رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا فرنسيس فى عيد البشارة: فى أيام الوباء مريم العذراء قريبة منا تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بعيد البشارة وهو من الأعياد السيدية أى الخاصة بالسيد المسيح، ويلقب بأول الأعياد المسيحية لانه ببشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم بميلاد المسيح توالت الأعياد المسيحية، فعقب البشارة يأتى عيد الميلاد ومنه الى الختان ثم الغطاس وصولا للقيامة. بشّر الملاك جبرائيل مريم العذراء بِحَبَلٍ بالروح القدس، وبشّر بالخالق الذى أراد أن يَتجسّدَ من دون أن يعتريه أى تغيير فى ألوهيّته، فأتى حدث البشارة إذ تمّ اتحاد الطبيعة الإلهيّة بالطبيعة البشريّة. - تعود جذور هذا العيد إلى القرون الأولى للمسيحيّة، فموضوع بتولية مريم العذراء، وحبلها الإلهى أى تجسّد الإله فى حشا امرأة شغل المسكونة منذ القدم وغيّر وجه التاريخ، وألهب قلوبًا انتظرت الخلاص الأبدى. فى المقابل بعض الناس رفضَه جملةً وتفصيلًا، مستغربًا كيف يمكن لله أن يُصبح إنسانًا، والخالق يتحّد بالمخلوق. هنا، تجيب المسيحيّة، بكلّ ثقةٍ ويقين، بلسان آبائها القدّيسين، سائلةً بدورها: - هل يعجز من هو مصدر المحبّة أن يتحّد بالإنسان الذى خلقه على صورته ودعاه ليكون على مثاله؟ كيف يمكن أن تكون المحبّة الإلهيّة للإنسان لو بقى الله فى عَليائه ولم يتجسّد؟ - ثمّ هل يتغيّر مَن لا يعتريه تغيير إذا اتحّد بالإنسان؟ أم أنّ الإنسان هو الذى يتغيّر فى الحقيقة ويتأله بالنعمة الإلهيّة لاتحّاده بالله؟ هل يمكن أن يبقى الأب السماوى بعيدًا عن أبنائه؟ هذه الأسئلةٍ فى الحقيقة كلّها إجابات تضع إزاءنا المقولة التالية: "مهمٌ جدًا أن نعرف من بشّر جبرائيل، ولكن الأهم أن نعى وندرك مَن الذى بشّر به جبرائيل". وخير إجابة عن هذا السؤال الذى يلخّص معنى العيد بمجمله هو ما تعلنه الكنيسة فى دستور إيمانها:"إلهٍ حقٍ من إلهٍ حق، مولودٍ غير مخلوق". وبمناسبة عيد البشارة أجرى البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين فى مكتبة القصر الرسولى بالفاتيكان واستهلَّ تعليمه الأسبوعى بالقول: "نكرّس تعليم اليوم للصلاة فى الشركة مع مريم، ويتمُّ ذلك فى عيد البشارة، نحن نعلم أن الدرب الرئيسية للصلاة المسيحية هى بشريّة يسوع، فى الواقع، إن الثقة المميزة للصلاة المسيحية ستكون خالية من المعنى لو أن الكلمة لم يتجسِّد، ويمنحنا فى الروح القدس علاقته البنوية مع الآب". وتابع البابا فرنسيس يقول: "إنَّ المسيح هو الوسيط، الجسر الذى نعبره لنتوجه إلى الآب، كل صلاة نرفعها إلى الله هى بالمسيح، ومع المسيح، وفى المسيح وتتم بفضل شفاعته، إنَّ الروح القدس يوسّع وساطة المسيح إلى كل زمان ومكان: لا يوجد اسم آخر يمكننا أن نخلص به، من وساطة المسيح الواحدة، تأخذ معنى وقيمة الإشارات الأخرى التى يجدها المسيحى لصلاته