“الشّداي”، أي القويّ، ارتضى أن يتجلّى لا صورة له ولا جمال!. لا بدّ، والحال هذه، من أن تجدك على صعيدين في آن معًا، متى نقصتَ في الواحد منظورًا زدتَ في الآخر غير منظور؛ تهان في الأوّل وتُكرم في الثّاني؛ تنشدّ، هنا، إلى تحت فتأتيك المحصَّلةُ انشدادًا إلى فوق!. ما تلتقيه العين جرحًا يلقاه القلب برءًا!. ما يقع عليك ظلمًا يبرِّرك، وما يلقيك في الشّقاء تلقاه سؤددًا!. أنت، يا صاح، في غمرة العشق!. هذه لغة المحبوبيّة!. صليب المحبّة هنا بديهة وإلاّ لا تُحِب!. فإن اقتبلتَ الصّليب، تعبًا وبذلاً وتضحية ودمًا من أجل الحبيب، لم تمت، محبّتك إيّاه تقيمك إليه، تتحدك به، تجعلك منه، تُدخلك أبديّته، تشركك في حياته!. أما علمت أنّ المسيح قام في اللّحم والدّم ليكون لك، إذا ما اغترفتَه عشقًا، قيامةً في لحمك ودمك؟!.
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسيّ، دوما – لبنان