رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوجه الصغير الفتي جميل جدّاً، بهيّ بانحناءته الخفيفة وابتسامته الرقيقة كما لو كانت تداعب أو تتبع فكرة عذبة. صمت عميق في البيت الصغير والحديقة. سلام عميق على وجه مريم كما في محيطها. سلام وترتيب. كلّ شيء نظيف ومرتّب والجوّ العامّ متواضع في مظهره وفي الأثاث، تماماً كما في صومعة، مع شيء من التقشّف، ولكنّه بنفس الوقت ملوكيّ بسبب الصفاء والعناية التي بها رُتِّبت الأقمشة على السرير، واللفافات والمصباح وإناء النحاس الصغير قرب المصباح، والحاوي حزمة من الأغصان المزهرة، أغصان درّاق أم إجاص، لستُ أدري، ولكنّها بالتأكيد أغصان أشجار مثمّرة ذات أزهار تميل قليلاً إلى اللون الزهريّ. مريم تُنشِد بصوت منخفض، ثمّ ترفع الصوت قليلاً. ليس ذاك الإنشاد العظيم، ولكنّه صوت يتردّد في الغرفة الصغيرة حيث يحسّ المرء وكأنّ نَفْسها ترتعش. لا أفهم الكلام، فهو بالتأكيد كلام عبريّ. ولكن بما أنّها تردّد كثيراً «يهوه» أدركتُ أنّه ربما من التراتيل المقدّسة أو قد يكون مزموراً. وقد تكون مريم تتذكّر تراتيل الهيكل، وقد تكون الذكرى عذبة، ذلك أنّها تضع يديها اللتين تحمل بهما الخيط والمغزل على صدرها وترفع رأسها وتسنده من الخلف إلى الجدار؛ وجهها يشعّ بألوان حيّة، وعيناها تائهتان مع فكرة عذبة لستُ أدري ما هي، وقد أصبحتا أكثر إشعاعاً ببكاء مكبوت، لكنّه يجعلهما تبدوان أكبر. ومع ذلك، فعيناها تضحكان وتبتسمان لفكرة تتبعها فتعزلها عن محيطها. يبرز وجه مريم من الثوب الأبيض البسيط جدّاً والمورّد، وقد خِيط بضفائر كأنّها التاج حول رأسها، حتّى لتحسبها زهرة جميلة. |
|