رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الضال نهوض الروح: نهض فكره: كأنه كان سكراناً فأفاق، أو تائهاً فعثرت قدماه على بداية الطريق الصحيح. إنه يذكِّرنا بالملك نبوخذنصر الذي ضلَّ ضلالاً بعيداً، ومدح نفسه واغترَّ، وقال عن عاصمته: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَابِلَ ٱلْعَظِيمَةَ ٱلَّتِي بَنَيْتُهَا لِبَيْتِ ٱلْمُلْكِ بِقُوَّةِ ٱقْتِدَارِي وَلِجَلاَلِ مَجْدِي!» فطار عقله وأخذ يأكل العشب كالثيران، إلى أن عاد إلى نفسه، فعادت إليه نفسُه، ورفع عينيه إلى السماء، فرجع إليه عقله، وسبَّح وحمد الله الحي إلى أبد الآبدين، صاحب السلطان الأبدي، فعاد إلى جلال مملكته ومجده وبهائه، وطلبه مشيروه وعظماؤه (دانيال 4: 28-37). نهض فكر الابن الضال، فقال: «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ». وهذه بداية الاعتراف الصحيح، لأن إصلاح علاقتنا بالله يسبق إصلاح علاقاتنا بالناس، فكان كمال الاعتراف قوله: «يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ٱبْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاك». كانت خمس طبقات من الناس تعيش في البيت العبري، أولها الأبوان، ثم الأبناء، ثم العبيد الذين يشترونهم بالمال ويقيمون في البيت، ثم الخدَم الذين يجيئون يومياً للمساعدة، ثم الأجرى الذين يجلسون في السوق ينتظرون أن يستأجرهم من لا يهمُّه حتى أن يعرف أسماءهم. وفكَّر الابن الضال أنه لا يستحق أن يكون ابناً لأنه أضاع كل امتيازات بنويته، وهو لا يصلح أن يكون عبداً لأن صحته تدمَّرت، وهو لا يظن أنهم سيقبلونه خادماً فيرون وجهه في البيت كل يوم بعدما ارتكب في حقِّهم كل حماقة. فلم يبقَ له إلا استجداء عمل الأجير، وكأنه يقول لأبيه: إن قبلتني كأحد أجراك، سأبقى بعيداً حتى تستدعيني عندما تحتاج إلى عملي. وسأبقى بعيداً حتى لا أحرجك. |
|