منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 05 - 2022, 05:46 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

فكرة عامة عن الرهبنة ونشأتها


الرهبنة فكرة فلسفية، وليست الفلسفة قاصرة على شعب من الشعوب بل هى من نصيب الأمم الراقية والشعوب الناهضة، ولما كان الشرق مصدرًا للنهضات الفكرية والآراء الفلسفية العلمية. عرفت الرهبنة بين شعوبه في أماكن مختلفة وعصور متباينة وقد ظهرت الرهبنة (فكرتها وليس شكلها الحالي) في الوثنية باعتبار البراهمة والذين يدينون بمبادئ كنفوشيوس Confucius وجوتاما بوذا Gautama Buddha، هم أول من فكر في العيشة المنفردة وإذلال الجسد وكبح جماحه بطرق في منتهى القوة والقسوة والخشونة في التعامل.
فقد تألفت منهم جماعات عديدة عاش أفرادها في كهوف وأحراش كما سكن البعض في مناسك المعابد والهياكل وعلى ضفاف الأنهار المقدسة حيث رضخوا تحت نير ثقيل تلهبهم سياط الفرائض المرة ويضنيهم الصوم الطويل.

- ولما كانت معرفتهم بالخلاص والسعادة بعد الموت قاصرة على الأمانة الذاتية، لهذا نظروا إلى الجسد كعدو وأحاطوه بسياج من الشرائع القاسية بعد أن كبلوه بالأغلال والقيود، فمنهم من يمتنع عن الكلام أيام طويلة، ومنهم من يصعد على قمم الجبال العالية ويقطع المسافات النائية غير مبال بقيظ الصيف وزمهرير الشتاء.. وبهذه الهمة النادرة والتفانى العجيب استطاع رهبانهم إذ أجاز المُسمى المعروف لدينا عن الرهبنة – من نشر دينهم حسب معرفتهم أما عن مفهوم الرهبنة عند اليهود فهو يرجع لأن اليهود قد سبقوا الأمم في معرفة الإله الحق كما انفردوا بعبادته على الطريق السوى، فخصهم بالشريعة وبعث منهم الأنبياء، فهذه المميزات التى لم تتوفر لغيرهم كشفت لهم عن بطلان العالم وأمجاده الزائلة وأنه كعشب الحقل الذى يزول سريعًا، كما أنار الأنبياء بحياتهم المثالية طريق السعادة والخلود، فتعمق الكثير منهم في العبادة الروحية وأخذوا يبحثون عن مسالك جديدة للحياة الأبدية، وهى التى ترتب عليها ظهور طوائف دينية كان أقربها إلى الحياة الرهبانية المسيحية طائفة الأسينيسين.
- وقد نشأت هذه الطائفة نحو سنة 200 ق.م... ومع أن السيد المسيح له المجد قد أشار في أحاديثه الإنجيلية إلى طوائف يهودية أخرى كالكتبة والفريسيون -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وكان معظم حواراته معهم وهم الذين صب عليهم الويلات في (مت 23 : 13 – 29) وكذلك طائفة الصادوقيين (الصدوقيين).
إلا أنه لم يشر بتاتًا إلى هذه الطائفة التى عاشت بعيدًا عن أورشليم حيث انفردت بمساكنها حول ضفاف البحر الميت، وكان أفرادها يحرمون الزواج على أنفسهم ويعيشون عيشة اشتراكية بسيطة ويعملون بعرق جبينهم وينفقون ثمن ما يعملون به على أولاد الفقراء الذين كانوا يتبنونهم ليهذبوهم حسب عقائدهم كما كانوا يقدمون الإحسان بسخاء لجماعة المعوزين على السواء دون تميز شخص عن الآخر حسب انتماءاته الفكرية.
- وكان على طالب الإنضمام إلى صفوفهم أن يقضى تحت الاختبار مدة لا تقل عن ثلاث سنوات [ولعل هذا النظام هو المتبع في أديرتنا القبطية القديمة منذ نشأتها حتى الآن بغض النظر عن الأديرة الناشئة حديثا]، فإذا ظهر منه في خلال هذه المدة ما يدل على استعداده لقبول الحياة الجديدة فللرئيس الحق الكامل أن يقبله في حظيرة الجماعة بعد ارتياحهم له، هذا بعد أن يتعهد بخدمة الله بكل أمانة ونشاط ولا يظهر من أسرار الجماعة التى يتبعها أى شئ سواء صغيرًا أو كبيرًا ولو عرض نفسه للموت، لا يفشى أسرارها.
- وقد ظهر في مصر فرقة يهودية أخرى سكنت بجانب بحيرة مريوط يقال لها "ثيرابوتا" أى طائفة "الشفاء" أو "الأطباء"، وكان ما يميز هذه المجموعة أنهم كانوا ينتهجون نفس منهج الرهبنة الأنطونية التى لم تكن ظهرت بعد ولكن كانت هى البذرة أو النواة للنظام الأنطونى الذى وضعه القديس الأنبا أنطونيوس واشتهر بإسمه بعد زوال هذه الجماعة بما يقرب من الخمسة قرون من الزمان.
- كان كل من أفرادها يعيش منفردًا ستة أيام الأسبوع وفى يوم السبت كانوا يجتمعون بنفس واحدة لإقامة الشعائر الدينية الخاصة بهم، وقد تأثروا بالفلسفة اليونانية والمصرية وقالوا بفساد المادة (أى الجسد) التى تغلبوا عليها بالزهد والنسك وحياة الكمال.