وعبادته، وأولها الصلاة والعبادة إلى مريم العذراء، فهى تحتل مكانة مميزة فى الحياة، وبالتالى أيضًا فى صلاة المسيحى، لأنها والدة يسوع، وقد صورتها الكنائس الشرقية غالبًا على أنها التى "تشير إلى الطريق"، أى إلى الابن يسوع المسيح، كذلك فى الأيقونات المسيحية، نجدها حاضرة فى كل مكان، وأحيانًا أيضًا بشكل بارز، ولكن على الدوام فى علاقة مع الابن ووظيفته، إن يديها وعيناها وموقفها هما "تعليم" حى، ويشير دائمًا إلى المفصلة، والمحور: يسوع، ومريم هى متوجّهة نحوه بشكل كامل". وأضاف الأب الأقدس يقول: "هذا هو الدور الذى لعبته مريم طوال حياتها الأرضية وتحتفظ به إلى الأبد: إنها أَمَةُ الرب المتواضعة، فى مرحلة معينة، فى الأناجيل، يبدو أنها تختفى تقريبًا، لكنها تعود فى اللحظات الحاسمة، كما فى قانا، عندما صنع الابن، بفضل تدخلها المتنبِّه، أولى "آياته"، ومن ثم على الجلجلة، عند أقدام الصليب". وأضاف البابا يقول لقد بسط يسوع أمومة مريم للكنيسة كلها عندما أوكل إليها تلميذه الحبيب، قبل وقت قصير من موته على الصليب، ومن تلك اللحظة فصاعدًا، أصبحنا جميعًا تحت ذيل حمايتها، كما يظهر فى بعض اللوحات الجدارية أو اللوحات التى تعود إلى العصور الوسطى، وهكذا بدأنا نرفع صلاتنا إليها ببعض العبارات الموجهة لها، الحاضرة فى الأناجيل: "ممتلئة نعمة"، "مباركة بين النساء"، وفى صلاة السلام عليك يا مريم، أُضيف بسرعة أيضًا لقب، "والدة الإله"، الذى أقره مجمع أفسس، ومثلما حدث فى صلاة الأبانا، بعد التسبيح نضيف الدعاء: نطلب من الأم أن تصلى من أجلنا نحن الخطأة لكى تشفع بنا بحنانها "الآن وفى ساعة موتنا"، الآن فى مواقف الحياة الملموسة وفى اللحظة الأخيرة، لكى ترافقنا فى العبور إلى الحياة الأبدية". وتابع البابا فرنسيس يقول: "مريم هى حاضرة على الدوام بجانب سرير أطفالها الذين يغادرون هذا العالم. إذا وجد شخص ما نفسه وحيدًا ومهجورًا، فهى تكون هناك فى قربه، كما كانت فى جوار ابنها عندما تخلّى عنه الجميع، لقد كانت مريم ولا تزال حاضرة فى أيام الوباء، بالقرب من الأشخاص الذين أنهوا لسوء الحظ مسيرتهم الأرضية فى حالة من العزلة، بدون تعزية قرب أحبائهم، لقد كانت مريم حاضرة هناك على الدوام بحنانها الوالدى". وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعى بالقول: "إنَّ الصلوات التى نوجّهها إليها لا تذهب سدى، لأنَّ امرأة الـ "نَعَم"، التى قبلت بجهوزيّة دعوة الملاك، تستجيب أيضًا لطلباتنا، وتصغى إلى أصواتنا، حتى تلك التى تبقى مغلقة فى قلوبنا، والتى لا تملك القوة للخروج ولكن الله يعرفها أفضل منا، وكأى أم صالحة، تدافع عنا مريم فى الأخطار، وهى تقلق علينا، حتى عندما ننشغل بأمورنا ونفقد معنى المسيرة، ونعرِّض للخطر لا صحتنا وحسب، وإنما أيضًا خلاصنا، إنَّ مريم حاضرة هناك، وهى تصلى من أجلنا، وتصلى من أجل الذين لا يُصلّون، لأنها أمنا". |
|