فأَجابَ يوحنَّا قالَ لَهم أَجمعين: ((أَنا أُعَمِّدُكم بِالماء، ولكِن يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار. 17بِيَدهِ الـمِذْرى، يُنَقِّي بَيدَرَه، فيَجمَعُ القَمحَ في أَهرائِه، وأَمَّا التِّبنُ فيُحرِقُه بِنارٍ لا تُطفأ)).
تشير عبارة "الـمِذْرى" إلى خشبة ذات أطراف كالأصابع (الرفش)، تُستعمل للتذرية لتُنقِّى بها الحنطة من التبن. ويُعلّق القديس أمبروسيوس "تكشف الإشارة إلى الـمِذْرى عن سلطان المسيح في تمييز عمل كل واحد". أمَّا عبارة "يُنَقِّي بَيدَرَه" فتشير إلى عملية الدينونة المستمرة خلال عصر الإنجيل، إذ يُفصل القمح من التبن بواسطة قبول الإنجيل أو رفضه. ويبلغ ذلك حد الكمال في اليوم الأخير. والروح هو الريح التي تذرِّي القمح (أشعيا 41: 15-16). أمَّا عبارة "فيَجمَعُ القَمحَ في أَهرائِه" فتشير إلى الحصاد، والحصاد هو صورة الدينونة الأخيرة التي ستجرى في آخر الأزمنة، لأنها ساعة فصل القمح عن الزؤان (يوئيل 4: 12-13). أمَّا عبارة "القَمحَ" فتشير إلى حَبّ ينمو في سنابل، ويُتَّخَذُ من دقيقِه الخبز، ويُسمى البُرّ والحِنْطة. والقمح يدلُّ هنا على الذين تابوا وقوَّموا حياتهم واصلحوها. ويُعلِّق القديس كيرلس "القمح هو رمز للأخيار الذين ثبَّتوا في إيمانهم ورسخوا في عقيدتهم". من يتوب ويؤمن فهو كبير في عيني الله، إذ يبدأ حياة جديدة من الخدمة المثمرة لله.