رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
( مقال بمناسبة عيد آبا أنطونيوس ) من هم أولادك يا أنطونيوس ؟ أين لى أن أجدهم .. ؟ فكرى مشغول بالبحث عنهم من هم أولادك يا ساكن الجبال هل هم من سكنوا الجبال معك ؟ هل هم البتوليون ؟ هل هم لابسى القلنسوة ؟ هل هم المتجردون من رباطات الحياة فلا تتبعهم زوجة ولم يعولوا بنينًا ؟ من هم يا سيدى ؟ أخبرنى ، أخبرنى سيدى وأرح قلبى وإنشغال فكرى !!. " أنت إبنى " : قال لى أنبا أنطونيوس الكبير !!. لست راهباً سيدى ، لا أسكن الجبال ولا تعلو رأسى قلنسوة ، أعيش فى العالم وأعول زوجة وأبناء وأخدم لقمة عيشى .. كيف أكون إبنك ؟ كم كنت أتمنى ، ولكننى ما نلت هذا الشرف لعدم إستحقاقى ، ما نلته لضعفى ، فما تعودت حبس الأسوار ولا إلتزام القوانين .. " .. ومن قال لك أننى عشت حبيساً لأسوار ، ومن قال لك أن أحداً ألزمنى بالقوانين ؟ وحتى السواد أو الشكل لا يعنى رهبنتى أبداً .. !! " .. قلت له : سيدى ، الرهبنة شكل ونظام كنسى أسسته أنت ، وصار معروفاً بقوانينه وطقسه ، فلا تمنحنى شرفاً لا أستحقه ولم أعش تحت نيره .. " .. صدقنى يا إبنى أنكم أنتم من أطلقتم علىّ هذا اللقب ـ راهب ـ ، لقد تركت بيت أبى لا أحمل لقباً ولا شكلاً ولا أتبع فكراً غير فكر المسيح القدوس ( إن أردت أن تكون كاملاً ـ إحمل صليبك ) ، لم يكن فى ذهنى إلا أن أطيع كلمة الإنجيل وأتبع وصية المخلص .." قلت له : أبى القديس ، نيتك صادقة ، لا أشك فى هذا ، ولكنك إتخذت خطوات واضحة ومحدده ...... قاطعنى : " .. لم أتخذ خطوات من نوع خاص ، فقط أطعت الكلمة ( إذهب بع كل مالك ) فبعته ، ( إعط للمساكين ) فأعطيتهم ، ( إحمل صليبك ) فصممت أن أحمله كل يوم بفرح ، ( وإتبعنى ) فلم أتبع غيره .. هل فى هذا شكل أو غيره ؟ .. " قلت متعجباً : إذن ، فأنت تنكر شكل الرهبنة الحالى سيدى .. !! " .. لا يا إبنى ، أبداً ، فالرهبنة جندية ، ولا مانع أبداً أن تتبع نظاماً وشكلاً ، ولكنها لا تقف عند حدود الشكل أبداً .. " قلت له : ولكنك لا تُسمى راهباً إن لم تكن متبتلاً ولك إسم رهبانى ، أليس كذلك ؟ " .. البتولية والطاعة والفقر الإختيارى هى أعمده الرهبنة وليست شكلها ، هى بتولية القلب والفكر قبل الجسد ، والطاعة لوصية المسيح القدوس عن حب لا قهر ، هى التجرد من قنية العالم حتى لو عشنا فى العالم .. " قلت بأكثر تركيز : وهذه الثلاثة لا تتحقق إلا بالشكل الرهبانى .. " .. هذه الثلاثة هى لى ولك ولكل مسيحى ، أياً كان الشكل أو الوعاء ، لقد حملت العذارى مصابيحهن ، خمس حكيمات ملأنها زيتاً وإنشغلن بتنظيفها والعناية بإنارتها ، وخمس جاهلات أظن أن كل إنشغالهن تركز فى شكل المصباح دون الإنشغال بما يحوى داخله ، فإنطفأت مصابيحهن ولم ينرن بزيت .. " سيدى ، أفهم هذا جداً وأحترمه ، مسيحيتنا جوهر لا مظهر ، داخل لا خارج ، ولكنى أعجب أنك لا تدافع عن شكل الرهبنة وأنت مؤسسها .. !! قال لى بإبتسامة أخجلتنى : " .. من قال أنى لا أحترم الشكل والطقس والنظام ، لقد إستلمت القلنسوة بيد ملاك ، إنها ترتيب إلهى يا إبنى ، أرجو ألا تسيء فهمى ، ولكنى أتساؤل ، ما قيمة القلنسوة إن غطت رأساً يفكر بالخيالات الشريرة وينشغل بها ؟ ، وما قيمة الصليب على صدرِِ يحوى قلباً لا ينكسر بعمل الصليب ولا يتضع ؟ وما قيمة حبسك فى قلاية وعقلك وأحلامك طائشة تجوب البلاد وتنهش عرض العباد ؟ .. هل فهمتنى يا ولدى ؟ " قلت له : أشكرك سيدى ، يا من أنار عقولنا ، وعيون قلوبنا بتعاليمه الواعية ، الآن فهمت من هم أولادك ، الآن وجدتهم فى كل من يحمل صليبه كل يوم ويتبع وصية المسيح القدوس بفرح " .. نعم يا إبنى ، أولادى بتوليون حفظوا أجسادهم من دنس العالم ، ومتزوجون حفظوا سر الزيجة بسياح كرامة الطهارة ، أولادى سكنوا الجبال والبرارى ، وأولادى عاشوا فى العالم ولم يعش العالم فيهم ، أولادى رهبانُ فى أشكالهم ولم يشغلهم الشكل بل كان الزيت والفتيل المضيء هو شاغلهم ، وأولادى لم يكن لهم الشكل الرهبانى وعاشوا رهباناً بالجوهر لا بالمظهر .. هل تقبلنى أباً لك الآن وتكون إبناً لى ؟ " إنحنيت مقبلاً يده ، سحبها سريعاً فقد بللتها دموعى ، وإحتضننى فجرت دموعى على صدره وبللت لحيته الطويلة ، قبلنى بقبلة كلها أبوة وحنان ، وإبتسامته تملأ وجهه النورانى : " .. دموعك يا إبنى ذكرتنى بدموع الخاطئة التى بللت قدمى يسوع ، إنها أيضاً إبنتى ، لم يكن لها الشكل الرهبانى ، ولم تكن لها بتولية الجسد ، ولكنها إبنتى يوم أن حملت صليبها وتبعت المخلص وبللت دموعها قدميه اللتين أعتقتانى وعتقتها وعتقتك من طريق الضلالة ، وإقتنت لها ولى ولك عمراً نقياً بالتوبة .. " كل سنة وأنت طيب أيها القديس العظيم ، أب كل الرهبان .. . |
|