رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التأديب لا تقوم التربية على التعليم بل على التأديب. ويعترف صاحب المزامير بقيمة التأديب الإلهي: "في الليالي وعظتني كليتاي" (المزمور 16: 7)، ويعلن الحكيم: "طوبى للرجل الذي يؤاخذه الله فلا تنبذنّ تأديب القدير" (أيوب 5: 17). يذهب التأديب من التهديد إلى العقاب، ماراً بالتوبيخ. ويُبين هوشع الطابع التربوي في العقاب المرسل من قبل الرب كما يقول هوشع النبي " إِنِّي مُصَمِّمٌ على تَأديبِهم. وسيَجتَمعُ الشُّعوبُ علَيهم لِتَمَسُّكِهم بِذَنْبَهم. (هوشع 10: 10). من هذا المنطلق، للوالدين والمعلمين تجاه الأطفال سلطان تقره الشريعة "َكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ، لِكَي تَطولَ أَيَّامُكَ في الأَرضِ التَّي يُعطيكَ الرَّبُّ إِلهُك إيَاها"(خروج 20: 12)، ولذلك ينبغي السماع للأب والأم كما ينصح الحكيم "إِسمع لأًبيكَ الَّذي وَلَدَكَ ولا تستَهِنْ بِأُمِّكَ إِذا شاخَت" (أمثال 23: 22)، تفادياً للتعرض للعقاب الصارم لان "العَينُ المُستَهزِئَةُ بِالأَب والمستَخِفَّةُ بِطاعَةِ الأمِّ إِذا شاخَت تَفقأها غِربانُ الوادي وتَأكُلُها فِراخُ" (الأمثال 30: 17). فالأبناء المتمردون لا يقبلون الدرس، ويرفضون الخضوع للتعليم كما جاء في نبوءة ارميا النبي "هذه هي الأُمَّةُ الَّتي لم تَسمَعْ لِصَوتِ الرَّبِّ إِلهِها ولَم تقبَلِ التَّأديب. قد ذَهَبَت عَنهُمُ الأَمانَةُ وآنقَطعَت عن أَفْواهِهم" (ارميا 7: 28). "صَلَّبوا وُجوهَهم أَكثَرَ مِن الصَّخر" (إرميا 5: 3). عندئذ يتحول التأديب إلى عقاب، يضرب مباشرة وإِن "لم تَسمَعوا لي بَعدَ هذا زِدتُكم تأديباً على خَطاياكم سَبعَةَ أَضْعاف" (الأحبار 26: 18)، ولكن بقدر معتدل، وليس تحت طائلة الغضب الذي يقتل كما جاء في نبوءة إرميا “أدِّبْني يا رَبُّ ولكِن بِالحَقّ لا بِغَضَبِكَ لِئَلاَّ تُقَلِّلَ عَدَدي" (إرميا 10: 24)، فيمكن أن يتبع ذلك الاهتداء. وتنتهي ندامته بالتضرع: "أعدني فأعود، فإنك أنت الرب إلهي" (إرميا 31: 18). يذكر صاحب الرسالة إلى العبرانيين المسيحيين أهمية التأديب "فمِن أَجْلِ التَّأديبِ تتَألَّمون، وإِنَّ اللهَ يُعامِلُكم مُعامَلَةَ البَنين، وأَيُّ ابنٍ لا يُؤَدِّبُه أَبوه؟: "(عبرانِيين 12: 7-8). وعلى ذلك ينبغي أن نتوقع التأديب، إذا كنا فاترين (رؤيا 3: 9). والتأديب يعفينا من الإدانة بالهلاك كما جاء في تعليم بولس الرسول "إِنَّ الرَّبَّ يَدينُنا لِيُؤدِّبَنا فلا يُحكَمَ علَينا مع العالَم"(1 قورنتس 11: 32)، وبعد أن نتألم، تهبنا في النهاية الفرح "إنَّ كُلَّ تَأديبٍ لا يَبْدو في وَقتِه باعِثًا على الفَرَح، بل على الغَمّ. غَيرَ أَنَّه يَعودُ بَعدَ ذلِكَ على الَّذينَ رَوَّضَهم بِثَمَرِ البِرِّ وما فيه مِن سَلام"(عبرانيين 12: 11). وأخيراً، فإن يتوجب على المؤمنين أن يمارسوا عمل التأديب الأخوي، طبقاً لوصية الرب يسوع "إذا خَطِئَ أَخوكَ، فَاذهَبْ إِليهِ وَانفَرِدْ بِه ووَبِّخْهُ. فإِذا سَمِعَ لَكَ، فقَد رَبِحتَ أَخاك"(متى 18: 15)، ذلك ما كان يفعله بولس الرسول بقوة، موبخا ومُحذراً أولاده بلا انقطاع "أُريدُ أَن أَنصَحَكم نَصيحَتي لأَبنائِيَ الأَحِبَّاء" (1 قورنتس 4: 14). وما الوالدون بصدد تربية أبنائهم، إلاّ وكلاء عن الله المربي الواحد، ولا ينبغي أن يغيظوا أولادهم، بل يؤنبوهم ويؤدبوهم على غرار طريقة الله نفسه "وأَنتُم أَيُّها الآباء، لا تُغيظوا أَبناءَكم، بل رَبُّوهم بِتَأديبِ الرَّبِّ ونُصْحِه" (أفسس 6: 4). وهكذا إن التربية لن تكمل: إلاّ يوم تحفظ الشريعة في أعماق القلب: ولا يُعَلِّمُ بَعدُ كُلُّ واحِدٍ قَريبَه وكُلُّ واحِدٍ أَخاه قائِلاً: ((اِعرِفِ الرَّبّ))، لِأَنَّ جَميعَهم سيَعرِفوَنني مِن صَغيرِهم إلى كبيرِهم" (إرميا 31: 34). |
|