القديس يوحنا ذهبي الفم والكنيسة

[Mary Naeem]

القديس يوحنا ذهبي الفم



الكنيسة



في حديثنا عن منهجه الكنسي تعرضنا لمفهوم الكنيسة وأبعادها عند القديس يوحنا، فرأيناه حياة وإيمان، كارزة بالحب، سالكة بروح سماوي دون تجاهل الواقع الزمني... انطلقت من حياة الزنا إلى العذراوية فصارت الملكة البتول تحمل ألقابًا كثيرة كسيدها وعريسها. وفي كتابنا عن "الحب الرعوي" اعتمدت كثيرًا على مقتطفات من كلماته عن مفهوم الرعاية الكنسية وسمات الكاهن ومسئولياته... لذا رأيت أن اكتفي بالحديث عن الجوانب الأخرى الخاصة بالكنيسة.

الوحدة الكنسية:

الكنيسة كجسد المسيح الواحد تحمل جمالًا، لكن إن فسد عضو في الجسد تتألم معه بقية الأعضاء. إن جمال الكنيسة يمتثل في الجمال الكلي... في هذا يقول:
"لا يكون الوجه جميلًا إلا إذا كانت العينان لامعتين والخدان مشرقين والشفتان حمراويتين والأنف مستقيمة والحاجب مقوسًا. فلو قطع جزء صغير من طرف الأنف لحل القبح على الوجه كله عوض الجمال".
الكنيسة هي اتحاد معًا في المسيح يسوع بغير انقسام، إذ يقول: "من يقول الكنيسة إنما يقول لا انقسام بل اتحاد واتفاق(34)".
ويرى القديس أن الرسول بولس جاهد أن يقضي على الانشقاقات التي في كورنثوس قبل أن ينزع الفساد المتفشي فيها، فإن الأولى أهم وأخطر... "لقد عرف (بولس) ما هو ملح: القضاء على الانشقاق".
مرة أخرى يتكلم عن الانشقاق الذي دب إنطاكية، قائلًا:

"ليس أسوأ من تمزيق القميص الذي لم يتجاسر العسكر على شقه، إلا تكفي الانشقاقات الأخرى حتى ننقسم نحن أيضًا على أنفسنا؟".
وفي حديثه عن انضمام البعض إلى إيفجاريوس (أوغريس) يقول: "لا شيء يقسم الكنيسة مثل حب الرئاسات، ولا شيء يضايق الله مثل تمزيق وحدة الكنيسة...
أقول هذا للذين بدون إفراز ينضمون إلى مثيري الانشقاق... الطمع هو سبب الشرور...
تقولون أنهم يحملون إيمانًا مستقيمًا... إذن لماذا هم ليسوا معنا...؟ فإن كانوا على حق نكون نحن مخطئين. أما إذا كان مسلكنا نحن سليمًا فيكون مسلكهم باطلًا...
كيف نواجه سخرية الوثنيين إن كانوا يأخذون علينا وجود هرطقات؟ لماذا لا يسمعون لنا؟ بسبب انقساماتنا...
موضوع آخر هو عار علينا... إذا تقدمت لمعاقبة إنسان أخطأ يتضايق الجميع ويرددون قائلين أنه سوف ينفصل عنا وينضم للمنشقين حسنا ليذهب ألف مرة وينضم إليهم، ليذهب هو وكل من يرتكب خطأ...
حقًا إن أحشائي في داخلي توجعني، لكن حزني هذا لن يدفعني إلى عمل ما لا يجب فعله. أني لا أتسلط على إيمانكم يا أحبائي ولا أحكمكم كسيد، أنا مدعو لتعليمكم وليس لأجلس على كرسي القضاء، أو كرسي السلطة. أني لست إلا مرشدًا... أتحدث إليكم لئلا تشتكوا في يوم الدين قائلين: لم يعلمنا أحد ولم نكن نعرف أن هناك خطية.
أوضح لكم أيضًا وأقرر أن تقسيم الكنيسة يعادل السقوط في الهرطقة... من يذبح المسيح ويقطع جسده، إلا يستحق جهنم؟
لتعلمن ذلك أيتها النساء الحاضرات، فإن النساء هن مسئولات عن هذا الجرم بالقدر الأكبر. قولوا هذا للنساء الغائبات ولترعبهن. إن ظننت البعض منكن يسببن لي حزنًا (بسبب الانشقاق) فليعلمن أنهن يضعن وقتهن.
من أرادت أن تنتقم مني فإني أقدم لها طريقة لا تؤذي نفسها أو على الأقل تكون الأذية بدرجة أقل... لتبصق على وجهي عندما تقابلني وسط الجميع ولتشبعني ضربًا، لعلك تقشعرين بسبب هذه الكلمات. إلا تقشعرين إذ تقدمين على تمزيق المسيح...؟
أقول للذين انضموا للمنشقين تبرمًا مني، فليصفعونني على وجهي ولا يفعلون ذلك.
الذين يبدون كأنهم حارون في الروح هم سبب هذه الكارثة. لا أقصد الحاضرين معنا بل الغائبين الذين تركوننا.
إن كنتم ترون خطأ فيَّ فأنا مستعد أن أتنازل عن رتبتي لمن تشاؤون من أجل الحفاظ على وحدة الكنيسة...
أرجوكم ابذلوا قصارى جهدكم لتكونوا ثابتين وتردوا كل الذين انشقوا عنا