![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القس بيشوي فايق
- أوصى الرسول بولس المتزوجون من أهل كورنثوس في الإصحاح السابع من رسالته الأولى لهم قائلًا: "فأوصيهم لا أنا بل الرب" (عدد 10)، ثم عاد وقال في العدد 12: "فأقول لهم أنا لا الرب". ثم عاد في العدد 25 من نفس الإصحاح ليعطي رأيًا للعذارى واصفًا هذا الرأي بأنه ليس أمر الرب، ويختتم الرسول الإصحاح في العدد 39، والعدد 40 بنصحه للأرامل موضحًا أن نصحه هذا قد جاء على سبيل الرأي. ولكنه عاد ليؤكد أنه أيضًا عنده روح الرب. هل معلمنا بولس الرسول يبدي أرائه الشخصية، أم يتكلم بوحي إلهي، وإن كان الرسول يتكلم بوحي إلهي فلماذا هذا التردد في القول مرة "أنا لا الرب" ومرة أخرى "لا أنا بل الرب"؟ هل معلمنا بولس الرسول يبدي أرائه الشخصية، أم يتكلم بوحي إلهي، وإن كان الرسول يتكلم بوحي إلهي فلماذا هذا التردد في القول مرة "أنا لا الرب" ومرة أخرى "لا أنا بل الرب"؟ الإجابة: نطق الرسول العظيم بولس مسوقًا بالروح بكل ما جاء في رسالته إلى أهل كورنثوس، وقد وجه الرسول حديثه لأربعة فئات من أهل كورنثوس هم: الفئة الأولى، المتزوجون المؤمنون وقد أكد لهم ضرورة الالتزام بوصية الرب يسوع المسيح القائلة: "بعدم الطلاق لكل سبب"، والتي وردت في بشارة القديس متى، ولهذا قال لهم في العدد العاشر: "فأوصيهم لا أنا بل الرب". الفئة الثانية، مَن آمن مِن المتزوجين دون إيمان شريكه في الزيجة وقد أكد لهم الرسول أن استمرارهم في حياتهم الزوجية ليس محرمًا (ليس زنا) كما ظن البعض، وترك لهم وصية ملزمة، وأمر إلهي بعدم مفارقة شريك الزيجة، ولهذا قال لهم: "فأقول لهم أنا لا الرب"، وذلك ليبين لهم أن هذه الوصية جديدة غير وصية الرب التي تأمر بالطلاق في حالة الزنا، لأن حياة المؤمن مع غير المؤمن في هذه الحالة تكون مقدسة كقول الرسول: "لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ. وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ، وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ" (1كو7: 14). الفئة الثالثة، هم مَن لم يتزوج بعد من الرجال والنساء وهؤلاء أعطاهم الرسول مشورة أو رأيًا إلهيًا غير ملزم، ومع أن ما قاله الرسول غير ملزم لكنه نافع جدًا لمن سيحيا به، لأن رأي القديس موحى به من الله؛ إله المشورة والرأي السديد كقول الكتاب: "لِي الْمَشُورَةُ وَالرَّأْيُ. أَنَا الْفَهْمُ. لِي الْقُدْرَةُ" (أم8: 14). الفئة الرابعة، هم الأرامل وقد قدم لهم الرسول نفس النصيحة السابقة الخاصة بالعذارى. فيما يلي نشرح ذلك تفصيلًا من خلال النقاط التالية: أولًا: الوحي الإلهي في المسيحية لفظة "موحى به" مستمد من استنشاق أو تنفس الهواء، فهو يعني: أنه متنفس به من الله، ولذا يسمى الوحي الإلهي بأنفاس الله أي مستمد من الله كقول الكتاب: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2تي3: 16). وقد جاءت الكلمة في الترجمة الإنجليزية inspired وهي تخص تنفس الكائنات الحية. هو إعلان الله لبني البشر، وقد يأتي هذا الوحي بصورة مباشرة ككلام الله لشعب إسرائيل من فوق جبل سيناء، أو أقواله التي نقلها لشعبه بعدما أخبر بها موسى النبي أو غيره من أنبياء، أو أوحى بها لأنبيائه في أحلام أو رؤى، أو بأي طريقة روحية أخرى قد لا ندركها، ولكن روح الله يفتح ذهن الكاتب أو النبي أو الرسول، ويرشده ويساعده على انتقاء الألفاظ من أول حرف وحتى أخر حرف في رسالته. إن الوحي الإلهي يختلف عن إلهام الموهوبين، لأن الموهوبين يعبرون عن فكر وآراء بشرية، أما الوحي الإلهي فهو يعبر عن إعلان إلهي خالص كقول الكتاب: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 21). ثانيًا: معلمنا بولس الرسول والوحي الإلهي أكد معلمنا بولس الرسول أن تعليمه وكرازته كانت بوحي وقوة روح الله القدوس، وليست بحكم أو إلهام بشري أو فلسفة بشرية قائلًا: "وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ" (1كو2: 4- 5). وقد أكد معلمنا بولس العظيم بأنه رسول يسوع المسيح، الذي يشهد بما رآه وسمعه وعرفه قائلًا: "أَلَسْتُ أَنَا رَسُولًا؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرًّا؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي الرَّبِّ؟ إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولًا إِلَى آخَرِينَ، فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ! لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي فِي الرَّبِّ" (1كو9: 1- 2). لقد أرسله الرب ليشهد له، وليس ليبدي رأيًا خاصًا به، كقول الرب له عندما ظهر له، وهو في طريقه لدمشق: "وَلكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ" (أع26: 16). لقد عاين الرسول العظيم الكثير من الإعلانات والرؤى السماوية، التي تؤهله للخدمة كرسول وشاهد لله كقوله: "إِنَّهُ لاَ يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ فَإِنِّي آتِي إِلَى مَنَاظِرِ الرَّبِّ وَإِعْلاَنَاتِهِ. أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ" (2كو12: 1- 2). إن الرسول العظيم بولس هو أحد رجال الله القديسين كإشعياء النبي وإرميا وغيرهم.. وقد هيئه الله وأيده بروحه القدوس، بل أفرزه من بطن أمه ليكرز ويكتب بأقوال الله المقدسة كقوله: "وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا" (غل1: 15- 16). ← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف. ثالثًا: العدد العاشر يتكل |
|