رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القس بيشوي فايق
- كُتبَ سفر نشيد الأنشاد بأسلوب شعري رمزي، وهو حوار خاص بين عريس وعروسه (شولميت)؟ فما هي الطريقة المثلى لدراسته، وفك رموزه الكثيرة، حتى نحقق الاستفادة المثلى من دراسته؟ الإجابة: كُتب السفر بطريقة رمزية، ولهذا يستحيل قراءته بطريقة حرفية، ذلك لأنه سفر الحب المملوء بالمشاعر، والأحاسيس المقدسة الرقيقة. إن المشاعر عمومًا، ومشاعر الحب بالأخص من الصعب أن يعبر عنها في كلمات بسيطة، لكنها تحتاج لصور تعبيرية مجازية خيالية، ولهذا اخترع البشر الشعر، والأدب للتعبير عن أحاسيسهم. أنه من المفيد لفهم هذا السفر أن نلقي الضوء على الأسلوب الرمزي الذي كتب به السفر، وكيفية التعامل مع هذه الرموز والمصطلحات الكتابية، التي يذخر بها السفر، ثم نجيب عن المدلولات، والمعاني الروحية لبعض الأسماء، التي وردت بالسفر، والتي بسببها يهاجم البعض السفر، لأنه يريدون فهم معانيه بطريقة حرفية، ثم نكشف للقارئ العزيز عن أهم شخصيات وأبطال السفر، وذلك بالاستعانة بما ورد في أسفار الكتاب المقدس. أولًا: رمزية السفر: سفر نشيد الأنشاد سفر رمزي قصد به أمور روحية، لا تمت للأمور الحسية بصلة. وهذا السفر ليس هو الوحيد بين أسفار الكتاب، الذي استخدمت فيه الرمزية، لكن هذه الطريقة في الكتابة استخدمت في أماكن عديدة من الكتاب المقدس بعهديه. إن الطريقة الرمزية التي كُتب بها السفر تستخدم ألفاظًا، وتشبيهات لتوضيح معاني وأحاسيس روحية، ولم يقصد من هذه الكلمات مدلولاتها الحرفية كما شرحنا في الإجابة على السؤال السابق. إن استخلاص المعاني من الرموز والتشبيهات التي وردت بالسفر تحتاج من الدارس الإلمام بأمور ومصطلحات تاريخية، وجغرافية و.. و... وردت في أسفار أخرى من الكتاب المقدس، لأن الكتاب المقدس حقًا وحدة واحدة في بنائه، وأسرار كلمة الله واضحة لمن يجتهد في دراستها كقول الرب: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5: 39). ثانيًا: أهمية دراسة المصطلحات الكتابية في السفر: المصطلحات الواردة بالسفر تشمل أرقام وأسماء. فيما يلي نورد أمثلة على ذلك: ●الأرقام: رقم عشرة (10) يشير للوصايا الإلهية، ورقم سبعه (7) يشير لكمال الشيء، ورقم ثمانية (8) يشير للأبدية، والحياة الجديدة ورقم أربعة (4) يشير للعالم وثلاثة (3) للاهوت. ●أسماء البلاد: تكرر ذكر جبال جلعاد في السفر، لأن هذا المكان له مدلولات روحية تستمد معانيها من طبيعة هذه المنطقة، وأيضًا من حوادث تاريخية هامة حدثت في هذه المنطقة نذكر منها: 1. على جبل جلعاد تراءى الله لللابان، وحذره قائلًا: "أحترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر" (تك 31: 24)... هكذا يشعر المؤمن بالطمأنينة، ولا يتمكن أحد أن يمسه كيعقوب، الذي أنقذه الله من يد للابان... 2. امتازت منحدرات جبل جلعاد بوفرة العشب، فصارت مثلًا لحياة الشبع كقول الكتاب في سفر ميخا: "... لترع في باشان وجلعاد كأيام القدم" (ميخا 7: 14). 