12 - 05 - 2012, 12:08 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
الذات "الأنا" EGO (جـ)
الاثنين 19 مارس 2012
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
ما أسباب الشعور بالذات؟
وما جمهرة الخطايا التي تتبعها؟
هناك أسباب عديدة في محاربة الإنسان بالذات:
منها المواهب,كالفن مثلا بكافة أنواعه وبخاصة من وصلوا إلي درجة عالية في هذا الشأن,ومن أمثلة ذلك أن أحد الفنانين العباقرة في إيطاليا
ما أسباب الشعور بالذات؟
وما جمهرة الخطايا التي تتبعها؟
هناك أسباب عديدة في محاربة الإنسان بالذات:
منها المواهب,كالفن مثلا بكافة أنواعه وبخاصة من وصلوا إلي درجة عالية في هذا الشأن,ومن أمثلة ذلك أن أحد الفنانين العباقرة في إيطاليا,أرسل إليه أحد المعجبين خطابا ولم يكتب اسم الفنان علي الظرف واكتفي بعبارةإلي أعظم فناني إيطاليافأوصلوا الخطاب إلي هذا الفنان ولكنه لم يستلمه قائلا:إنه ليس لي لو كان مرسله يقصدني لكتبإلي أعظم فنان في العالم..!!
إنها المواهب التي يستخدمها البعض ليس فقط في الشعور,بالذات وعظمتها إنها قد تصل إلي الغرور أيضا..
غير أننا نقول إنه فليس كل أصحاب المواهب محاربين بالشعور بالذات فما أجمل أن يجمع البعض بين الواجب والاتضاع.
مثال ذلك بولس الرسول الذي كانت له مواهب عديدة جدا ولكنه مع ذلك كان يقول:أنا من أنا؟!ولكنها نعمة الله العاملة معي1كو15:10.
كذلك نذكر القديسين الذين كانت لهم مواهب فائقة للطبيعة مثل إقامة الموتي أو صنع باقي المعجزات ولم يفقدوا تواضعهم ولم يقل واحد منهم كلمة أنا.
يضاف إلي المواهب في المحاربة بالذات,باقي المقدرات.
كأن تكون لأحد الأشخاص مقدرة في أمر من الأمور لاتتوافر لغيره أو يصل إلي درجة البطولة في رياضة ما,أو إلي درجة النبوغ في علم من العلوم ويصل في كل ذلك إلي مستوي مذهل وهذا التفوق وهذه المقدرة قد تكون سببا في الشعور بالذات.
وقد يتسبب الشعور بالذات من جهة الأصل أو الغني أو المركز:
كالشخص الذي من أصل رفيع,من أسرة نبيلة لها أمجادها في التاريخ فيتباهي بهذا الأصل ويشعر أنه يتميز به علي غيره..
وبنفس الأسلوب قد يشعر الإنسان بذاته عن طريق الغني,إن وصل فيه إلي درجة يستطيع بها أن يظهر في المجتمع وأن يفعل بالمال ما يريد ,وأن يكسب به أصحابا وأتباعا ومريدين..
وأيضا قد يشعر الشخص بذاته عن طريق مركزه إن علا هذا المركز وجلب له سلطة واحتراما ونفوذا فشعوره بعلو مركزه يسبب له شعورا بالذات,التي يمكنها أن تأمر وغيرها يطيع...
وقد يشعر الإنسان بذاته,بسبب الذكاء وبسبب النجاح.
يشعر الإنسان بذاته إن كان يفهم مالا يفهمه الغير,ويستطيع أن يستنتج مالا يقدرون علي استتناجه ويمكنه أن يجد حلولا لمشكلات يعجزون أمامها ويكون لماحا وسريع البديهة بينما يقف غيره حيري لايدركون فيشعر في كل هذا أنه في مستوي أعلي بكثير من غيره.
كذلك النجاح يعطي شعورا بالذات وبخاصة إن كان نجاحا مستمرا كل ما يصنعه ينجح فيهمز1...وطبعا ليس جميع الناس هكذا فيوسف الصديق كان ناجحا في كل شيءتك39ولم يحارب بالذات , بل كان الله هو الذي ينجحه في كل ما يفعله.
كذلك قد يكون سبب الشعور بالذات,هو القوة عند الرجل,والجمال عند المرأة...
داود كان يشعر بقوته حينما هدد نابال الكرملي أنه لن يبقي له إلي الصباح بائلا بحائط1صم25وهكذا نري أن الشعور بالذات بسبب القوة,قد يقود أحيانا إلي الانتقام...
أيضا شمشون الجبار,ألم يكن يشعر بذاته بسبب قوته..؟
وكذلك دليلة,ألم تكن تشعر بذاتها بسبب جمالها,الذي جعلها تسيطر علي هذا الجبار وتغريه أن يبوح لها بسر قوته..!
يمكن أيضا أن يشعر الإنسان بذاته بسبب مديح الناس له.
وقع في هذا الفخ هيرودس الملك,حينما قال له الشعب المتملق ليس هذا صوت إنسان بل هذا صوت إلهأع12فضربه ملاك الرب فأكله الدود ومات,لأنه لم يعط مجدا لله...أع12:23.
وربما بمديح الناس المستمر قد يشعر الإنسان إن ذاته معصومة وأنه فوق مستوي الوقوع في الخطأ ويكون باستمرار بارا في عيني نفسهوحكيما في عيني نفسه,وهذا مرض من أمراض الشعور بالذات.
تفاديا لهذا الشعور بالذات,كان الله يسمح لبعض القديسين بضعفات:
وهكذا نري أن القديس العظيم بولس الرسول استحق أن يختطف إلي السماء الثالثة إلي الفردوس ويسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها2كو12:4..نراه يقول:ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع2كو12:7وبقيت معه هذه الشوكة,علي الرغم من أنه تضرع ثلاث مرات متفارقة!!
