دور الحكمة في حياة آدم
هي التي سهِرت على أول من جُبِل أبي العالم،
بعد أن خُلق وحيدًا،
وأنقذته من زلته. [1]
من الصعب أن ندرك دور الحكمة الإلهية في حماية آدم وهو في جنة عدن، لكن إعطاء آدم الأسماء للحيوانات لأول مرة دون تمتعه بخبرات لأسلافٍ له (تك 2: 18-20) يحتاج إلى حكمة عظيمة وسلطان. هذا وعندما سقط آدم بسبب عصيانه، لم يتخلَّ الله عنه بل تبنى قضيته، وقدمت له حكمة الله طريق الخلاص.
* حينما تعدى آدم وصية الله، وأطاع الحية الخبيثة، صار مُباعًا أو باع نفسه للشيطان، فاكتست النفس - تلك الخليقة الحسيّة التي صورّها الله على صورته الخاصة - اكتست بنفس الشرير مثل رداء. لذلك يقول الرسول: "إذ جرَّد الرئاسات والسلاطين، ظفر بهم في الصليب" (كو 2: 15)، وهذا هو الغرض الذي من أجله الرب أتى (إلى العالم)، لكي ما يطرحهم خارجًا ويسترجع بيته وهيكله، أي الإنسان(415).
القديس مقاريوس الكبير
* حل آدم رئيس المسبيين من رباطه، لأن المخلص سمع صوت الأسير، فنزل وأنقذه من تحت الأرض، لكي يصعده إلى علو السماء(416).
القديس يعقوب السروجي
أما كونه "وحيدًا"، فربما تعني أنه الوحيد الذي خلقه لله من التراب ونفخ فيه نسمة حياة، أما حواء فجاءت من جنبه، وأبناؤهما ولدوا منهما. ولعلها تعني أنه فريد، أُعطى سلطانًا على جميع الخلائق (تك 1: 26-28؛ حك 9: 2-3).: يرى البعض أن آدم حين كان وحيدًا، قبل خلقة حواء التي قامت بدورها في تجربته.
وأعطته قُوة ليتسلط على كل شيءٍ. [2]
يتطلع القديس غريغوريوس النيسي إلى الإنسان ككائنٍ فريدٍ، موضع حب الله الفائق، الذي خلقه دون غيره على صورته ومثاله. أقامه ملكًا... لذا لم يجبله إلا بعد خلقة العالم كله بكونه قصرًا ملوكيًا للملك المحبوب، الإنسان! خلقه ليشهد له بمشاركته صلاحه، فيحمل شركة السِّمات الإلهية، خاصة الحب والقداسة... كما أعطاه سلطانًا. وعندما سقط بإرادته، واختار الشر الذي ليس من صنع الله بل غياب للفضيلة لم يتركه، بل جاء الكلمة الإلهي متجسدًا ليرد إليه صورته الأولى، ويدخل به إلى البنوة لله، ويعيد إليه حالته الفردوسية... إنه غاية عمل الله الخلاصي.
* كل العالم متقن حسنًا وهو ينتظر الإنسان، اصدري أمرك أيتها القدرة العاملة ليأتي ويستولي على مُلكه.
* وضع فوق رأسه خصلة الشعر كالتاج، ليكون معروفا من قِبل براياه بأنه ملك.
* وقف (آدم) صورة [الابن] وحده، وهو مليء جمالًا، فخافت البرايا من الصورة وأطاعتها،
ظهر شبه الابن في الوارث الذي تكوّن، فخضعت له الأعالي والأعماق وكل البرايا،
المسيح الجديد؛آدم الذي صار صورة للابن وقف في العالم، وكل العالم ركع وسجد له.
اشتاق النور إليه، لأن صورة النور كانت مصورة على وجهه، وفرحت السماء وأسرع نورها لخدمته،
ابتهج به البحر فهيأ أسماكه ليقدمها له، وسُرّت الأرض وركعت وسجدت مع أشجارها،
الشمس والقمر قدّما له أشعتهما، وبشروقهما كان يجملان للسيد الجديد،
الزحافات الجديدة وما في المياه، والطير الطائر في الهواء، كانت تسجد له أزواجًا أزواجًا، وتتباهى به،
كل البهائم والحيوانات والأجناس التي صارت، أحنت الكتف ليضع النير على رقابها،
أتت المقتنيات أمام القاني جوقات جوقات، وجماعات جماعات، وأفواجًا أفواجًا، وأزواجًا أزواجًا،
أتت ساجدة، وممتلئة أمانًا ومحبة، ورأس الحيوانات المفترسة منحن لتخضع له،
صُورت على آدم صورة اللاهوت العظمى، وحالما رآه العالم خضع له كله،
كل أجناس البهائم والحيوانات تقدمت، وسجدت له فألقى طابعه على مقتنياته.
القديس يعقوب السروجي