رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القس بيشوي فايق
- لماذا لا يستجيب الله أحيانًا لطلبات البشر من المرضى والمتضايقين، مع أنه قد وعد بالاستجابة وهو صالح ورحوم ومحب للبشر؟ وهل عندما يصلي الإنسان يُغَيّر المشيئة الإلهية، وإن كانت المشيئة الإلهية لا تتغير أبدًا فلماذا نصلي إذًا؟ الإجابة: يحتاج الإنسان طوال حياته لمن يعين ضعفه، ومن يسدد احتياجاته التي لا تنتهي. إن الإنسان الحكيم هو الذي يؤمن، ويثق في حب الله وكثرة صلاحه، لذلك يتكل على الله، الذي يعطي دائمًا بسخاء، كقول الكتاب: "وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ" (يع1: 5). ولكن استجابة الله صلوات وطلبات البشر تعتمد على عوامل بشرية، وأيضًا على حكمة الله وصلاحه، فيما يلي نشرح ذلك تفصيلًا: أولًا: عوامل بشرية تؤثر على مدى استجابة طلبات وصلوات البشر * الثقة والإيمان بالله إن الثقة بالله شرط أساسي لاستجابة الصلاة، وذلك كقول ربنا يسوع المسيح: "إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ" (مر9: 23). لقد آمن إشعياء النبي بقدرة الله العظيمة، وشهد بذلك قائلًا: "ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ." (إش40: 26). * الاتضاع شرط استجابة الصلاة يستجيب الله طلبات وصلوات المتضعين، ويقيمهم من ضعفهم، بل يصنع بهم عظائم كقول كُلية الطهر العذراء مريم والدة الإله: "لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ" (لو1: 49). أما المستكبرين فيقاومهم الله، وبالطبع لا يستجيب طلباتهم كقوله: "... يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً" (يع4: 6). إن الإنسان الحكيم يعرف ضعفه، ويثق في الله وفي حكمته وصلاحه أكثر مما يثق في قدرته وحكمته الشخصية كقول الكتاب: "وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ..." (أف3: 20). * الله لا يستجيب طلبات الأشرار إن صلاة الأشرار مكرهة الرب. لقد أكد الوحي الإلهي أن ذبائح الأشرار وصلواتهم مكروهة لدى الرب، وطلباتهم أيضًا مرفوضة قائلًا: "ذَبِيحَةُ الأَشْرَارِ مَكْرَهَةُ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الْمُسْتَقِيمِينَ مَرْضَاتُهُ. مَكْرَهَةُ الرَّبِّ طَرِيقُ الشِّرِّيرِ، وَتَابعُ الْبِرِّ يُحِبُّهُ" (أم15: 8- 9). حقًا إنه لا يوجد من يقدر أن يدعي أنه بلا خطية، وحقًا أيضًا أن الله يُقَدَّر ضعفنا، وأنه يستجيب للتائبين للمعترفين بخطاياهم السالكين في طريق الاستقامة والبر كقول الكتاب: "اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا" (يع5: 16). أما إن أصر الإنسان على فعل الشر فلن يُستجاب له كقول المرنم في المزمور: "إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرب" (مز66: 18). ومعنى كلمة راعيت هنا هي: أنه أحب الشر، ولم يتب عنه، بل تركه ينمو في قلبه. * أعمال المحبة والرحمة تحنن قلب الله لقد استجاب الله لصلوات كرنيليوس قائد المئة الأممي، الذي اشتهر بالعطاء وصنع الرحمة، فأرسل له ملاكًا يبشره قائلًا: "فَرَأَى... مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلًا إِلَيْهِ وَقَائِلًا لَهُ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ! فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْه وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ: مَاذَا يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لَهُ: صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ الله" (أع10: 3- 4). وأيضًا أقام بطرس الرسول من الأموات امرأة اسمها غزالة، لأنها كانت تعمل إحسانات كثيرة للفقراء، وقد وصفها الوحي الإلهي بقوله: "وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالًا صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا" (أع9: 36). * الإخلاص والأمانة شرط استجابة الصلوات لقد أوصى معلمنا القديس بطرس الرسول الرجال بمعاملة زوجاتهم معاملة حسنة، مبينًا سبب عدم استجابة الله لصلوات غير الأمناء منهم قائلًا: "كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أَيْضًا مَعَكُمْ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ لاَ تُعَاقَ صَلَوَاتُكُمْ" (1بط3: 7). ← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف. ثانيًا: استجابة الله لطلباتنا تعتمد على طبيعة الله الصالحة تعتمد استجابة الله لصلواتنا على طبيعته الصالحة التي تتسم بالقداسة والحكمة والصلاح والمحبة..، في النقاط التالية نعرض كيف تتحكم طبيعة الله الصالحة في استجابته لطلبات وصلوات البشر: |
|