ولأنه لاقي تمجيدا كثيرا من الناس نراه يقول-للموازنة مع الذات-بمجد وهوان وبصيت حسن وصيت رديد2كو6:8.
وهكذا دخل هذا القديس العظيم في تجربة الهوان والصيت الرديء حتي لايشعر بذاته في خدمته هو وأصحابه في الخدمة..
مثال آخر غير القديس بولس الرسول,هو يعقوب أبو الآباء:
لقد نال البركة والبكوية.وقيل له:كن سيدا لإخوتك,وليسجد لك بنو أمكتك27نال البركة من أبيه إسحق والبركة والمواعيد من الله نفسهتك28وجاهد مع الله والناس وغلب تك32وأخذ من الله اسما جديدا..
ومع ذلك كان لابد من توازن, حتي لايقع في الشعور بالذات فسمح الله أن يظل يعقوب خائفا ومرعوبا من أخيه عيسو وسمح أن يخدعه خاله لابان أكثر من مرة,بل أن يخدعه بنوه أيضا في أن يوسف قد قتله وحش رديء وأن يسبب له بنوه مشكلة مع شعوب الأرض في قتلهم شكيم وأهله.. وسمح له بضيقات كثيرة حتي قال لفرعونأيام غربتي علي الأرض قليلة وردية.
ولما باركه الرب وجاهد مع الله والناس وغلب,ضربه الله علي حق فخده فصار يخمع عليه كل أيامه حتي يشعر بضعفه فلا يرتفع...
أبونا إبراهيم أبو الآباء والأنبياء عامله الله بنفس التوازن.
فعلي الرغم من أنه كان من أعظم رجال الإيمان وبالإيمان ذهب ليقدم ابنه محرقة للهتك22وفي طاعته لله أيضا ترك أهله وعشيرته وبيت أبيه ومضي وهو لايعلم إلي أين يذهبتك12ومع أنه نال من الله مواعيد عظيمة وقال لهأباركك وأبارك مباركيك وتكون بركة...وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرضتك12
إلا أن الله استبقي عند إبراهيم ضعفا وهو الخوف .
فخاف عندما نزل إلي مصر وقال عن سارة إنها أخته حتي لايقتلوه بسببها وخاف نفس الخوف حينما نزل إلي جرار وقال عن سارة أيضا إنها أخته فأخذها أبيمالك الملك..وأنقذها الله منه.وهذا الخوف كان نافعا لأبينا إبراهيم حتي لايشعر بذاته هذا الذي انتصر في حرب الملوك,وأنقذ لوط وسبي سادومتك14.
نفس الوضع أيضا مع القديس بطرس الرسول.
هذا الذي طوبه الرب حينما قال:أنت هو المسيح ابن الله الحيمت16:16-19.بطرس الذي وصل به الشعور بالذات إلي الحد الذي شعر فيه بأنه أقوي من جميع التلاميذ في محبة الرب والإخلاص له قائلا له:إن شك فيك الجميع,فأنا لا أشك أبدامت26:33,مر14:29يارب أني مستعد حتي إلي السجن وإلي الموتلو22:33.
بطرس هذا سمح له الله بالتجربة التي أنكره فيها ثلاث مرات.. وهكذاخرج خارجا وبكي بكاء مرامت26:75..وبعد القيامة أخرجه الرب أيضا من دائرة الشعور بالذات وناداه باسمه العلماني ثلاث مرات قائلا له:يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء؟!يو21:15-17فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة أتحبني؟يو21:17أما عبارةأكثر من هؤلاءفلكي يذكره بقوله:إن شك فيك الجميع,فأنا لا أشكوقد ظل إنكار بطرس منخاسا في قلبه كلما حاربه العدو بالأنا والشعور بالذات حتي ساعة صلبه طلب أن يصلب منكسا...
هذا التوازن بين الشعور بالذات وواجبات الاتضاع أقامه الله أيضا في حياة سليمان الحكيم.
سليمان الذي اختاره الله لنفسه ليبني هيكله والذي ظهر له مرتين إحداهما في جبعون والأخري في أورشليم والذي منحه حكمة من عنده حتي لم يكن مثله في حكمته في الأرض كلها, وحتي أتت ملكة سبأ من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهو أيضا الذي منحه الرب جلالا ملوكيا لم يكن لأحد مثله1مل3-8.
سليمان هذا الذي نال من الغني ومتعة العالم مالم ينله ملك من قبل والذي قال:فعظمت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليموالذي غرس لنفسه فراديس وجنات والذيأتخذ لنفسه مغنين ومغنيات..وكل تنعمات البشر سيدة وسيدات؟وقال في ذلك كلهومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهماجا2.
سليمان العظيم هذا سمح له الله بنقطة ضعف وهي محبته للنساء وخضوعه لتأثيرهن فأفقدته حكمته وكماله..
هذا السماح كان بتخلي النعمة عنه قليلا بسبب اندماجه في متعة الجسد وهكذا قيل عنهوكان في أيام شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري ولم يعد قلبه كاملا أمام الله مثل داود أبيه...1مل11واستحق سليمان عقوبة من الله غير أنه استفاد من تأديب الله له وتاب.
فليخف كل إنسان من الشعور بالذات وليتذكر قول الربمن أراد أن يتبعني فلينكر ذاته...
بقي الجزء الثاني من هذا المقال,وهو ما حمي جمرة الخطايا التي تتبعالأناوالشعور بالذات؟
فلنترك هذاإلي العدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا..
|