أن أقول لك الإحساس بالعالم وموجوداته يتعطل عند الاستغراق في الإلهيات. كانت حنه تصلي في الهيكل. كانت منسكبة النفس أمام الله فلم تشعر بما يدور حولها حتى أن عالي الكاهن حسبها سَكرَى فقال لها: {إلى متى تسكرين. قومي انزعي خمرك عنك}.(1صم1: 13، 14).
وهكذا أنت: أن كنت منصرفا بكليتك إلى الصلاة أو التأمل فسوف لا تشعر إطلاقًا بما يدور حولك. قد يتكلم البعض إلى جوارك وقد تقوم ضجة. وقد تتهادى مناظر كثيرة، وأنت لا تدرى عن كل ذلك شيئًا لأنك منهمك في أمور أخرى في عالم الروح. أن حسك معطل نسبيا لأن روحك؟ لا أدري، ولكني أعلم أن القديس يوحنا القصير كانت تمر عليه في تأملاته فترات يتكلم فيها الناس إليه فلا يسمع صوتهم ولا يدرى ماذا يقولون، ويسأله السائل مرة أخرى فيجيبه القديس {ماذا تريد يا ابني؟} ويكرر السائل طلبه ولا يسمعه القديس أيضًا. لأن روحه منشغلة بأشياء أخرى أهم وأعمق وألصق بالسمع والذاكرة. وكانوا يسألونه أحيانًا أسئلة فيجيبهم عنها بتأملات لاهوتية لا علاقة لها بما يسألونه عنه، لأنه لم يسمع ما قالوه.
كانت روحه منطلقة من الحس....