3. قديمًا كان البلسان ينبت في جلعاد، وهو يُعرف برائحته العطرة، وقد استخدمه الأطباء في شفاء الجروح، والأمراض، لهذا جاء في إرميا النبي: "أَلَيْسَ بَلَسَانٌ فِي جِلْعَادَ أَمْ لَيْسَ هُنَاكَ طَبِيبٌ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تُعْصَبْ بِنْتُ شَعْبِي؟!" (إر 8: 22). وكأنه على جبل جلعاد يعصب الطبيب الحقيقي -يسوع المسيح- جراحات شعبه، ويشفي أمراضهم ببلسان دمه المبذول على الصليب. ●أسماء الأشخاص أو الأشياء: مثال ذلك تشبيه العينان في السفر بالحمامتين. لقد شرح القمص تادرس يعقوب المدلولات الروحية لهذا التشبيه في الكتب المقدس مستندًا لأقوال الآباء قائلًا: "العينان جميلتان كعيني حمامة، لأنها في شبه حمامة الروح القدس، التي نزلت من السماء. لقد سبق فرأينا الرب يشبه كنيسته بعيني الحمامة، لأنها إذ تنظر على الدوام الروح القدس تتجلى صورته على عينيها؛ فيكون لها البصيرة الروحية البعيدة عن كل انطباع أرضي، أو جسدي، وتكون بسيطة لا تطلب إلاَّ ما لله، ولا تستريح إلاَّ في أحضان نوح الحقيقي (الرب لايسوع المسيح) كما فعلت الحمامة، التي انطلقت من الفلك". ثالثًا: التفسير الرمزي للسفر: اهتم العلامة أوريجانوس بالتفسير الرمزي للكتاب المقدس، وأشار إلى أهميته في شرح معاني الكتاب. فيما يلي نقتبس بعضًا من شرحه لأهمية التفسير الرمزي للكتاب المقدس: ●أسماء الأعمار المختلفة للجسد يماثلها أطوار أخرى روحية: يشرح العلامة أوريجانوس أن كلمات الكتاب المقدس عن الأعمار لم يقصد بها معناها الحرفي، لأن الإنسان يولد بحسب الإيمان طفلًا، ثم ينمو باطراد حتى يصل إلى إنسان كامل (أف 4: 13). وما يؤكد ذلك أيضًا قول الرسول: "لم أستطيع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين، كأطفال في المسيح، سقيتكم لبنًا لا طعام" (1كو3: 1- 2). إن الرسول بولس يستخدم مصطلح "طفل في المسيح" ليوضح عمر النفس، وليس عمر الجسد. ويقول في موضع آخر "لما كنت طفلًا كطفل كنت أتكلم، وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر. ولكن لما صرت رجلًا أبطلت ما للطفل" (1كو13: 11). وفى موضع آخر يقول: "إلى أن ننتهي.. إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح" (أف 4: 13). ●الأعضاء الجسدية الخارجية يماثلها أعضاء روحية داخلية: "وكما أن أسماء الأعمار، التي تكلمنا عنها تنطبق بنفس الدلالات على كل من الإنسان الباطن، والخارج، كذلك أسماء أعضاء الجسد، فإنها تطلق على أعضاء النفس، ومثال ذلك ما يلي: "الحكيم عيناه في رأسه" (جا2: 14). وفى الإنجيل "من له أذنان للسمع فليسمع" (مر4: 9). وأيضًا "أما أنا فكادت تزل قدماي" (مز 73: 2). وقول إشعياء "حبلنا، تلوينا كأننا ولدنا ريح" (إش 26: 18). ●ثمر الجسد وثمر الروح: كما أن الإنسان الخارجي يثمر بالتزاوج، كذلك الإنسان الباطن يثمر باتحاده الروحاني بالمسيح، وبعمل روح الله فيه، وبهذا المعنى نفهم قول الكتاب: "العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت" (1صم2: 5). وكما قيل في بركة الرب لشعبه قديمًا " لاَ تَكُونُ مُسْقِطَةٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ " (خر23: 26). وقوله: "مِنْ إِلهِ أَبِيكَ الَّذِي يُعِينُكَ، وَمِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي يُبَارِكُكَ، تَأْتِي بَرَكَاتُ السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَبَرَكَاتُ الْغَمْرِ الرَّابِضِ تَحْتُ. بَرَكَاتُ الثَّدْيَيْنِ وَالرَّحِمِ" (تك49: 25). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سفر نشيد الأنشاد |
سفر نشيد الأنشاد |
سفر نشيد الأنشاد |
تأملات في سفر نشيد الأنشاد |
نشيد الأنشاد |