بلابيصا بلبص الجلبة أغنية الغطاس البهيجة ( 2)

[walaa farouk]

بلابيصا ...
أغنية الغطاس البهيجة ( 2)
--------------------------




لم تكن هذه الأغنية تقليداً كنسياً ولا طقساً لكنها كانت إحتفالاً مصرياً شعبياً محضاً يحمل في طياته عمق التراث الفولكلوري المصري ، لشعب عاش وما يزال متحد الحضارات التي أبدعها إنسان النيل الجميل .
للأسف لم تصلنا هذه الأغنية كاملة ، بل حتى ما وصل إلينا خضع لتحوير متعدد عبر السنين وأندثر معظمه مع مر الزمن . ولولا إن الصدفة وحدها كانت قد جمعتني منذ عدة سنوات برجل كانت ذاكرته تحتفظ ببقايا لعدد من أغاني الفولكلور الشعبي العتيق ، رغم أنه وقتها كان قد جاوز التسعين من عمره وحرصت وقتها على تدوين بعضاً مما أشجاني به .
وتمثل هذه الأغنية تراثاً شعبياً شاع في الغالب بصعيد مصر وما يزال يتردد صداها في احتفالات عيد الغطاس في بعض البيوت القبطية إلى يومنا هذا :
بلابيصا
بلبص الجلبة
ودحرج القربة
واد يا علي ...
قوم بنا بدري
نقبض القمري
السنة فاتت
والمَرة ماتت
والجمل برطع
كسر المدفع
بلابيصا ....
واد يا مرقس ..
قوم بينا نغطس
بضَي الفوانيس
وبركة القسيس
الجرس ضرب
والبرد هرب
وأوعاك يا ناسي
ما تاكل القلقاسي
بلابيصا ....

ربما كان للأغنية بقية لكن هذا كل ما وصل لي منها .
لكننا نجد أنها تحمل في طياتها بعض المعاني والمفردات الغامضة .
كنا قد شرحنا قبلاً معنى بلابيصا الكلمة المأخوذة من المصرية القديمة وتشير لمعنى العيد "الظهور أو الإعلان" وتوازي الكلمة اليونانية "إبيفانيا" بذات المعنى .
بلبص هي كلمة قبطية محضة من "بلبش" وتعني يخلع ثيابه أو يتعرى ، ومنها "بلبوش ، بلبوص" عريان . الجلبة هو تعبير فرضته القافية كناية عن الجلباب ، "وبلبص الجلبة" تعني "أخلع ثيابك" من الواضح أن ذلك إستعداداً لنزول النهر إحتفالاً بالعيد .
القربة هي وعاء أو كيس من جلد الماعز أو البقر كان يستخدم قديماً لحفظ الماء، ودحرجة القربة كناية عن فتحها لصب الماء للاغتسال ربما لهؤلاء البعيدين عن النهر.
نجد أسماء علي ومرقس هنا على مقطعين في جمع واضح للوحدة والفرحة التي كانت تسود الجميع وقد تلاشت تماما الفوارق الدينية في الاحتفال بهذا العيد .
القمري من الطيور المحببة للصيد ويشتهر بكثرة تزاوجه مع نهاية فصل الشتاء ويطير مع الساعات الأولى للصباح .
المرة (المرأة) ماتت كناية عن العام المنصرم ، فالسنة القديمة قد انقضت وهى أشبه بامرأة ماتت لتأتى سنة على هيئة فتاة شابة ترحل في نهاية السنة الجديدة .
ربما كانت برطعة (الجري بطريقة غير منسقة ) الجمل دلالة عن دخول السنة الجديدة بقوة وعنفوان، وفي برطعته القوية كسر المدفع ، وتكسير المدفع ربما كناية عن الأحداث الجسام التي يسحقها العام الجديد الذي يحمل في طياته معنى البشر والسلام بدلاً من الخصام والحروب.
في المقطع الثاني ، دعوة للنزول للغطس في الماء، مع وصف لما يرافق هذه الطقسية الاحتفالية من ضياء المشاعل والفوانيس التي يرافقها بركة القسس وصلاتهم لأجل العيد السعيد ، مع رنين الأجراس التي تعلن عن نهاية إنكسار شدة البرد ، و هذا البيت يشير إلى مثل شهير "إذا غطس النصراني طلع الدفا الجواني" ، ومثل أخر "غطستم صيفتم ، ونوزتم شتيتم" ، لأن الغطاس ينذر بقدوم الصيف والنيروز يعلن بداية الشتاء. وينتهي المقطع بعبارة تذكير لأكل القلقاس الذي لا غنى عنه في طقسية هذا اليوم .
..... يتبع .... أغاني أخرى للغطاس.