رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا، فَسَلَّمَت على أَليصابات تشير عبارة "دَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا" إلى دخول مريم إلى بيت زكريا بعد اجتيازها المناطق الجبلية، مثلما أُدخل بيت عُوْبِيد أدُوم تابوت العهد بعد اجتيازه المناطق الجبلية (2 صموئيل 6: 10). إن رسالة يسوع، الكلمة المتجسد في مريم قد انطلقت منها. وهكذا أصبحت مريم هي أول المُبشّرين بالمسيح، إنها الحاملة الأولى للبشرى السعيدة " ما أَجمَلَ على الجِبالِ قَدَمَيِ المُبَشِّر المُخبِرِ بِالسَّلامِ المُبَشِّرِ بِالخَير المُخبِرِ بِالخَلاص "(أشعيا 52: 7). تحمل مريم إلى اليهودية السلام والسعادة والخلاص. ويُعلق القديس أمبروسيوس "من كان أرفع منزِلة يزور الأقل؛ مريم ذهبت إلى أليصابات وذلك بحسب المنطق الإلهي الكبير الذي يطلب الصغير ويبحث عنه كما جاء في تشيد زكريا، أبو يوحنا " تَبارَكَ الرَّبُّ إِلهُ إِسرائيل لأَنَّهُ افتَقَدَ شَعبَه وَافتَداه إلهُ إسرائيل" (لوقا 68:1). زيارة مريم لأليصَابات تعطي نموذجًا لما يجب أن تكون عليه زياراتنا. أمَّا اسم " زَكَرِيَّا" في الأصل اليوناني Ζαχαρίας مشتق من العبرية: זכריה (معناه "ذكره الله" أو "مذكور الله") فيشير إلى زوج اليصابات. وهو كاهن من فرقة أبيا (لوقا 1: 5)، هو أبو يوحنا المعمدان. وقد ذكرت صفاته وصفات امرأته بأبسط العبارات وأتمها وضوحاً، وكانا كلاهما ورعين بارين سالكين في جميع وصايا الرب وباذلين وسعهما ليحصلا على نعمة الروح القدس (لوقا 1: 6). أما مولد يوحنا فأعلن بطريقة عجيبة خارقة للعادة. فلم يصدق زكريا بل شك وطلب علامة غير اعتيادية دفعاً لما في نفسه من الريبة فكانت آيته أن فَقَدَ قوة النطق وبقي صامتاً إلى اليوم الثامن بعد ميلاد الصبي إذ دعاه يوحنا حسب قول الملاك له، وفي الحال انطلق لسانه وعاودته قوة النطق. فأخذ يشكر الله ويحمده مملوء ًمن الروح القدس ومسبحاً الرب بنشيد أشبه بالتسابيح العبرانية القديمة (لوقا 1: 57-80). ورد اسمه أيضا في القرآن " يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (سورة مريم 7). أما عبارة " فَسَلَّمَت " في الأصل اليوناني ἠσπάσατο (معناها حيّت) فتشير إلى تحية سلام وتُترجم بمعنى الفرح. وبهذا السلام هنأت مريم أليصابات بما يُرفع العار عنها لأنها كانت عاقر، لأنه في المجتمع اليهودي في ذلك الوقت كانت تقاس قيمة المرأة بمقدار قدرتها على إنجاب الأطفال، وكان التقدم في السن بدون إنجاب غالباً ما يؤدي إلى مشكلات شخصية ويعتبر عاراً اجتماعيا. وتذكرنا هذه العبارة بقول الرب يسوع لتلاميذه "وإِذا دَخَلتُمُ البَيتَ فَسَلِّموا علَيه" (متى12:10). إن كتاب العهد الجديد هو كتاب السلام حيث تكرَّرت كلمة سلام 88 مرّة فيه. فإذا ما كنا في نعمة، فلا نتعال، ولا ننظر إلى الآخرين من علُ. أمَّا عبارة "اليصابات" (صيغة يونانية Ἐλισάβετ مشتقة من لفظة عبرية אֱלִישֶׁבַע " اليشبع" أي "الله يُقْسِم" أو "يمين الله) فيشير إلى اسم امرأة تقية بارة من سبط لاوي ومن بيت هارون مما يلمّح أنها جاءت من عائلة كهنوتية مقدسة (خروج 6: 23)، وهي زوجة زكريا وأم يوحنا المعمدان الذي ولدته بعد أن كانت متقدِّمة في السن، وأشار زكريا لمعنى اسم زوجته عندما قال:" القَسَمَ الَّذي أَقسَمَه لأَبينا إِبراهيم " (لوقا 1: 73). وكانت أليصابات من أقرباء مريم العذراء، وقد أوحى إليها الروح القدس بأمومة العذراء بالمسيح المنتظر، فدعت مريم "أُمُّ رَبِّي" (لوقا 1: 43)، وهي لم تُبدِ شكوكا في قدرة الله على إتمام وعده. فكانت أول امرأة بعد مريم العذراء تعترف بمجيء المخلص من مريم العذراء. وكانت اليصابات تمثّل العهد القديم، في حين مريم تمثل العهد الجديد التي سمعت كلمة الله وأمنت بها، وقبلتها في قلبها وحملتها إلى الآخرين. كيف يُمكن للرب يسوع أن يذهب إلى بيت زكريا في عين كارم إذا لم تجلبه أمه إلى هناك؟ |
|