إلى أفعال، هؤلاء هم بالحقيقة “بنو الملكوت“. هل الموعظة على الجبل هي المقدمة وهناك تعاليم أعمق؟ أم هي كل ولُب رسالة المسيح؟! الموعظة على الجبل هي بدء تعليم يسوع، من التعاليم الأساسية جدًا، التي تعلمناها منذ الصغر، مثل “أبانا الذي في السماوات”. على خلفية تطلُّع اليهود للحرية، على خلفية انتظار اليهود – أكثر من أي وقت مضى – لأنه فاض بهم الكيل من اضطهاد بيلاطس (الحاكم الروماني)؛ كانوا يتطلعون إلى مجيء المسيا ابن داود الذي يعيدهم إلى ملكوت الله. على هذه الخلفية، جاء يسوع يتكلم عن ملكوت الله بطريقة أخرى. جاء يسوع يقول: أن المشكلة ليست في الرومان، المشكلة فينا نحن، لقد ابتعدنا عن مُلك الله الحقيقي على قلوبنا. والحقيقة أنه سياسيًا وتاريخيًا؛ الأمر الذي جلب دائمًا السبي والسيطرة الأشورية والبابلية والفارسية والرومانية المتتابعة على اليهودية وعلى أورشليم هو فساد اليهود. ملكوت الله تكلم يسوع عن اقتراب ملكوت الله عن طريق ما يفعله هو، ولكن إن كنت بأصبع الله أخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله. (لو 20:11). لكن هذا الملكوت الذي أقبل وصار متاحًا للجميع أن يدخلوه، هو ملكوت بر تغيير القلب ، وليس بر الردع الداخلي. ملكوت الله وبر الله غير بر الكتبة والفريسيين. بنو الملكوت ثم تكلم يسوع عن أسلوب حياة الملكوت؛ وهو أنك تثق بالله ولا تهتم بالماضي والمستقبل، وتعيش الحاضر وتثق أن الله سيعينك في حاضرك. في النهاية تكلم يسوع عن قوة الملكوت وهي قوة الله التي تُفعّلها المحبة. والمحبة هي الخروج خارج النفس للآخرين، مثلما يفعل الله الذي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار، فهي الطلب من الآخر وليس المطالبة. هي الطلب من الله، والاستعداد أن يعطينا ما نطلبه أو لا يعطينا ما نطلبه، لأنه أعطانا ما هو أهم من كل شيء، والذي يستطيع أن يجعلنا سعداء وسالمين حتى وإن لم نأخذ ما نريده هنا والآن وهو ملكوت الله. هؤلاء الناس الذين يثقون بالله ثقة الأطفال هم “بنو الملكوت“ |
|