الإيمان بمواعيد الله التي لا تُرى
وقد حسب من رجال الإيمان أولئك الذين "لم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها، وأقروا بأنهم نزلاء وغرباء على الأرض" (عب 11: 3). وهؤلاء نظروا بالإيمان، صدقوا ما قيل لهم من قبل الرب.. ومن هذه المواعيد "ما أعده الله للذين يحبونه "وكلها من الأمور التي لا ترى، إذ قال عنها الرسول "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر "(1 كو 2: 9). ومن الأمور التي لا ترى، إنذارات الله.
لقد آمن نوح بكلام الرب أنه سيحدث طوفان، مع أن كلمة (طوفان) هذه، كانت جديدة على سمعه وعلى معرفته. ولم يحدث طوفان من قبل في أيامه، ولا في أيام سابقيه. ولكنه آمن بحدوث هذا الشيء الذي لم يره أحد من قبل. وظل سنوات يعمل في بناء الفلك، محتملًا استهزاء الناس به وبفلكه وتهكمهم.. وكانت سنوات من الإيمان. ولذلك أعتبر أبونا نوح من رجال الإيمان لأنه صدق إنذار الله بالطوفان. وبالإيمان رأى هذا الطوفان قائمًا قبل أن يكون ولذلك دخل الفلك هو وبنوه ونساؤهم. وكما قال معلمنا القديس بولس الرسول "بالإيمان نوح، لما أوحي إليه عن أمور لم تر بعد، خاف فبني فلكًا لخلاص بيته.." (عب 11: 7). بينما معاصروه لم يصدقوا إنذار الله، ولم يؤمنوا بصدق كلام الله فهلكوا.. ونفس الوضع نقوله عن أبينا لوط وأهل سدوم. هو صدق إنذار الله قبل أن يحدث. مع أنها كانت المرة الأولى التي تنزل فيها نار من السماء كما كانت المرة الأولى التي يحدث فيها طوفان في أيام نوح. وهوذا إنذارات الله الخاصة بالأبدية وبالدينونة قائمة أمامنا، ومع ذلك فالناس مازالوا في شرورهم وأخطائهم، كأن الله لم يقل شيئًا.. لا مخافة الله في قلوبهم، ولا خشية الأبدية، ولا حرصًا، ولا توبة.. تحدثنا عن الله وعن صفاته وعمله، وعن مواعيده وإنذاراته، ضمن الأمور التي لا ترى. ونضيف على ذلك: سُكْنَى الروح وعمله فينا.