- وبعد مضى فترة من الزمن تعادل القرن ونصف القرن ظهرت المسيحية بولادة السيد المسيح ونموه قليلا قليلًا ثم كرازته واستكمالًا لرسالته وخلاصة للعالم كرز الرسل الأطهار وبشروا المسكونة وانتشرت المسيحية في ربوع مصر على يد كاروزنا العظيم مرقس الرسول مبشر كورة مصر الأول.
- كان المصريون المسيحيون اسبق الناس إلى الحياة النسكية، حيث جعلوا منها مثلا رائعًا للحياة المسيحية التى لا يوجد مثيل لها في معابد البوذيين ويتضاءل أمامها تقشف الاسينيين... ولكثرة المخازى الوثنية التى كانت منتشرة في البلاد في ذلك الوقت وتفاقم المظالم الرومانية، هذه جعلت البلاد مرتعًا للغش والقلاقل والمذابح الدينية والعنصرية. وقد أشار السيد المسيح إلى الرهبنة ولكنه لم يفرضها على أحد من الناس بل جعل الأقبال عليها حسب إرادة الإنسان واختياره الحر بكامل قراره الشخصى.
ولكن لظروف الاضطهادات المرة التى رضخ تحت نيرها الأقباط في القرون الثلاثة الأولى، امتلأت الأودية والمغائر والكهوف والأماكن المهجورة بكثيرين من الأتقياء والأبرار، الذين وجدوا في الحياة الرهبانية خلاصًا من مظالم العالم ومتاعبه وراحة للضمير المتألم وطريقًا معبدًا صعبًا وسهلًا في نفس الوقت للوصول إلى الحياة الأبدية وقد دعى أحد الكتاب للتاريخ هذه المرحلة في الكنيسة بالإنتقال إلى البرية حيث كلا من العروس مع عريسها.
- ويعتبر القديس أنطونيوس المصري هو أول راهب أخرج الرهبنة بنظامها الحاضر إلى عالم الوجود، ولكن هذا لا يمنع من وجود كثيرين قبله عاشوا عيشة البتولية ونعموا بالحياة النسكية في بيوت بعيدة عن القرى، في أكواخ منعزلة عن التجمع السكانى، حتى أن ألقاب أنطونيوس في بداية حياته الرهبانية أو الإنعزال عن ضوضاء وصخب المدينة والبشر كان يقتدى شيخ مبارك قديس كان يسكن في قرية مجاورة له، حيث عاش منذ حداثته بصوم وسهو وصلاة، ولكن أنطونيوس كان هو الأسبق في اقتحام مخاوف البرية بسبب القصة المعروفة عن الأميرة وجواريها اللاتى نزلن ليستحمن في المياه التى كان يقيمن بجانبها وعندما وبخهم بأنه لا يجب أن يفعلن ذلك في وجوده سمع صوت الرب على لسانها قائلة [أن كنت راهبًا فأدخل إلى البرية الجوانية ] وبالحقيقة سمع الصوت الإلهى والرسالة السماوية حتى ولو كانت على لسان من تحيا حياة غير لائقة أو مناسبة لها وليس للآخرين، لكن سمع وأطاع ونفذ ودخل غازيا الصحراء الشرقية، مستكشفا قسوتها ووعرها لا يصاحبه إنسان ولا ونيس إلا كتابة المقدس الذى كان يرتشف من نبعه الفياض كل يوم بحسب التعزية المعطاه له من السماء.. ودخلت العروس لتتقابل مع عريسها. هناك في البرية حيث الهدوء والسكون التام.
- توغل أنطونيوس في عمق الصحراء وصرع هناك قوات الشر وجنود الظلمة، ولما سحق جحافلها وانتصر على جيوشها كشف لنا أخيرًا عن أسرار الحياة الهنية.
- لقد شاع صيت أنطونيوس في البلاد جميعها، فهرع إليه النساك والعباد ليقفوا على نظامه وترتيبه وحياته، وطرق عبادته، وذهب إليه المؤمنون لنوال البركة والشفاء.
- وسرعان ما انتشرت السيرة الرهبانية في كل بلاد القطر المصرى فشيدت الأديرة في الصحراء الشرقية والغربية وصعيد مصر وبرز أساطينها النوابغ أمثال مكاريوس وباخوميوس وشنوده وبلامون ويحنس القصير والأنبا بيشوى وغيرهم الكثير الذين طافوا مكروبين معتازين في جلود غنم ومعزى "وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم تائهين في برارى وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 11 : 38) واستطاعوا أن يحملوا رسالة المسيح، وفى أدق المراحل الشائكة – وادماها، ويتركوا لنا من بعدهم كل من يزين النفس، وتتجمل به من محبة وصبر وتواضع وإنكار ذات، وكل ما تعتز به الروح المسيحية من أخلاق سامية ومثل عليا.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حزقيال النبي |فكرة عامة عن الهيكل والمدينة
فكرة عامة عن الكتاب المقدس
فكرة عامة للاشغال اليدوية
فكرة عامة عن الكتاب المقدس
فكرة عامة عن الاسفار القانونيه الثانيه


الساعة الآن 07:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024