رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عظاته 1. تعتبر عظاته من أهم ما وصل إلينا من العظات الآبائية، ظهر فيها الكاتب كطبيب حقيقي للنفوس، يعرف كيف يشخص أمراضها بكل دقة، مظهرًا كل حنو وفهم للضعف البشري، لكنه في غير تهاون أو مهادنة للشر(2). كثيرًا ما كانت عظاته تحمل شيئًا من العنف والانتهار لكن تحمل لمسات حب عميقة واتضاع مع ورع صادق، جذب إليه الكثيرين ويسمعون له ولا يملون. 2. امتازت عظاته أيضًا ببساطة التعبير مع الوضوح وإعطاء أمثلة كثيرين من العهدين ومن الواقع العملي في ذلك الوقت، فكانت عظاته بحق إنجيلًا معاشًا... تكشف عن دراية واسعة في معالجة المشاكل اليومية الحاضرة بأسلوب إنجيلي. 3. يرجع أغلب هذه العظات وهي عظات تفسيرية للعهدين إلى ما بين عام 386 وعام 379 م. بإنطاكية، وهي تقدم شهادة عن دقة تدربه في عقائد مدرسة إنطاكية، إذ كان يميل كثيرًا إلى التفسير الحرفي معارضًا الرمزية في مواضع كثيرة مع الاهتمام بالجانب الروحي. لم يحب منهج أوريجانوس الرمزي بالرغم من دفاعه عن أتباع أوريجانوس(3). 4. بسبب جهله اللغة العبرية جاءت عظاته على العهد القديم لا تحمل نفس قوة عظاته على العهد الجديد. وأن كانت عظاته على العهدين لهما ذات الطابع(4). 5. لا نستطيع ترجمة هذه العظات ونشرها على الشعب كما هي، للأسباب التالية: أ. فقدت بعض العظات قوتها لاختلاف الظروف التي ألقيت فيها عن الظروف الحالية. فلا نشعر مثلا بقوة "عظات التماثيل"، مثلما أحس بها الذين عاشوا في جو إنطاكية المرعب في ذلك الحين. فالواعظ الروحي الحكيم يعرف كيف يقدم كلمة الله الحية مفسرة كغذاء يشبع نفوس سامعيه تحت ظروف كنسية واجتماعية وثقافية وسياسية معينة، فيدخل بهم إلى كلمة الله الأبدية خلال الواقع العملي الذي يعيشونه. ب. ترجمة العظات من لغتها الأصلية، اليونانية، يفقدها أيضًا شيئًا من بلاغتها، فالتشبيهات والأمثلة والتعبيرات تختلف من لغة إلى أخرى. ج. أغلب عظاته التي وصلت إلينا لم تكن عن نسخة خطها المتحدث نفسه، وإنما هي ملاحظات سجلها بعض المستمعين، وهناك فارق بين لغة الوعظ ولغة الكتابة. هذا وقوة العظة لا تقف عند العبارات لكنها تمتد إلى روح المتكلم نفسه وطريقه حديثه... الأمر الذي لا تستطيع الكتابة أن تفعله مع العبارات. د. بعض العظات سجلت لأجل الانتفاع بها في الكنائس والأديرة، فامتدت إليها يد النساخ لتصحيح بعض العبارات أو تعديلها أو الحذف منها ليمكن قرأتها... |
|