لماذا يهتم الله بالأجساد ويمنحها القيامة من الموت؟
أهنئكم يا أخوتي الأحباء بعيد القيامة المجيد، راجيًا لكم فيه ولبلادنا العزيزة كل خير وبركة.
وفى مناسبة عيد القيامة، نود أن يكون لنا تأمل روحي في القيامة، حتى نَسْتَشِف ما تحوي من معان عميقة..
المعروف أن القيامة هي قيامة الجسد، لأن الروح عنصر حي لا يموت. فلماذا اهتم الخالق العظيم بقيامة الأجساد، على الرغم من صعوبة عملية قيامة الأجساد؟
هذه الأجساد التي ماتت وتحللت وامتصت الأرض كثيرًا من عناصرها، وأكل الدود ما أكله منها، وتحول الباقي إلى تراب، حسب قول الرب لأبينا آدم بعد أن أخطأ "لأنك تراب وإلى التراب تعود" (تك 3: 19). وكما قيل في سفر الجامعة عن الموت "يرجع التراب إلى الأرض كما كان. وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جا 12: 7). والأصعب من هذا أن بعض الأجساد قد حُرِقَت، والبعض افترسته حيوانات، والبعض دخل في تركيبات أخرى متعددة.
إذن معجزة إعادة الأجساد إلى وضعها الأول هي معجزة خارقة للطبيعة ليس من السهل فهمها يضاف إليها مناداة الأرواح من مستقرها، لتتعرف على أجسادها وتتحد بها، فتعود إليها الحياة...
فقيام الله -جل اسمه- بهذه المعجزة الجبارة التي تشمل ملايين الملايين من الأجساد من أيام أبينا آدم حتى يوم القيامة.. لابد وراء هدف إلهي في الاهتمام بهذه الأجساد، ليكون لها وجود واستمرارية في العالم الآخر..
فهل تستحق الأجساد من الله كل هذا الاهتمام؟ ولماذا؟
أما كان ممكنًا أن تبقى الأرواح وحدها في العالم الآخر، بينما تترك الأجساد للفناء؟! وتكون السماء للأرواح فقط ملائكة وبشرًا! ولا داعي لتلك المعجزة الصعبة في أقامة الأجساد!!
ولكن الروح وحدها لا تكون إنسانًا. فالإنسان مركب من روح وجسد. ولابد أن يقوم كله، ويقف أمام الديان العادل لينال حسابه وجزاءه حسبما فعل وهو في الجسد خيرًا كان أم شرًا" (2كو 5: 10).