نهضت عزيمته: كان جالساً في التراب عندما نهض فكره بعد أن جاءه الخاطر الصالح بالرجوع إلى أبيه، فنهضت عزيمته وأطاع، وترك الخنازير التي ترمز إلى الخطايا وأصدقاء السوء، فهي تتمرغ في الوحل وتأكل الفضلات. ولم يفكر في بُعد المسافة التي تفصله عن بيت أبيه، ولم يقف في سبيل عودته عائق!.. وما أن وصل إلى بداية الشارع الذي يقع فيه بيت أبيه حتى رآه أبوه قبل أن يرى هو أباه. وكانت دهشته شديدة، لأنه انتظر الرفض فلقي الترحيب، وكان يتوقَّع الإهانة فوجد الخاتم علامة الرضى والإكرام، وأُلبِس الحذاء علامة البنويَّة (كان العبيد حفاةً). وكان يظن أن نصيبه سيكون العمل الشاق فوجد الوليمة. ثم كانت مكافأة التوبة أنه صار ضيف الشرف.. لقد أظلمت حياته وتكدَّر بيت أبيه بسبب عصيانه، ولكن غفران الأب أنهى الظلام، فضاءت أرجاء البيت بأنوار الحفل المبهج. فما أجمل الرجوع إلى الآب لأنه الرجوع إلى الأصل.